يقف التاريخ شاهداً على تجارب دموية، وكوارث بشرية، بعضها تحت شعارات دينية، وحميّة الجاهلية ودعوات عِرقية، وطموحات سُلْطوية، نشَرت الظلم والتمييز العنصري والغبن الفئوي حتى بين أبناء المجتمع الواحد. وبعد عهود من تدهور الأحوال الاجتماعية الإنسانية والاقتصادية، فطِنت كثير من المجتمعات المتقدمة إلى ضرورة التوافق الاجتماعي للحفاظ على المُقدّرات البشرية والمادية بها، فكرّسوا مبادئ العدل والمساواة، وحِفْظ الحقوق الشرعية والاجتماعية، وضمان المعوزين والعاجزين، ووضع أنظمة إدارية يتم مراجعتها وتعديلها بصورة دورية، والتأكد من صلاحيتها للتطبيق بشفافية، للحفاظ على كرامة الإنسان، بغض النظر عن مرجعيته العرقية أو الثقافية أو الجنسية، مادام يحترم المنظومة المُجتمعية، وحق الآخرين في تقرير مصيرهم وفق ضوابط دينية وأمنية وسلوكية، لاتضرُّ بغيرهم. كما حرصت تلك المجتمعات على تقييم الفرد وفق معايير حقوقية، تحاول تحييد مرجعيّته الدينية أو المذهبية حين الاحتكام إليها، وتعمل على تقييم الفرد حسْب أنظمة تشجِّع على العمل والإنتاج الفكري والتقني، و تُحقق مفهوم "من جدّ وَجد، ومن زرَع حَصد" لفتح باب التنافس الشريف، بعيداً عن الواسطة، و تُحاسب من تسوّل له نفسه تجاوز الأنظمة، وتُعاقب كاسر القوانين، وهادر الأموال العامة، دون مراعاة أصله وفصله، فالناس - كما علّمنا الإسلام - سواسية، لافرق بينهم إلا بالتقوى والالتزام الأخلاقي السلوكي، فانتماءات الأفراد الدينية أو الفئوية، ومرجعياتهم الثقافية والعِرقية، لا يجب أن تكون معوقات لتطبيق القانون، كما أن قوة إيمان الشخص، ومدى التزامه بالفرائض والعبادات، لا يزن كثيرا عند توليه أمراً من أمور الناس، أو لدى محاسبته نظاما، فالكفاءة والأمانة هي المرجعية، لتتحقق بذلك الأهداف الاجتماعية النبيلة، ضمن مفهوم عميق، ألا وهو "الوطنيّة". [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (92) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain