من العلامات البارزة فى حادث عزل الرئيس المصري محمد مرسي الغضب في المظاهرات على إدارة أوباما لدعمها الإخوان المسلمين بادئ الامر. ويتقاطع هذا مع التصور في الشرق الأوسط الذي يرى أن نظرة أمريكا للإخوان المسلمين نظرة عطف قد يكون مبالغًا فيه، لكنه ليس بلا أساس تمامًا. ففي واشنطن مدرسة تؤمن حقا وصدقا بأن الإخوان المسلمين أصبحوا منظمة معتدلة، وزاد تأثيرها في مقرري السياسات منذ أن كانت إدارة بوش. من السابق لأوانه كثيرًا إلى الآن أن نجزم هل يفضي عزل مرسي إلى انهيار هذه النظرية السياسية المخطئة أم تعود لتظهر على خلفية أحداث الربيع العربي في دولة عربية أخرى. وفي واحد من تقارير ال" سي.ان.ان" ظهرت جموع في ميدان التحرير ترفع لافتات كُتب فيها "يا أوباما توقف عن دعم النظام الفاشي للإخوان المسلمين". ووجهت طائفة من اللافتات أيضًا إلى السفيرة الأمريكية في مصر آن بترسون. فما هو مصدر تصور المتظاهرين هذا؟ تبين لبترسون قبل عزل مرسي في السابع من تموز أن كثيرين في مصر آمنوا وما زالوا يؤمنون بأن الولاياتالمتحدة تتعاون مع الإخوان المسلمين. وتطرقت بترسون الى هذا الشأن في محاضرتها في 18 حزيران في مركز إبن خلدون وكانت ترمي "الى التدقيق في الأمور". فقد زعمت انه يوجد من يريدون تفسير العلاقات بين سفارة الولاياتالمتحدة والإخوان المسلمين على مر السنين بأنها "شهادة على مؤامرة بعيدة الأمد لتأييد الإخوان المسلمين من أجل الإفضاء الى تغيير حكم الرئيس السابق حسني مبارك". وبيّنت للجمهور ان جميع الدول "تحتفظ بعلاقات بجهات ليست في الحكم". وكان منطقها بسيطا: "إن المجموعات المقصاة اليوم قد تصبح قائدة الغد". وقد تكلمت في مقدمة خطبتها على نحو عبر عن تحفظ من التظاهرة التي خُطط لها على مرسي: "هناك من يقولون إن الخروج الى الشارع سيفضي الى نتيجة أفضل من الانتخابات. وأقول للحقيقة إن الادارة وأنا نشك في هذا شكا كبيرا". ورأى معارضو الاخوان المسلمين في مصر في كلام بترسون تدخلا مباشرا في السياسة المصرية الداخلية. وكان الذي أغضب المصريين أكثر اللقاء الذي أجرته بترسون في الاسبوع نفسه مع خيرت الشاطر، نائب رئيس الاخوان المسلمين في مصر والزعيم الأكثر هيمنة في الحركة. إن لقاء السفيرة مع اشخاص رسميين منسوبين الى الاخوان المسلمين قد يُرى مشروعا في نظر الحلقات المصرية العلمانية، لكن اللقاء المذكور الذي تم في غير اطار حكومي فسره معارضو مرسي بأنه محاولة لمنح الاخوان المسلمين شرعية حتى لو كان قصد السفيرة مختلفا. وشعر وزير الخارجية الامريكي جون كيري، في محاولة لصد موجة الاشاعات المتعلقة بالعلاقات بين واشنطن والاخوان المسلمين، بحاجة الى التطرق الى هذا الشأن فقال: "نحن نرفض رفضا باتا الدعاوى التي لا أساس لها التي تصدر عن جهات في مصر وتقول ان الولاياتالمتحدة تؤيد الاخوان المسلمين في مصر أو كل حزب أو حركة سياسية". لكن هذا الزعم أصبح فرضا معلوما في أنحاء الشرق الاوسط. فقد ورد تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" أن تقدير أمر الدعم الذي يحظى به الاخوان المسلمون من الادارة الامريكية قد أُثير عند زيارة وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون للقاهرة قريبا من الموعد الذي أعلن فيه مرسي أنه يمتلك صلاحيات تفوق صلاحيات الجهاز القضائي. ويعتقد من يؤيدون في الغرب التعاون مع الإخوان المسلمين ان الحديث عن بديل أفضل من القاعدة ومجموعات جهادية أخرى تتجه هي ايضا الى جيل الشباب في مصر. لكن التاريخ أثبت خلاف ذلك. فحينما تولى الاخوان المسلمين الحكم في السودان رعوا قادة جهاديين من اسامة ابن لادن الى قادة حماس بل مكّنهم الاخوان من بناء معسكرات تدريب في تسعينيات القرن الماضي. ولم تبالغ ادارة مرسي الى هذا الحد، لكنها منحت العفو عن قادة جهاديين كانوا في السجن المصري مثل مصطفى حمزة زعيم منظمة الجماعة الاسلامية الذي كان مشاركا في محاولة اغتيال الرئيس مبارك وفي مذبحة الأقصر في 1997 التي قُتل فيها 62 شخصًا. ووعد مرسي ايضا بالعمل على الافراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، الذي أرشد الى أول عملية في مركز التجارة العالمي في 1993، وفي الآونة الأخيرة، في شهر آذار الماضي، ضغط مرسي على الاكاديمية العسكرية المصرية كي تقبل في صفوفها اعضاء الاخوان المسلمين وجهاديين متطرفين آخرين أيضًا. وقد تعاون الإخوان المسلمين تعاونا وثيقا مع حماس. وفي الحادي عشر من آذار اعترف جنرال مصري في صحيفة "البيان" في دبي بأن الاخوان المسلمين يضغطون على وزير الدفاع السيسي ليغض النظر عن النشاط في الأنفاق التي تصل قطاع غزة بسيناء.