هل تفهمون ما يحدث منذ بداية العام 2011 في وطننا العربي السعيد ؟ أنا شخصياً كنت أعتقد ولعدة مرات أنني فاهم وعارف ، لكن تطورات الوضع في معظم بلاد الوطن العربي ، واضطراب الأحداث وانتقالها من اليمين إلى الشمال ومن الشمال إلى اليمين في لحظات معدودة ، جعلني أعترف وبكل تواضع أنني لم أفهم ولا أعتقد بأنني سأفهم . ما يحدث يفوق خيال كتاب الروايات البوليسية أو كتاب سيناريوهات الخيال العلمي في السينما . هو مين ضد مين ، ومين مع مين.. ؟ طبعا لا أحد يفهم . لكن المشكلة أن الكل يعتقد أنه قادر على رؤية المشهد ، بل إن معظم الناس يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة وقادرون على تفسير كل ما يجري . الحقيقة الوحيدة المستفادة من كل ما يجري من أحداث ، تتلخص في فساد اعتقاد كل من يدعي بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة . في السياسة ليس هناك مكان للحقيقة ، ناهيك عن الحقيقة المطلقة . وعندما تصل الأمور حد التأزم وفقدان الثقة ، يصبح التحزب والاصطفاف سيدي الموقف . لا فرق في ذلك بين تحزب لوجهة النظر أو تعصب للأيديولوجيا أو للطائفة أو للتيارات السياسية المتناحرة . التحزب يوصل المرء إلى التعصب ، والتعصب يحول بين الشخص وبين القدرة على الرؤية . كل المتحزبين متعصبون ، وكل المتعصبين عُمي ، والعمى لا ينتج إلا المزيد من العتمة ، خصوصاً لو ظن الأعمى أنه بصير وقادر على رؤية كل شيء . نحن لا نعيش معارك وطنية أو دينية كما تعتقد غالبية الناس . نحن نعايش صراعات سياسية تتقاطع فيها المخططات الدولية بالمشاريع الإقليمية بالأجندات الحزبية . ولأننا في صراع حقيقي ومفتوح وقاسٍ ، فإن استخدام كل الأوراق والأدوات أصبح مشروعاً ، بل ومطلوباً أيضاً . أما الوتر الذي يلعب عليه الجميع فهو العاطفة ، لا فرق في ذلك بين عاطفة إنسانية محضة ، أو عاطفة وطنية ، أو عاطفة قومية ، أو عاطفة دينية . ولأن العواطف ليست كلها رشيدة ، ولأن البعض منها غير صحي ، فإن ظاهرة التحزب وما ينتج عنها من هيجان ورغبة في استئصال المختلف ، تضخمت لدرجة أصبحت تنذر بحدوث ما لا يمكن تصوره من كوارث . لقد أصبحت الشعوب في وطننا العربي كالكرة التي تركلها الأقدام ذات اليمين وذات الشمال . إنها تقف اليوم مع من وقفت ضده بالأمس ، دون أن يكون لديها تصور واضح للمستقبل . ما أقسى أن تعيش دون أن تفهم ، وما أقسى أن تعيش وأنت تظن أنك تفهم ما لا سبيل لفهمه . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain