يظل "التعليم الجامعي" طموحاً لكل طالب منذ دخوله المرحلة الابتدائية حتى يتخرج من الجامعة، وهو الهدف الذي يصوب إليه الطالب بدقة، ويحدق نحوه بتركيز شديد، حتى يبلغه، ويحقق أحلامه من خلاله، لكن الكثير من تلك الآمال، والتطلعات، تصطدم بسياسة القبول لدى الجامعات التي ما زالت تستوعب أعداداً قليلة من حملة الثانوية، مقارنة بالأعداد المهولة التي تجتاز تلك المرحلة، وهي محملة بكل الطموح، والآمال، والتطلعات، فضلاً عن طموح الآباء وأحلامهم لأبنائهم الذين يتمنون لهم الحصول على تعليم جامعي، يسهم في الارتقاء بواقعهم، لكنها تتسرب وتتوقف عن التعليم، ويتوقف بالتالي طموحها وتطلعها. على "الجامعات السعودية" أن توسع قاعدة القبول؛ لتستوعب تلك الأعداد الهائلة من حملة الثانوية من الطلاب والطالبات، الذين يفقدون فرصة مواصلة التعليم العالي؛ بسبب تضييق الفرص، وحصر الجامعات القبول في مقاعد محددة، وتخصصات معينة؛ لأن توسيع فرص القبول لا يخدم الطلاب وحدهم، بل هو عمل وطني كبير، وله مردود إيجابي على الصعيد الأمني، والاجتماعي، والاقتصادي وغيره؛ كون الأعداد التي تتسرب ولا تحظى بنصيب من التعليم الجامعي - في الغالب - تصبح عالة على المجتمع والوطن، خصوصاً في ظل الطلب المتنامي على المؤهلات الرفيعة، وفي ظل الخطر الذي باتت تشكله البطالة على الفرد، والمجتمع، والوطن، وأثر ذلك على العلاقات الاجتماعية، ومستقبل الشباب، والفتيات، وتحقيق أحلام الزواج للجنسين، وتكوين الأسر، وتماسك المجتمع. إن توسيع فرص القبول بالجامعات بشكل يستوعب كل حملة الشهادة الثانوية، أمر تشجع عليه الدولة وترعاه، بل يأتي ضمن خططها؛ لتوفير التعليم العالي لكل أبناء الوطن، حيث شيدت العديد من الجامعات، وزودتها بكل الإمكانات المادية، والتقنية، والبشرية، وخصصت لها ميزانيات تقدر بمليارات الريالات، وهي تكفي - إذا ما رشدت ووضعت لها الخطط المناسبة - لاستيعاب أضعاف الأعداد الحالية، وتسهم في التوسع الأفقي، والرأسي للتعليم العالي، بالشكل الذي يحل كل مشكلات القبول لدى الطلاب، والطالبات في مختلف مناطق المملكة. واهتمت الدولة بالتعليم بكل مراحله، خصوصاً التعليم العالي، ورصدت ميزانية توازي ربع الميزانية العامة للدولة لهذا القطاع بمراحله المختلفة، وذلك إيماناً منها بأهمية أن ينال كل مواطن حظه من التعليم، وأن ينال كل طالب فرصته للتعليم الجامعي، فانتشرت الجامعات، والكليات، في مختلف المحافظات، وزادت أعدادها في فترة وجيزة أضعافاً كبيرة، وهذا يدل على أن الدولة تقف مع عملية القبول وتساندها، بل وتوفر لها كل المقومات. إن استيعاب المزيد من الطلاب في الجامعات في مختلف التخصصات، يعني المزيد من بناء الإنسان، والمزيد من تنمية الوطن، وحل الكثير من مشكلات المجتمع، وفي مقدمتها المشكلات الاجتماعية، والاقتصادية، بل يحقق الطموح في توطين الوظائف في مجالات يمكن استحداثها بالجامعات، والكليات، والمعاهد العليا، على أن يتم التركيز على التخصصات التي تخدم المجتمع، وتلبي متطلبات سوق العمل. إن من يطلع على الميزانيات المهولة التي تخصص للجامعات، والمساحات الشاسعة من الأراضي التي تبنى عليها، وكذلك المباني الكبيرة الحديثة، وما يتوفر لديها من الأجهزة، وأعضاء هيئة التدريس، يصاب بالحيرة والدهشة، وهو يرى عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات يحرمون من مواصلة التعليم، لا لعذر أبداً غير ذريعة (عدم وجود فرص للقبول)، مع أنهم من حملة النسب العالية، والمجاميع القوية التي تعكس المجهود الذي بذله هؤلاء الطلاب؛ طمعاً في الحصول على مقعد جامعي، يحقق من خلاله مستقبله، ويلبي طموحه، وتطلعه، وهذا يعزز فكرة ضرورة أن تعيد الجامعات حساباتها وقراءتها لفلسفة القبول، وآلياتها، ومعاييرها؛ لتتسع الجامعات لكل من يحمل شهادة تؤهله لنيل التعليم الجامعي عن جدارة؛ لأن في ذلك خدمة الوطن، وبناء الإنسان، وخدمة الأمن، والاقتصاد، والتنمية، والمجتمع.