الاثنين 02 سبتمبر 2013 01:25 مساءً الناصرة ‘القدس العربي' قال الجنرال عاموس يدلين، مدير مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب وقائد شعبة الاستخبارات العسكرية سابقًا في الجيش الإسرائيلي إن العدوان المحتمل من قبل أمريكا ضد سورية يحمل في طياته العديد من المصالح التكتيكية والإستراتيجية للدولة العبرية. وجاء ذلك في دراسة نشرها الجنرال المتقاعد أمس وقال فيها إن المصالحة التكتيكية الأولى بالنسبة لتل أبيب تكمن في أن الضربة ستُلقن الأسد درسا مفاده أن من يستعمل الأسلحة الكيميائية، ضد إسرائيل، سيدفع ثمنًا باهظًا، ولفت إلى أن العدوان بات مهما جدا لإسرائيل لكي تثبت أمريكا للعالم برمته أنها ما زالت مؤثرة على ما يجري في المنطقة وأن ردعها ما زال قائما وإعادة الثقة بقوتها في الشرق الأوسط، لافتًا إلى أنه منذ اندلاع الاحتجاجات في العالم العربي تراجع الدور الأمريكي في المنطقة وفقدن تقريبا قوة الردع التي كانت تملكها، وبالتالي فإن العدوان على سورية سيعود بالإيجاب على حليفاتها في الشرق الأوسط وفي مقدمتهم إسرائيل، على حد قوله. وتابع أنه من مصلحة إسرائيل المحافظة على الهدوء على الجبهة الشمالية مع لبنان وسورية، وحتى إذا تمت مهاجمتها، فإن القرار بالرد يجب ألا يكون أوتوماتيكيًا وعلى صناع القرار في تل أبيب دراسة استيعاب الضربة دون ردٍ. علاوة على ذلك، أشار الجنرال يدلين إلى أن تصميم أمريكا على معاقبة سورية لاجتيازها الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس أوباما، هو بمثابة رسالة قوية لإيران بأن واشنطن تُخرج إلى حيز التنفيذ تهديداتها، وعندما أكدت على أنها لن تسمح بتحول إيران إلى نووية، فإنها ستعمل أيضا من أجل منع هذا التحول، مؤكدا على أن الائتلاف الذي سيُقيمه الرئيس الأمريكي ضد سورية سيكون موجهًا أيضًا ضد إيران في المستقبل. واستعرض يدلين المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية من العدوان الأمريكي ضد سورية قائلاً إنه من المهم جدًا لتل أبيب منع فوز المحور السوري الإيراني وحزب الله في الحرب الدائرة فير بلاد الشام، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تقوية هذا المحور، وحتى من الممكن أنْ يُشجع حركة حماس على العودة إلى هذا المحور، وبالتالي أكد على أن مصلحة إسرائيل الإستراتيجية تكمن في إضعاف هذا المحور العدواني، على حد تعبيره. كما أشار إلى أنه من مصلحة تل أبيب أن تنتهي الحرب في سورية لصالح المعارضة وإقامة دولة مؤيدة للغرب، والتي ستترك إيران والتنظيمات الإرهابية، ولفت إلى أنه في الماضي غير البعيد درست إسرائيل إعادة أراضٍ في الجولان المحتل مقابل وقف التعاون السوري مع التنظيمات الإرهابية، ولكن الحرب الأهلية جاءت لكي تجبي إسرائيل الثمن دون أنْ تدفع ثمنًا بالانسحاب. ولفت إلى أنه في حال ارتفاع تأثير جبهة النصرة والتنظيمات الجهادية الأخرى في سورية ووصولهم إلى الجولان المحتل، فإن المصلحة الإستراتيجية لإسرائيل تكمن في إبقاء هذا التهديد محليًا، وليس إستراتيجيًا، مع أنها لا تتمكن من تحقيق ذلك بصورة كاملة. وتطرقت الدراسة إلى المصالح الإسرائيلية في حال إخراج أمريكا تهديدها إلى حيز التنفيذ، لافتةً إلى أن ضربة أمريكية محدودة هدفها معاقبة الرئيس الأسد وجيشه على استخدام الأسلحة الكيميائية لكي تثبت أن تجاوز الخط الأحمر معناه العقاب، مشيرةً إلى أن صحيفة ‘نيويورك تايمز′ الأمريكية في عددها الصادر يوم 28 آب (أغسطس) الماضي أكدت على أن الهجوم الأمريكي سيضرب 50 هدفًا عسكريا لوحدات سورية شاركت في استخدام الكيميائي، وأن الهجوم سيستر 48 ساعة فقط، وهذا العقاب برأي الجنرال يدلين هو عقاب رمزي، ولكنه إذا كان ناجحا فإنه سيُمرر الرسالة بأن استخدام الأسلحة غير التقليدية في الشرق الأوسط لن يمر بدون