قبل أن يتحدث الإخوان المسلمون في الأردن عن الديمقراطية وتداول السلطة وعن مواجهة الفساد والتطبيع وعن اقتصاد وطني، ما قولهم في رسالة مرسي إلى صديقه العظيك بيريز، وإخضاعه مصر لشروط البنك الدولي؟ تجربة الإخوان في الحكم موفق محادين العرب القطرية يتحدث الإخوان المسلمون في الأردن عن الديمقراطية وتداول السلطة وعن مواجهة الفساد وعن مواجهة التطبيع وعن اقتصاد وطني وعن مصالح الفقراء والطبقات الشعبية، ويكررون هذا الخطاب في كل بلد يسعون أو يحلمون بالسيطرة عليه. لن نجادل الإخوان أو أي حزب أو جماعة سياسية بحقها في السعي إلى تشكيل الحكومات وفرض برامجها، فهذا هو منطق الديمقراطية، ولكن تعالوا ندقق في تجربة الإخوان المسلمين في مصر مثلاً، ونرى ما هي سياساتهم على كل الصعد وفي كل المجالات خاصة القضايا الأساسية، ونقترح عليهم إما تعديل هذه السياسات لتنسجم مع تجربتهم في الحكم في مصر، أو مطالبة إخوان مصر بالتراجع عن هذه السياسات وإدانتها علنًا وبشكل واضح وقاطع:- 1- الانقلاب على الصيغة الدستورية الجديدة المتفق عليها مع بقية أحزاب المعارضة وإرسال بلطجية للاعتداء على نشطاء المعارضة، وكذلك الاعتداء على القضاء المستقل وصلاحياته... ويذكر هنا أن الخلاف مع القضاء ليس حول النائب العام بل على صلاحيات من يقيله، مجلس القضاء أم مرسي. وبهذا المعنى فقد سقط إخوان مصر في أول امتحان ديمقراطي وأظهروا نزعة استبداد واضحة لا تختلف عن الطاغية مبارك. 2- السقوط المدوي الثاني هو في معركة التطبيع والجانب الوطني، من دور الوساطة بين المقاومة وبين حكومة العدو إلى الرسالة المذلّة المخزية التي أرسلها مرسي إلى رئيس دولة العدو وبدأها ب (صديقي العظيم بيريز). ويذكر هنا أيضًا أن (الأهرام) نشرت مجموعة لقاءات مع وزراء وسفراء سابقين نفوا فيها نفيًا قاطعًا أن تكون هذه الرسالة (نموذجًا) في الدبلوماسية المصرية.. 3- السقوط المدوي الثالث هو في الجانب الاقتصادي والاجتماعي وذلك في إعادة إخضاع مصر للبنك الدولي، تمامًا كما كانت مصر أيام مبارك. وبعد.. يا إخوان الأردن، نريد أن نسمع صوتكم أو رأيكم في رسالة مرسي إلى بيريز، وفي اتفاقيته مع البنك الدولي، وفي بلطجية الرئاسة هناك قبل أن تتحدثوا عن مواجهة التطبيع هنا وعن الفساد الناجم عن سطوة رجال البنك الدولي، وعن رأيكم بالأميركيين والفرنسيين والإنجليز الذين أعطوا الضوء الأخضر لجرائم العدو في غزة.. لماذا تصمتون حتى الآن عن كل ذلك .. الرئيس في ورطة وجدي زين الدين الوفد المصرية الرئيس محمد مرسي في ورطة.. والشعب غاضب.. ومؤسسات الدولة تخدعه وجماعة الإخوان المسلمين تعتمد على نظرية تضييع الوقت ظناً منها أن الجماهير سينفد صبرها، وترضخ لما هو واقع.. والغرب يتفرج على هذه المسرحية الهزلية وتتكرس الفوضى يوماً وراء الآخر، والحياة شبه معطلة بالبلاد والأزمة الاقتصادية الخانقة تستفحل، والناس تركت مواقع الإنتاج وتحول الكبار والصغار إلى منظرين في شؤون السياسة.. وهوية الدولة المصرية تتهاوى في ظل هذا الاضطراب الذي لم تشهده البلاد من ذي