انحسر التشنج السياسي في لبنان أمام الوضع الامني المنفلت الذي خلف انفجاراً ضخماً في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية، ومزيداً من السيارات المعدة للتفجير كان آخرها في الامس، حيث كشفت القوى الامنية عن وجود عبوة معدة للتفجير ومحملة بكميات ضخمة من مادة ال"تي.ان.تي"، في منطقة الناعمة جنوببيروت. بيروت (فارس) ومساء السبت تم الاشتباه بسيارة مركونة في مرآب أحد الأبنية في الناعمة، وتبين انّ السيارة من نوع "أودي" وتحتوي على 5 صناديق من مادة ال"تي.ان.تي"، إضافة إلى كمية كبيرة من مادة النيترات، وفتائل، وصواعق. وقدرت زنة المواد التي عثرت عليها بحوالى 250 كيلو غراما، لكنها لم تكن معدّة للتفجير. ولم يعرف إن كانت السيارة ستعد للتفجير لاحقاً في منطقة الناعمة أو سترسل إلى الضاحية أو منطقة أخرى. وأكدّت مصادر أمنية أنّ القوى الأمنية بالتعاون مع "حزب الله" اكتشفت مؤخراً أكثر من 33 سيارة مفخخة خلال الأسابيع الأخيرة المنصرمة، وأنّ الحزب قد زاد من جهوزيته الأمنية بنسبة عالية تخوفاً من أحداث أمنية مماثلة. وعلى ذلك، فإنّ الحزب يقوم بخطوات لزيادة الاحتياطات الأمنية تحسباً للمزيد في مواجهة المجموعات التكفيرية الارهابية التي تتوجه أصابع الاتهام الأولى اليها في التفجيرات التي طالت الضاحية. كما تمكنت المديرية العامة للامن العام من القاء القبض على شبكة مؤلفة من اربعة اشخاص لها صلة بالسيارات المفخخة التي توضع في مناطق الضاحية الجنوبية. إذاً، يتنقل مسلسل العبوات الناسفة إلى أكثر من منطقة، حيث ينذر بما هو أسوأ خاصة اثر الحديث عن انّ لبنان انتقل من مرحلة الوقوف على حافة الهاوية الى الانفجار الكبير، تزامناً مع انعدام الحلول والضوابط الأمنية، وخصوصاً مع تنامي حركة المجموعات المسلحة الداعمة للثورة السورية والتي هددت مراراً بضرب معقل "حزب الله" في الضاحية الجنوبية، إثر دخول أعداد كبيرة من النازحيين السوريين الى لبنان بطرق شرعية وغير شرعية. ويشير المحللون السياسيون الى انّ الاضطرابات الامنية الاخيرة ليس بالضرورة ان تُترجم حرباً أهلية مرتقبة فأي من الاطراف لا يريد ذلك في الوقت الراهن، وكذلك لا تريد الدول الكبرى، وقد نقلت مصادر دبلوماسية انّ الولاياتالمتحدة الاميركية وفرنسا اتفقتا مع المملكة السعودية على عدم نقل الحرب الاهلية من سوريا الى لبنان. وفي المقابل ثمة من يؤكد بانّ الدول الكبرى تسعى الى نقل الربيع الفتنة الى لبنان للقضاء على "حزب الله" وحلفائه الداعمين للنظام في سوريا، وعليه فإنّ اوراقاً كثيرة تُستخدم للضغط على الحزب كان آخرها ادراج الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب الأوروبية، وكذلك فعل سابقاً مجلس دول تعاون الخليج الفارسي، اضافة الى المزيد من الاختراقات الاسرائيلية، وتمثل ذلك في حادثة اللبونة في جنوبلبنان. وأمام الواقع الأمني المتفلت، ثمة طبقة سياسية حضنت الانقسام السياسي فولدت الانفجار الأمني الكبير، في الوقت الذي بات فيه تشكيل الحكومة الجديدة مسألة مستبعدة وكذلك أي محاولة جدية لانتاج قانون انتخابي جديد اضافة الى تعنت الافرقاء السياسيين المستمر لعدم الجلوس الى طاولة حوار واحدة للتوافق على بعض الامور التي يمكن أن تمنع البلد من الانزلاق نحو الهاوية. وعليه فإن التعاطي السياسي مع الاحداث الامنية يُعد كارثة وطنية يبدو من خلالها الافرقاء متفقين على جملة الاستنكارات التي ترافق كل حدث امني دون البحث في التوصل الى الحلول المفروضة لتجنب لبنان المزيد من الخسائر البشرية. /2336/ 2811/