عقاب، وبالتالي فإن أمريكا ستسترد الكثير من قوة ردعها التي فقدتها في العامين الأخيرين، كما أن نجاح الهجوم الممركز سيُوجه رسالة لطهران بأن إسرائيل ما زالت تحظى بالدعم الأمريكي الكامل. وساق الجنرال يدلين قائلاً إنه في حال فشل الضربة الأمريكية المحدودة فإن قوة الردع الأمريكية ستُسحق مقابل استعمال الأسلحة غير التقليدية، علاوة على أن ذلك سيمس مسًا سافًا بصورة أمريكا، ذلك أن الفشل سيُفهم الرئيس الأسد بأن ثمن استخدام الكيميائي مع التدخل الأمريكي هو ثمن رخيص، وبالتالي فإن هذا الأمر سيُشجعه على استعمال هذه الأسلحة مرة أخرى. من ناحية أخرى، فإن فشل العملية الأمريكية، قالت الدراسة، ستدفع بالتنظيمات الجهادية في سورية إلى العمل على السيطرة على مخازن الأسلحة الكيميائية في بلاد الشام من أجل تحقيق التوازن العسكري مع الجيش العربي السوري، وامتلاك هذه التنظيمات أسلحة كيمائية، جزم الجنرال يدلين، تُشكل خطرا مباشرا على الدولة العبرية، كما أن فشل العملية سيدفع زعماء آخرين في المنطقة، وتحديدًا في إيران، إلى الفهم بأن أمريكا الدولة العظمى تخشى استعمال قوتها من أجل تقديم مصالحها في المنطقة، على حد تعبيره. مع ذلك قال إنه في حال فشل العملية الأمريكية فإن الرئيس الأسد لن يكون معنيا بتوسيع جبهة القتال إلى الخارج ومواجهة إسرائيل عسكريا، ذلك أنه يعلم جيدا أن عليه أولا التخلص من الأعداء في الداخل لكي يُحافظ على استمرارية حكمه. علاوة على ذلك استعرضت الدراسة سيناريو آخر بموجبه يكون الهجوم الأمريكي هدفه إسقاط الأسد، بالإضافة إلى تدمير المواقع الإستراتيجية للجيش السوري لكي يبقى الرئيس بدون قوات يُدافع عن نفسه، لافتةً إلى أن هذا السيناريو سيُعيد لأمريكا قوة الردع التي فقدتها، كما أنه سيقضي على ركن رئيسي في محور الشر المؤلف من إيران وسورية وحزب الله، كما أن خطوة من هذا القبيل ستُمرر رسالة واضحة لطهران مفادها أن واشنطن مصممة على تنفيذ تعهداتها. مع ذلك، أضافت الدراسة، فإن الهجوم من هذا القبيل يحمل في طياته خطرين لإسرائيل: الأول أنه إذا شعر الأسد بأن الهدف هو إسقاطه فلن يتردد عن استعمال الصواريخ الإستراتيجية التي يمتلكها ولن يتورع عن تزويدها برؤوس كيميائية، وعلى الرغم من أن هذا السيناريو ما زال بعيدًا من أنْ يتحقق، فإنه يتحتم على الحكومة الإسرائيلية العمل على تقليل الأضرار التي ستلحق بالدولة العبرية، أما الخطر الثاني، بحسب الدراسة، فيكمن في أن إسقاط الأسد سيؤدي إلى سيطرة الجهاديين المتطرفين على الحكم في سورية، وبالتالي ستتحول سورية إلى دولة فاشلة تُحكم من قبل عناصر متطرفة وتشكل تهديدًا مباشرًا على إسرائيل، بحسب الدراسة. وخلص الجنرال يدلين إلى القول إن التهديد الرئيسي المباشر للعدوان الأمريكي المحتمل على سورية هو قيام الأخيرة بقصف الدولة العبرية بالصواريخ التي تحمل الرؤوس الكيميائية، مع أنه أكد على أن إسرائيل قادرة على مواجهة القصف غير التقليدي، واقترح على صناع القرار في تل أبيب أن يبقوا خارج اللعبة السورية، ولكن بالمقابل رأى أن العدوان الأمريكي سيُوجه رسالة لإيران مفادها أن التعاون الإستراتيجي بين تل أبيب وواشنطن ما زال قائما، وربما أكثر من الماضي، وأن ما حدث في سورية، سيحدث في إيران لتدمير برنامجها النووي، على حد تعبيره. تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية : أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال. أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء. أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم. أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية. لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية. ل "الأمناء نت" الحق في استخدام التعليقات المنشورة على الموقع و في الطبعة الورقية ".