(الإضراب ) في مصر أصبح بمثابة « عقوبة « يشنها الشعب ضد الحكومة ، وغالباً مايدفع ضريبتها الشعب الغارق في بحر الخلافات مابين الحكومة ومعارضيها ، فحينما يضرب سائقو « السيرفس « عن العمل في جميع المحافظات مطالبين الحكومة بشطب مخالفاتهم ، فإن المتضررين هم من طبقة العمال والطلبة وصغار الموظفين ، والذين ينعكس غيابهم على مصالح المواطنين الآخرين ، قس على ذلك اضرابات سائقي القطارات وسيارات الأجرة . وكأن « الإضراب « خرج من رحم الثورة ، وأصبح « لزمة « لدى الشعب المصري يقوم بها متى شاء ، وأين ماشاء ، غير آبه بالنتائج ، وتترافق مع سلوكيات أخرى أضيفت إلى قاموس الثورة « احتجاج ، مظاهرة ، مسيرة « . لكن مايدعو للاستغراب , هو أن كل تلك المسميات تغلغلت في دواخل أغلبية الشعب ، كما لم تكن حكراً على البالغين ، بل تعدته إلى المراهقين الذين تم إقحامهم في مسيرات لايعرفون حتى عناوينها , ولذلك لم أستغرب حينما أبلغني « جاري « بأن ابنه وزملاءه سينظمون وقفة احتجاج أمام مدرستهم الإعدادية للمطالبة بإقالة مدير مدرستهم بسبب صعوبة أسئلة امتحانات مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية , ولكنني ذهلت وأنا أرى تلك الأجساد الغضة وقد افترشت الطريق أمام باب المدرسة , وأحدثت عرقلة مرورية مستفزة انعكست آثارها السلبية على مستخدمي ذلك الطريق , ولم تؤثر على أعضاء هيئة التدريس .هنا في مصر , استفاد الجميع من المناخ الديمقراطي , وتظاهر الجميع , قضاة وأطباء ومحامون ومعلمون ورجال إعلام ، لكن لم تستجب الدولة إلا لمطالب القليل . ومع مطلع كل شمس يولد فيه حزب , يقابله في اليوم الذي يليه حزب آخر , حتى وإن كان الباعث له « السجع أو الطباق « , ف( تمرد ) أعقبها ( تجرد ) , ومولد حزب يناصر الحكومة ، يستوجب ولادة آخر يعارضها , لتبقى الساحة مشتعلة على الدوام , هذه الإفرازات تأتي بسبب قصر النفس لدى المصريين الذين ضربوا « الديمقراطية « على قفاها بعد أن طالبوا برحيل رئيسهم المنتخب قبل نهاية ولايته التي لم يبق عليها سوى القليل . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (24) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain