قال لى رفيق وهو ينقر على صحن كوب الأيس الكريم الذى أمامه : ماضى مصر نعرفه ، وحاضرها نعيشه ، أخبرنا بما تتوقعه عن المستقبل يا قارئ الفنجان .. أجبت : على المدى الأبعد لا يصح لرائى غير التفاؤل ، ما يجوز أن تقلق بشأنه الى أى مدى هو بعيد ؟ ، منذ البداية كما تعلم كنت أحبذ تولي المؤسسة العسكرية أمر المرحلة الانتقالية ، فهو الخيار العملى الوحيد ، ولسبب مفهوم لم تك راغبة فى أن تتصدر الواجهة ، لذلك تركت للآخرين أمر إدارتها ولو جزئياً ، بينما لا يوجد آخرون من الأساس ! ، حتى نبحث صلاحيتهم لذلك أو قدرتهم عليه . المفترض أن تؤدى الأحزاب والقوى السياسية تلك المهمة ، وهى غير موجودة ! ، لأن النظام القديم (الجمهورية الأولى) لم يسمح لها بوجود ، الأحزاب العلمانية بالذات كيانات وهمية ، أما الجماعات الدينية قديمها وجديدها فلم تُعط الفرصة أبداً كى تتحول الى أحزاب بالمعنى الفنى . فى مناخ كهذا قل لى بالله عليك الى من تفوض إدارة مرحلة انتقال ؟ . عندما قلت لك أن ليس ثمة بديل عملى للمؤسسة العسكرية اتهمتنى بالتناقض . ذابت بقايا الأيس كريم فاحتساها شرباً ثم تساءل بنبرة من عنده الجواب : حسناً ، الى أى مدى المؤسسة مناسبة لأداء المهمة ؟ .. بعد تروٍّ أجبت : ربما كنتُ مغروراً الى حد ادعاء قراءة حركة التاريخ وتخمين مآلاتها ، أما أن أدعى علماً بنوايا الغير فسأحتاج الى جرأة قارئ فنجان ، فقط أقول لك إن من يتصدى لهذه المهمة وغيرها لن يملك القدرة العملية على أداء مهمته ، التجربة خير برهان ، ها قد رأيت نتيجة العجلة فى تفويض المهمة لمن تأتى به صناديق الإقتراع وهو غير مؤهل عملياً ولا نظرياً ، وما أدى اليه ذلك من الوقوع فى شرك الشبهات ، لأنك اعتمدت آلية تبدو ديموقراطية فى نسيج اجتماعى سياسى غير ديموقراطى ، قلت لك (تبدو) لانها كى تكون كذلك حقا لا بد أن تجرى فى وعاء ديموقراطى ، والوعاء لم يتهيأ بعد .. صمتُ مبتسما للحظة حتى ألفت نظره لأهمية ما سيلي ، ثم أدرفت : هل تعرف ما معنى هذا ؟ ، معناه إن لم تك ثمة شرعية ديموقراطية ثم جرى إجهاضها ، بالتأكيد كان هناك إرادة ناخبين عبرت عن نفسها أكثر من مرة ، لكنها لا تعطى شرعية ديموقراطية إلا فى نظام ديموقراطى ، بينما عمل المرحلة الإنتقالية تأسيسه لا افتراض أنه معطى قائم . الذى حدث أننا افترضنا وجوده بناء على فرض آخر أشد شططاً ، هو اننا تجاوزنا النظام القديم ، كلا الفرضين غير صحيح ، لا نظام جديد تأسس ولا القديم تلاشى . سرّب ضحكة خافتة مقتضبة ، ما لبث أن أفصح عن معناها قائلا : لو سمعك الأخوة فى التيار الدينى سيتهمونك بأنك من سحرة فرعون .. رددت الضحكة بمثلها وقلت : مشكلتك يا رفيق أنك لا تحسن الإصغاء ، لأنك مشغول بسؤال مع من أنت ؟ . الإتهام بالسحر خدمة لفرعون موجه لمدرسة إعلامية بالتأكيد تستحق الشجب ، لولا أن فيه ظلماً لسحرة فرعون ، الذين ضحوا بالعاجلة رغم بريقها فى سبيل آجلة لا تدرك إلا بالقلب ، فطوبى لهم سكنى جنان الخلد ، أما المتهمون فما هم بسحرة إنما حواة ، وهى درجة تضليل أدنى ووقحة السذاجة ، لأنك لا تستطيع إنكار فعل ساحر يأتيك ببرهان ملموس ، بينما تعلم أن الحاوى مخادع ، فهو يحاول خداع من يعرفون أنه مخادع !! . قلت لك أن الجانب الأكبر مما بدا لك وكأنه إنحياز منى للإخوان مرده الى انزعاجى من سلوك حواة خصومهم ، وهذا السلوك الآن على أشده ، وسيدفع حتى المعترضين على الإخوان الى التعاطف معهم ، اعتبرها ضريبة السفه الإعلامى . للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (32) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain