للإعلام وظيفتان ، وظيفة بديهية كوسيلة لنشر الأفكار والمعلومات ، ووظيفة عملية مفروضة عليه كوسيلة دعاية ، مفروضة من ملاك الوسائل وأصحاب قرارها . الإعلام السيئ وحده من يمارس الوظيفة الإجبارية على حساب وظيفة البداهة ، على ظن أنه يرضى بهذا أصحابه ويحقق مرادهم ، بإسماعهم ما يودون سماعه ، بذلك يوقع الضرر بنفسه وبهم ، ويسلك لا محالة طريق القطيعة بينه وبين الرأى العام ، حتى وإن ظل الرأى العام يتابعه ، سيتابعه من قبيل شغل وقت الفراغ أو التندر ، لن يأخذه بجدية ، مما يسدد ضربة قاضية لدوره ، ولقضية أصحابه . الإعلام الخاص فى مصر الذى تفشى بعد انتفاضة يناير مثال مدرسى على الإعلام السيئ . فى المقابل استفاد الإعلام المملوك للدولة إيجابياً من التطورات التى تلت الإنتفاضة فى ترقية أدائه ومهنيته .. سآتيك بمثال واقعى على أى منحدر من السوء بلغه إعلام القطاع الخاص العلمانى ، أستقيه من أكثر صحفهم إتزاناً ومعقولية ، حتى تأخذ فكرة عما قد يكون عليه الأسفه الأضل ، لن أسمى الجريدة ، فقط ثق فى كلامى إنها الأكثر اعتدالاً ومهنية بين أبواقهم .. الموضوع فى سياق المظاهرة المزمعة يوم 30 يونيو التى يهددون بها منذ حين ، بغرض إسقاط حكم حزب الحرية والعدالة عن طريق إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ! ، ولا سبب للتبكير سوى رفضهم لفوز سواهم فى أى انتخابات جرت أو ستجري ، فإما أن يختارهم الناس أو يستمر التشويش والتهويش الى ما لا نهاية ! . فى تقرير أوردته تلك الجريدة على هامش دعوة أطلقتها المؤسسة العسكرية لحث الفصائل السياسية على التوافق ، كتب محرر التقرير على لسان من وصفه بالخبير العسكرى والمصدر المطلع (لم يفصح عن اسمه !) بأن الجيش يمهل الرئيس أسبوعاً ليستجيب لمطالب الشعب ! ، وإلا سينضم الى الجماهير ! ، أنا هنا أتقيد بنص ما جاء فى الجريدة ، وظنى أن لا خبير عسكرى تحدث ولا مصدر مطلع صرح ، وما هى إلا ادعاءات ، فهذه ليست مطالب الجماهير التى سبق وعبرت عن رأيها مراراً وبوضوح فى كل الإقتراعات السابقة ، إنما مطلب الفريق العلمانى الخاسر ، الذى لا أمل له فى فوز حتى إن أعيدت الانتخابات ، والذى ستؤول محاولاته لإغراء المؤسسة العسكرية بالإصطفاف معه الى بوار ، تماماً كما حدث من قبل ، لانها اختارت منذ البدء بيقظة ضميرها ووطنيتها الانحياز الى إرادة الشعب . الغريب أنه قد يتاح لك تزوير الخفي غير المعلن ، أما تزوير معلوم جرى إعلانه وبلاغه فأمر للبلاهة أقرب . الدعوة الى الوفاق السياسى تحدث بها وزير الدفاع الفريق السيسى فى مؤتمر علني سمعه وشاهده الكافة ، ولم يتضمن شيئاً مما أوردته الجريدة على لسان المصدر المطلع ! . فى نفس العدد كتب رئيس تحريرها مقالاً يحرض فيه بصورة غير مباشرة على الإعداد الجيد لمظاهرات 30 يونيو ، حتى تأتى بحشود أكثر عدداً مما حشده الإخوان قبل أسبوع فى ميدان رابعة العدوية ! ، وكأن الحشد والحشد المضاد هو الطريقة التى تفصل بها الديموقراطية فى المنافسات الحزبية .. السؤال الآن ، من أين سيأتون بالحشود وهم بغير قواعد جماهيرية على ارتباط تنظيمى معهم !؟ . القدرات التنظيمية للتيارات الدينية وسعة شعبيتها أظهرتها بوضوح حشود رابعة العدوية ، وليس للأحزاب العلمانية عُشر ذلك . نعم لها مؤيدون ، إلا أنه ليس التأييد الإيجابى ، من يؤيد لا يؤيد حباً فيهم إنما لموقف مبدئى من التيارات الدينية ، وبذلك هم غير مرتبطين معهم بأطر تنظيمية ، ولا مقياساً حقيقياً لشعبيتهم . أما الخطير الداعى للقلق أن من بين المعارضين لصعود الإخوان من هم قادرون على الحشد بإمكانياتهم المالية ، ولك أن تتخيل نوعية المتاح لهم حشده ، مافيات الشغب والجماعات المقتاتة على انفراط الأمن . للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (32) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain