الخميس 05 سبتمبر 2013 04:17 مساءً لسنا أقل من أي أمة استطاعت أن تنهض من بين الركام، وها هي تناطح كبرى دول العالم، كل ما ينقصنا هو علو الهمة وجودة التخطيط، إلّا أنّ أكثر ما يدمرنا هو الايمان السخيف بقضية المؤامرة، فإينما وليتُ وجهي أجد نظرية المؤامرة موجودة، فالعرب يؤمنون بالمؤامرة الامريكية. والصهوينية، والجنوبيون يؤمنون بالمؤامرة اليمنية ويصورنهم وكانهم يعرفون كل شيء، كان يجب عليهم ان يدركوا أن من يؤمن بمؤامراتهم هم أناس أجادوا فن التخطيط، في حين نحن تخلينا تماما عن فكرة التخطيط حتى لو كان تخطيطهم تآمريا ولكنه يبقى تخطيطا ناجحا! عليهم ان يعرفوا ذلك قبل ان يسلموا عقولهم لتُراهة المؤامرة، وقد يفهم البعض أن مقالتي هذه هي هجوم شخصي أو يأس واضح، لكنه ليس كذلك، كل ما في الامر أنني بحكم دراستي للهندسة تعلمتُ التعامل مع التخطيط والتفكير بمنهجية واضحة، أو ما نسميه"Models"،لأنني لا أؤمن ابدا بالشعارات البراقة دونما وجود خطة مرسومة وواضحة، وهذا بالضبط المرض الحقيقي، ليس فقط لقضيتنا الجنوبية بل إنه مرضٌ عربي بات منتشرا في أغلب الدول العربية. الكل يتغنى بالماضي ويبدع في الحديث عنه،والكل ايضا يفجر عبقرية غير مسبقة في اختيار شعارات تأسر القلوب وتخطف الأنضار،ولكن عندما يتحدثون عن المستقبل فإنهم يخفقون تماما،هذه المشكلة جعلت الاسئلة تركض أمام عيني وهي تسألني بإلحاح:مالمشكلة؟مالذي يمنعنا من تحقيق أهدافنا؟....وقفتُ كثيرا عند هذه الاسئلة، وانتهيت الى قناعة تامه هي أن مايمنعنا من تحقيق الأهداف هو عدم التخطيط الاستراتيجي،واختفاء استشراف المستقبل من حديثنا،وأصبحنا فقط نجيد الحديث فقط عن الماضي والحاضر،مايمنعنا ايضا من تحقيق أهدافنا هو عدم المعرفة الحقة بحقيقة من يقف عائقا امام تحقيق أهدافنا،بالإضافة إلى عدم وجود رؤية مستقبلية واضحة،إذن نحن امام أربعة عناصر إذا ما اخذناها بعين الاعتبار فاننا سنحقق اهدفنا،هذه العناصر هي (الواقع،الرؤية،الخطة،المقاومة)، الواقع ويحتوي على دراسة الازمات الرئيسية وكذا القدرات الاساسية،بعد دراسة الواقع نرسم رؤية مستقبلية واضحة واهداف محددة،وبالتاكيد لن نستطيع ان ننتقل من الواقع الى الرؤية الا بوجود خطة استراتيجة مُحكمة،وطالما نحن نملك مشروع حقيقي فإننا لن نسلم من المقاومة او من يحاولون ان يفشلوا هذا المشروع. إذن الفكرة وصلت،ولنا في ماليزيا وتركيا خير مثال،وإن لم تعجبكم تجربة ماليزيا وتركيا دعوني احكي لكم تجربة "الكيان الصهويني"تحديدا في عام"1897" عُقد أو مؤتمر صهيوني بزعامة" تيودور هرتزل" في مدينة بازل السويسرية،اتفق الصهاينة في هذا المؤتمر على إنشاء كيان أو دولة تجمع اليهود،كان من بين الاحتمالات"فلسطين أو أنغولا أو الأرجنتين"،إلا أنهم اتفقوا على فلسطين لإعتقادهم بأنها بلد انبيائهم،الجدير بالذكر أنهم رسموا خطة لمدة "خمسين" سنة يحققون فيها حلم الدولة،وبالفعل في عام 1948 بالضبط تم إلإعلان عن دولة الكيان الصهوني،إنّ التخطيط والفكر هو من يصنع المستحيل..وليس الشعارات والكلام البرّاق!!الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك دولة صناعية ولا أبراج ولا اقتصاد عالمي،ترك فكراً نتج عنه وصول الاسلام الى اقصى بقاع الارض، أقصى ما أتمناه هو الاهتمام بالفكر،فالفكر وحده من يصنع الفارق.