استمع فريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والقضايا ذات البعد الوطني اليوم في جلسة عمله اليوم برئاسة النائب الثاني لرئيس الفريق علياء فيصل الشعبي، إلى محاضرة من الخبير الدستوري وزير الخارجية الموريتاني الأسبق محمد الحسن. تضمنت المحاضرة عدد من المحاور المتعلقة بتجربة كتابة الدستور، وبعض الأفكار في مجال العدالة الانتقالية، حيث أشار الخبير الحسن فيما يتعلق بملاحظات الدستور إلى موضوعين يتعلقان بمضمون الدستور وتشكيل اللجنة الدستورية. ولفت إلى جملة من القضايا الجوهرية التي لابد أن يتناولها الدستور، والتي تشكل الحد الأدنى في إعداد دستور لدولة في جمهورية ديمقراطية، تتعلق المسألة الأولى منها بطبيعة الدولة اليمنية. وقال:" لماذا طبيعة الدولة اليمنية تأتي على رأس قائمة الأمور التي يجب أن يتم تدوينها وكتابتها في الدستور ، لأن هذه المسألة حتمت إلى حد كبير في الأزمات المتتالية في هذا البلد، وهي اليوم أبرز قضية تنال اهتمام النخب السياسية في مختلف المحافظات". وأضاف :" لابد أن يوطد في الدستور إذا كان الاختيار هو الوحدة لا بد أن تؤسس تلك الوحدة على مبادئ معينة وإذا كانت تلك الطبيعة هي طبيعة وحدة قائمة على لا مركزية لابد من تحديد طبيعة تلك اللامركزية وإذا كانت أيضا طبيعة فيدرالية لابد أن يكون ذلك واضحاً" . وتابع قائلا :" مهما كان الشكل الذي سيتخذ يجب أن يضمن المساواة التامة بين المواطنين في هذا البلد، ويجب أيضاً أن يضع الخطوط الضامنة بصورة فعلية وليست كلامية بأن لا رجعة إطلاقاً لما قد تعرض له البلد من حيف وظلم وعدم مساواة وتهميش لهذا الطرف أو ذاك سواء كان في الشمال أو في الجنوب هذا أمر مهم أما المسميات سميها فيدرالية أو وحدوية أو لا مركزية هذه أمور في آخر المطاف وبالتحليل النهائي مسائل شكلية أما المضمون فهو القيم التي تنبني عليها طبيعة الدولة بصورة تضمن الحقوق المتساوية للوطن، وتحول بصورة نهائية ضد العودة إلى الممارسات السلبية الماضية". وأكد ضرورة أن يشير الدستور إلى طبيعة النظام السياسي، إذا ما تم استثناء النظام الملكي، فإن النظام الجمهوري بأشكاله الثلاثة الرئاسي والبرلماني وشبه الرئاسي الذي يقع بين الرئاسي والبرلماني. وحول أقرب هذه الأنظمة للحالة اليمنية أفاد الخبير الدستوري محمد الحسن بأن اليمن بحاجة إلى نظام قوي لأن البلد يخرج من أزمة طويلة ومعقدة ومتعددة الأبعاد بحيث لا يمكن أن يتصدى للتحديات التي تواجه اليمن إلا نظام قوي وسلطة تنفيذية قوية . وشدد في ذات الوقت على ضرورة أن تولي تلك السلطة الديمقراطية جل اهتمامها .. لافتا إلى أن اليمن لم يعد في الإمكان حكمه بصورة غير ديمقراطية فلا الشعب يرضى ولا المناخ الدولي يرضى بذلك ولا المصالح العليا لليمن أيضا قابلة بذلك وهو ما يستوجب استتباب وتعميق وتعزيز النظام الديمقراطي من خلال نظام قوي. وأشار الخبير الدستوري محمد الحسن إلى ضرورة أن يتأسس النظام على قواعد واضحة تضمن الحقوق والحريات، وأن يؤسس الدستور الجديد لليمن للدور الحضاري الذي يمكن أن تلعبه اليمن، إلى جانب الاهتمام بتوزيع الثروات العادل بين مختلف المحافظات من خلال مواد ثابتة في الدستور تضمن المساواة في مقدرات البلاد. وأوضح أنه يختلط لدى البعض الهدف مسألة طبيعة النظام الجمهوري والنظام السلطوي الديكتاتوري.. لافتا إلى أنه لا علاقة بين النظام الجمهوري والنظام الديكتاتوري. وحول تشكيل لجنة صياغة الدستور أشار إلى أهمية أن تمثل المكونات الأساسية في الحوار وأن تكون على دراية وخبرة وتمثل من أساتذة الجامعات والقضاة، وأن لا يكثر عددها .. مؤكدا أن أكثر عدد للجنة دستور ما بين 5 7 9 11 . وحول العدالة الانتقالية عرض الخبير الحسن، تجارب عدد من البلدان في هذا المجال. ودعا إلى ضرورة التعالي عن الجراح رغم صعوبتها والتي مضت عليها الكثير من التجارب في عدد من البلدان ، مبينا أن الصفح له شروط أبرزها أن يقبل به المظلوم ، وأن يطلب الظالم الصفح رغم صعوبته على الظالم والمظلوم. وتطرق إلى ضرورة أن يحتوي الدستور بنود معينة تتعلق بالعدالة الانتقالية. واختتم الخبير الدستوري وزير الخارجية الموريتاني الأسبق محمد الحسن محاضرته بالقول :" مهما بلغ الخبير من النصح لن تكون إلا ثانوية فالأمر أمركم والبلد بلدكم والإشكالية إشكاليتكم".. مؤكداً على ضرورة العمل الجدي لإخراج البلد إلى بر الأمان وضمان عدم العودة إلى الممارسات السلبية التي مورست خلال الفترات الماضية. وكان فريق العدالة الانتقالية ناقش خططه السابقة وقيم مستوى إنجازه لتلك الخطط، كما جرى مناقشة محددات خطط الفريق للفترة القادمة.