في مارس عام 2011 خرج المواطنون السوريون ، غالبيتهم من الشباب ، في درعا يتظاهرون بشكل سلمي مطالبين بتغيير النظام ، وواجههم نظام الأسد بإرسال الدبابات والمصفحات والطائرات .. فكانت ردة فعل الشعب السوري على العمليات الوحشية التي نفذها النظام بدرعا خروج الآلاف في عدة مناطق سورية تكرر نفس مطالب أهالي درعا بسقوط النظام ، وواجهها النظام بشكل وحشي .وتواصل الأمر، المواطنون يخرجون في مظاهرات بشكل سلمي والنظام يواجههم بالسلاح وتساقط القتلى من المواطنين العزل . وتحول المتظاهرون بالنتيجة إلى استخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم وحماية مناطقهم التي تمردت . "الربيع العربي " في سوريا لم يكن (ربيعاً) إطلاقا .. حينها كانت هناك ثورة شعبية في تونس تنحت القوات المسلحة عن مواجهتها ، وأتاحت لها النجاح وتلتها ثورة أخرى في مصر وفرت لها القوات المسلحة المصرية الغطاء لتتمكن من تغيير النظام ، وشاهدنا اليمن تتسم ثورتها بالتقاليد القبلية الدموية قبل أن يتدخل الخليجيون ويقنعوا النظام والقوات المسلحة بالتنحي وإتاحة الفرصة لليمنيين لإقامة نظامهم بالشكل الذي يرغبون فيه . وتدخل الناتو عسكرياً في ليبيا حتى يتيح ، للشعب الليبي إسقاط حكم القذافي .. ونتيجة لكل ذلك ساد الاعتقاد حينها أن ثورة الشعب السوري سيتحقق لها النجاح بنفس الشكل الذي تحقق لغيرها من شعوب ما أطلق عليه مسمى " الربيع العربي " ، إلا أن ذلك لم يتحقق.. لماذا ؟ السر يكمن في موقف الجيش .. فالقوات المسلحة في كل من مصر وتونسواليمن جرى تحييدها لصالح الشعب ، بينما تم تدمير جيش القذافي بأسلحة الناتو عندما لم يتمكن أحد من إقناعه بالوقوف مع الثوار ( الربيعيين) .. أما في سوريا فإن الجيش لم يتم الإتصال به أو إقناعه بالتنحي لصالح ثوار سوريا ، ولا أقدمت الناتو على تقديم الدعم لأولئك الثوار .. حيث وقفت روسيا تعلن أنها لن تسمح لشعب سوريا بالإنتصار على جلاديه في النظام الموالي لها . وهكذا تطور الوضع في سوريا إلى مأساة .. حيث تسلل (جهاديون) غير سوريين سيئو التصرف ( حتى وإن كانت نواياهم صادقة) محبين للظهور الإعلامي ، وأخذوا يعدمون ويقتلون بشكل وحشي أمام كاميرات المصورين مما ساعد النظام على استخدام تلك المناظر لتنفير الغرب من الثورة السورية ، ووجدت إدارة أوباما ، في أمريكا ، أنها فرصة لها للابتعاد عن المأساة السورية ، وشجع ذلك الروس على إرسال أساطيلهم (قيل إنها بدأت الانسحاب مؤخراً) وكميات كبيرة من السلاح والعتاد وعدد من الخبراء إلى سوريا ، وأتاح هذا الوضع لإيران أن تقوم بتصعيد دعمها للنظام في دمشق بشكل مثير للنقمة غير عابئة بالعالم العربي المؤيد للشعب السوري . إيران بطموحاتها تسعى إلى إشعال المزيد من نار الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة ، ويشاهد اليوم مقاتلون من قوات حزب الله اللبناني وفرقة أبو الفضل العباسي العراقية في مناطق من دمشق ، وجميعهم من العرب الشيعة ، وعندما عاد عدد من أعضاء حزب الله الشيعي إلى لبنان بعد معركة القصير أقاموا إحتفالات النصر بشكل طائفي أثار المزيد من مشاعر الفتنة بين الطائفتين السنية والشيعية . وفي حساب إيران أن الخلاف الطائفي سيكون بين العرب أنفسهم من الطائفتين مما يساعد على إثارة الفتن داخل العالم العربي ( لاحظوا ما جرى في مصر بما في ذلك إحتجاج وزير الخارجية الإيراني رسمياً على مقتل الشيعة المصريين ) ويشغل العرب بأنفسهم لتتمكن إيران من تقديم نفسها للمجتمع الدولي حتى يقوم بتمكينها من الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط أصالة ووكالة. مستقبل سوريا غير واضح في الوقت الحاضر ، والإحتمالات متعددة ، ومنها أن يعقد مؤتمر جنيف 2 ، في وقت ما هذا العام أو العام القادم ،ويتم الوصول عبره الى حل، وهذا احتمال ضعيف .. أو أن ينتصر الثوار وهذا تعترضه صعوبات جمة بسبب الدعم الأيراني والروسي غير المحدود . أو أن ينجح النظام وهذا أيضا لن يحدث إذ لدى الثوار ما يكفي من الدعم أو أن تنقسم البلاد بين الجماعات المقاتلة وتسقط الحدود القائمة فيما بين سورياولبنان والعراق فتقوم عدة دويلات صغيرة على أساس طائفي أو قبلي ، وهذا إحتمال وارد ولكنه سييء . أو أن تتواصل الحرب لسنين طويلة قادمة وهذا من أسوأ الإحتمالات. كما أن هناك احتمالاً لتسوية أقليمية ، أي تفاهم إقليمي أو دولي ، تشارك فيه عدة أطراف يضع حلاً يطبق في الداخل السوري .. فما الذي سيحدث ؟؟ [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (5) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain