تجاوزت كثير من خطوط الطيران ومطارات العالم، حالة سوء التنظيم الذي تعيشه بعض المطارات البائسة في بعض المجتمعات العربية، وحرصت منذ زمن طويل على تقديم خدماتها الإنسانية، ورفع قُدراتها الاستيعابية، وطوّرت كفاءتها التشغيلية، ليس لشيء، إلا لأنها "تحترم" ضيوفها من المسافرين، وتعتبر مطاراتها الدولية، واجهتها الحضارية، وانطباع المسافر الأول والأخير عنها. من أكثر ما جذب انتباهي، التزام الناس في المجتمعات المتقدمة بثقافة الانتظار، وانتظامهم في طوابير طويلة في المراكز الترفيهية والمجمّعات التجارية، دون ملل أو تأفّف أو تجاوز لغيرهم، في إشارة إلى "احترامهم" الأنظمة العامة، ولأن "الجميع" هناك ينتظر. في كثير من المجتمعات الأخرى، لا يمكن تحقيق مبدأ "القيادة فن وذوق وأخلاق" فحسب كما هو مفترض، بل أيضا جعل قيادة السيارة متعة في طرق وميادين منظّمة، تُطبّق فيها قوانين مرور متحضرة، وسلوكيات عامة منضبطة. يمكن للشخص غير المدخن في كثير من تلك المجتمعات، أن ينعم ببيئة خالية تماما من دخان السجائر، في صالات المطارات، والمجمّعات التجارية، ووسائل النقل، وكثير من المطاعم، فتلك المجتمعات "تحترم" حق الناس في استنشاق هواء نقي من الأذى والسموم. أما خدمة الزبائن، فتلك المجتمعات تنظر إليها نظرة "احترام"، لأن القائمين عليها يعلمون أن رواتبهم الشهرية، أساسها جيوب الزبائن، وأن التقصير في الأداء، يعني الفشل في مهمة صعبة، هدفها الحفاظ على مستويات خدمة "محترمة". تعلو الابتسامة وجوه معظم العاملين في خدمة السائحين في المجتمعات الغربية، فحتى عامل النظافة لديهم، يُعامَل "باحترام"، فهو يعمل "كالجميع" وفق نظام يحفظ الحقوق، ويراقب أداء الواجبات. ملعب كرة قدم في مدينة أجنبية، يمتلئ بسبعين ألف متفرج، ثم ينفضّ مشجعو الفريقين بعد انتهاء المباراة في وقت قياسي، بنظام عجيب، دون اختناقاتٍ مرورية، أو ضجيجٍ مزعج أو شغَب، ومن غير كارثة قاذورات ومهملات مبعثرة، فإدارة السلوك الشخصي للأفراد، أساس إدارة الحُشود. من خلال السفر، يتعرّف الإنسان على طرق معيشية أخرى، وسلوكيات اجتماعية مختلفة، يُقرُّها العقل والمنطق والدين، وليست بالضرورة "غير محترمة". [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (92) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain