رسالة غزة وصلت ولكن...اعترف بان شهيتي باتت مفتوحة أكثر للخوض في الكثير من 'نزوات' التلفزيون المغربي وقنواته، قطعا ليس الدافع مرتبطا بانتعاش وتحسن ملحوظ قد حدث على مستوى الهياكل الإدارية أو المواد المقدمة للعرض، لكنني ونظرا للردود الايجابية التي تصلني منذ قررت 'تصويب الرادار' لرصد 'الهفوات' وكذا 'الانجازات' المحلية (وما اقلها) قررت المضي قدما في 'المغامرة'. وبالتالي إرضاء فضول شريحة واسعة من المجتمع المغربي ممن لا يجيدون ولا يملكون أدنى وسائل ومقومات 'الهجرة الفضائية ' وهي الملاذ 'الآمن ' للكثيرين الذين 'نجوا بجلدهم' مبكرا وابتعدوا عن 'صداع ألراس ' (كما يقال باللهجة المغربية)، وفي ذات السياق لم اكتشف ولشدة 'غبائي ' مدى ارتباط التلفزيون المغربي وكذا 'حسه المرهف' بأحداث غزة إلا يوم الأحد والذي شهد تنظيم مسيرة تضامنية حاشدة مع أهلنا في 'غزة ' في مدينة الرباط وهنا رد هذا الأخير على كل منتقديه ' وشمر على ساعديه' وخصص حوارات وربط اتصالات داخلية وخارجية للتأكيد على انخراطه على غرار كل أطياف الشعب المغربي في التضامن مع شهداء القطاع المحاصر وكذا للاحتفال بانتصاره التاريخي،حقا لا مزايدة على كل هذه الكلمات ولا على حس المسؤولية الذي يلمسه أي مواطن عادي يزور المغرب سواء أثناء العدوان آو حتى دونه،لكنني وفي نشرة الأخبار الرئيسية على القناة الثانية (بالضبط نشرة بعد الزوال ) حيث كانت الإعلامية سناء رحيمي تتحدث عن تقرير المستشفى الميداني الذي قام بانجازه مراسلهم من غزة ليتم بعد ذلك ربط الاتصال مباشرة بالأستاذ يحيى رباح وهو احد قيادي حركة فتح،طبعا لن ننتظر أحدا آخر سوى من حركة فتح ليحل ضيفا على الشاشة وهذا ليس بالشيء الجديد ولا الغريب، كيف لا 'وهي صاحبة المواقف المشرفة والصامدة والمثال الصارخ يتجسد في رئيس السلطة محمود عباس'؟ وليكتمل 'بهاء الصورة ' لم تكلف 'الإعلامية ' نفسها عناء الاستفسار عن الوضع الحالي العام للقطاع بعد العدوان على سبيل المثال الجميع انبهر للصور القادمة (المعروضة في آماكن أخرى بالتأكيد) من مدارس غزة وأطفالها حيث انبرى هؤلاء لتنظيف الأقسام وإعادة صيانتها إيذانا بعودتهم إلى مقاعد الدراسة كمثال حي على قوة الإرادة والصمود التي يتحلى بها هؤلاء البواسل الذين يدركون مليا جسامة وصلابة سلاح العلم ودوره في مقارعة العدو ووسائله الجبانة الخبيثة،ما كان يثير حماسة 'مذيعتنا المحترمة ' فقط هو ضرورة 'التأكيد ' على وصول 'رسالتنا ' (كما كانت تسميها ) وما على الضيف سوى 'رد التحية بأحسن منها ' وبالتالي كيل المديح الذي يرضي غرور تلك الإعلامية ومحطتها،السؤال الرئيسي والذي لا يخفى على احد،هل 'تواضعت ' هذه الأخيرة في يوم ما من الأيام لتقطع بث 'تفاهاتها الدائمة' كي تنقل لحظات معينة من القصف الصهيوني الدائم على أطفال غزة ؟ والسؤال موجه طبعا للكثير من الفضائيات العربية الأخرى الموغلة في استنساخ الأعمال التركية والمكسيكية الهابطة ؟ الم يتذكر هؤلاء 'مأساة' هذا الشعب إلا بعد الانتصار؟ تضامن الشعب المغربي المطلق مع أشقائه ليس وليد اليوم ولا رهينا بتلك المسيرة ولا يحتاج أبدا لمن يسعى 'للركوب' عليه، كان الأجدر بهم استحضار المعاناة في عز الأزمة كي لا يضطر المواطن العادي للإبحار في فضائيات أخرى قصد 'استجداء' أخبار أبناء القطاع الشجعان،ثم لماذا لا تتم استضافة صانعي الفرحة والانتصار والمحطة تتوفر على مراسل ميداني ؟ حقا استغرب كل هذه التناقضات الغريبة العجيبة وأشفق على 'أعصاب' من يتفانون في الذود على انتاجات هذه القناة 'الترك - مكسيكية' .. حاتم علي يرتدي 'العباءة' الخليجية 'العبقرية' سمة من سمات المخرج السوري حاتم علي اكتبها واسطر تحتها بالأحمر العريض ولعل شريحة واسعة من القراء الأعزاء تشاطرني الرأي في وصفي هذا (وبدون مبالغة) وبصماته وأعماله الفنية تشهد له بذلك حتى قبل أن يبصر 'عمر' مالئ الدنيا وشاغل الناس النور حيث ساهم هذا الأخير في تكريس صورة خاطئة عن هذا 'المخرج النجم ' (لأننا نادرا ما 'نتكرم' على المخرجين بلقب 'النجومية') وخصوصا لدى إخواننا في دول الخليج المعروفين بضعفهم الواضح 'الفاضح ' حينما