د. إبراهيم عباس أخيرًا استؤنفت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بالرغم من العوائق الكثيرة التي ظلت تقف في طريقها منذ وصول نتنياهو إلى السلطة، لكن اللافت أن المفاوضات الجديدة تختلف كثيرًا عن المفاوضات السابقة، لاسيما بالنسبة للغموض والتناقضات في مواقف الفلسطينيين والإسرائيليين والأمريكيين، فقد وافق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على التفاوض مجددًا رغم رفض غالبية أعضاء اللجنة المركزية لفتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورغم إعلان إسرائيل صراحة رفضها العودة إلى حدود الرابع من حزيران 67 وموافقتها على بناء أكثر من ألفي وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية وحدها استباقًا لبدء المفاوضات الجديدة، ورغم الشروط الصعبة التي فرضت على الفلسطينيين بدءًا من التعهد بعدم التوجه للأمم المتحدة لطلب العضوية في هيئاتها المختلفة، وليس نهاية بعدم السماح لهم بالانسحاب من تلك المفاوضات، رغم ذلك كله، وافق الفلسطينيون مرغمين على مفاوضات يعلمون مسبقًا أن نجاحها يعتبر ضربًا من ضروب المستحيل، وتمثل الثمن المقابل لذلك كله الإفراج حتى الآن عن 26 فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية معتقلين قبل أكثر من 20 عامًا. لابد وأن تلفت المواقف الأمريكية المتناقضة نظر المراقب، فقد رأى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن لا غضاضة في القرارات الإسرائيلية الاستيطانية الجديدة "التي لا ينبغي أن تدعو الفلسطينيين إلى مقاطعة المفاوضات"، ورأى في الوقت نفسه أن "كل المستوطنات غير شرعية"، وهو يعلم علم اليقين أن تزامن توسيع الاستيطان مع بداية المفاوضات الجديدة يهدم فكرة حل الدولتين من الأساس، لا سيما بعد إعلان إسرائيل أن البناء الاستيطاني الجديد سيتم في مناطق تنوي إسرائيل الاحتفاظ بها، وهو ما يوحي بأن إسرائيل تفرض رؤيتها لحدودها قبل مفاوضات الحل النهائي. سألت أحد الأصدقاء لماذا وافق أبومازن على استئناف المفاوضات وهو يعلم مسبقًا أنها لن تختلف عن المفاوضات السابقة التي استمرت نحو عشرين عامًا لم تحقق خلالها شيئًا يُذكر للفلسطينيين، بينما حققت لإسرائيل حلمها الأكبر: الأمن وتهويد القدس تقريبًا، أجاب ساخرًا: إسرائيل لن توقف الاستيطان سواءً استأنفت المفاوضات أم لا، والوضع العربي الراهن وضع القضية الفلسطينية في آخر اهتماماته قياسًا بما يحدث في مصر وسوريا والعراق ولبنان وتونس وليبيا واليمن، وأصبح الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني حالة مزمنة، وربما إن الفائدة الوحيدة للعودة إلى المفاوضات تذكير العالم بالقضية الفلسطينية وبحل الدولتين!.