يتعلق الأمر بالثقافة الفنية (وأشياء أخرى أهم طبعا) وهذا ما سنتطرق إليه،فعلى سبيل المثال شاءت الصدف وحدها أن تقع عيناي على برنامج فني على تلفزيون قطر وكان ذات المخرج هو الضيف (أعانه الله) وكالعادة كان جل الحديث منصبا على المسلسل السالف الذكر وكأنه إصرار 'متعمد' (وهو كذلك بالأساس) على اختزال مسيرة غنية بالأعمال الناجحة للمخرج السوري في عمل واحد فقط لأنه من إنتاج تلفزيون قطر و قناة إلام بي سي، وهذا ما يتضح بصورة سخيفة أثناء الحوار وانغماس المذيع المفرط في استذكار ومدح مزايا الممثل الخليجي الموهوب مع عتاب 'خفيف' للتجاهل الدائم الذي يحظى به هؤلاء في أعمال المخرج السابقة،ومن هنا يبدو جليا مدى التأثير الكبير وسطوة 'الرعاة الجدد' للمخرج في فرض قراراتهم وأسماء معينة كان معلوما للجميع عدم اقتناع حاتم علي بها من الأساس وهو المعروف بمنح الفرصة لفنانين من شتى أرجاء الوطن العربي ولعل في بروز اسم الممثل المغربي محمد مفتاح عربيا اكبر دليل، والسؤال لماذا لم يلجأ هذا الأخير للفنان الخليجي قبل أن تتولى هذه المحطات تمويل أعماله؟ للآسف هذه حقيقة لم يسع ذلك المذيع إلى إدراكها مبكرا وهو ما سبب 'إحراجا واضحا' للضيف الذي جاهد مرارا وتكرارا لإيصال أفكاره وكذا لتصحيح العديد من 'كبوات' مذيعنا هذا الذي كان يسبح في واد وضيفه في واد أخر مما ينم عن 'جهل تام' كما سبق الذكر لمعطيات تبدو أساسية بل وعادية لأي متتبع عادي فمن لا يعرف الدكتور وليد سيف مثلا ولا حتى نطق اسمه ليس جديرا بمحاورة شريكه الفني؟ رغم أن علامة الاستفهام الكبرى بعيدا عن 'سذاجة' المذيع وحتى حواره أصلا تبقى مطروحة وبقوة على 'مصير' أعمال حاتم علي ومستقبله الفني وهو المستقطب بشكل غريب إلى 'الميدان الخليجي' بعد عمله البدوي 'أبواب الغيم' لتكتمل الصورة بمسلسل 'عمر' وحاليا بالعمل الجديد 'المنتقم ' وقريبا في مسلسل تاريخي ضخم عن سيرة خامس الخلفاء الراشدين 'عمر بن عبد العزيز' هنا أتساءل : هل تتقاطع مبادئ و قناعات هذا المبدع مع توجهات القائمين على هذه المحطات وهو صاحب 'التغريبة الفلسطينية'؟ وهل هذا الاهتمام المتزايد بالأعمال التاريخية 'هروب' من هذا الواقع القاتم'؟ وأين الثورة السورية من كل هذا؟ شخصيا أخشى أن 'تلتهم' ملايين الخليج هذه الموهبة الفذة وتضيع كما ضاع آخرون كثر وسط أمواجها المتلاطمة .. أرجو أن أكون مخطئا. الحياة بتتكلم تركي الهيام العربي بكل ما هو تركي بات يقترب من الحدود اللا معقولة وهذا ما يجسده برنامج جديد على قناة 'الحياة ' من تقديم الإعلامية المصرية سالي شاهين بعنوان 'الحياة تركي ' فالأخيرة تتكلف باستضافة نجوم الدراما التركية في هذا البرنامج قصد تقريبهم من المشاهد العربي (على أساس أنهم ليسوا قريبين الآن) والكشف على جوانب خفية من حياتهم الشخصية، طبعا وهذا عز الطلب خصوصا من لدن 'الفتيات' المهووسات بوسامة هؤلاء الفنانين ولعل فيما نشاهده أثناء زيارة احدهم للبلاد العربية من مطاردات وصراخ 'مخيف' من لدنهن ما يستدعي التوقف عنده طويلا والتأمل في مسبباته، قطعا السبب الأول والرئيسي يقع على عاتق المحطات العربية التي تتصارع في استقطاب هذه الأعمال على حساب المحلية وبأثمان قياسية من اجل 'توريط ' المشاهد العربي أكثر فأكثر، وإحقاقا للحق فالفكرة التي عمدت إليها الإعلامية المصرية ومحطتها تنم عن ذكاء حاد في استثمار حالة الهوس الموجودة حاليا لدى الجميع في معرفة أدق التفاصيل عن حياة نجومهم المفضلين وكانت الحلقة التي تابعتها مع الفنان التركي 'مراد يلدريم ' المعروف في عدة ادوار عربيا رغم أن النقطة التي أثارت إعجابي بعيدا عن الخلفية الراسخة عندي حول هذا النوع من الأعمال البعيد كل البعد عن مجتمعاتنا هي التواضع الكبير الذي أبداه هذا الأخير في الحديث عن نفسه وأعماله وهي رسالة يجب أن يستفيد منها 'نجومنا ' المتكبرين حد العجرفة (اقصد الكثيرين وليس كلهم )، ولكن يبقى التساؤل العريض متى ستنتهي هذه الموجة وعلى يد من؟ ويبقى المتتبع العربي اكبر مسيء لهذه المقولة الشهيرة: وما الحب إلا للحبيب... (ليس للأول قطعا مع المشاهد العربي). ' كاتب من المغرب [email protected]