قبل.. وقيادات جماعة الإخوان خلف الرئيس يلهبون مشاعر المواطنين بتصريحات تزيد من الاحتقان والغل، وسياسة التخوين باتت هي المسيطرة على الجميع بدون استثناء!! مصر على وشك حرب أهلية لا تحمد عقباها، ونجحت أميركا وإسرائيل في مخططاتها الشيطانية في أن تزرع بذور الفتنة بين أطياف الشعب المصري، وهذا هو كل مراد وأمل إسرائيل، أن تتحول مصر إلى دولة هشة ضعيفة اقتصادياً وعقائدياً وتتقطع أواصرها إلى إرب، ووقع الرئيس في الفخ المنصوب للبلاد بأن تسود الفتنة ويزداد الخلاف بين فئات وأطياف الشعب المصري.. وزاد من هذه الكارثة عناد الرئيس وإصراره على الإعلان الدستوري الباطل الذي قسم به مصر إلى طوائف.. والكل بات ينهش في عرض الوطن، والكل يبحث عن مآرب شخصية زائلة، ونسي الجميع الوطن الجريح الذي يئن ويغلي شعبه من الفقر والعوز وقلة الحيلة وليس أمامه سوى التعبير بالتظاهر والاعتصام في الميادين! لقد وقع الرئيس في الفخ الأكبر عندما انضم لفريق على حساب الآخر، عندما خطب في مؤيديه وأنصاره وتجاهل المعارضين - وهم غالبية الشعب المصري -ويا ليته تجاهلهم فقط، بل وجه اتهامات للفريق المعارض بالبلطجة والفساد.. لقد آثر الرئيس أن يكون رئيساً لأنصاره من جماعة الاخوان، على باقي المصريين وهم الكثرة؟!.. فماذا يتوقع الرئيس من هؤلاء؟! والمحللون لهذه المواقف، يفسرون هذه الظاهرة الغريبة، بأن ولاء الرئيس أصبح بعيداً عن المصريين بكل طوائفهم ومذاهبهم الفكرية والعقائدية وحصر نفسه فقط في الجماعة التي ينتمي إليها.. وكنا نتوقع من الرئيس أن يخلع عباءة جماعته فور إعلان فوزه بالرئاسة، وليس من حق جماعته أن تفعل ما تشاء متحصنة بالرئيس الذي ينتمي إليها.. ليس من حق هذه الجماعة أن تسيطر عليها شهوة السلطة، وليس من حق الرئيس أن يفعل ما يشاء، وليس عيباً أن يخطئ، فالبشر يخطئون ويصيبون، ولكن العيب هو الاستمرار في الخطأ والتمسك به.. وبمنطق الجماعة نفسها «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».. والرئيس عندما انفرد بإصدار الإعلان الدستوري دون مشورة أحد، وإن كنت أستبعد فكرة أنه لم يشاور أحداً، فهو قد تشاور وتشاور لكن مع عظيم الأسف مع عديمي الخبرة السياسية الذين تصوروا أن الشعب المصري يعتنق فكر الاخوان المبني على السمع والطاعة!! الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تراجع عن قرارات مارس 1954 عندما وجد أنها ستكون شرارة لحرب أهلية، والرئيس الراحل أنور السادات تراجع عن زيادات الأسعار بعد مظاهرات 18و 19 يناير 1977، ولم يؤثر ذلك في شعبيتهما لدى الناس، والآن على الرئيس مرسي أن يصلح ما أفسده ويلغي الإعلان الدستوري، وحل الجمعية التأسيسية.. لو فعل ذلك سيؤيده المعارضون أكثر من جماعته.. أما إذا أصر على موقفه فالشعب المصري لن يهدأ أو يخنع وسيظل على موقفه الرافض حتى تتحقق إرادته، فقد انكسر حاجز الخوف الذي كان يسيطر عليه من زمن طويل.. ولماذا لا يحافظ الرئيس على مكانته وهيبته بالنزول على رغبة الجماهير التي تقومه كما طالب هو بنفسه عندما تولى السلطة.. أعتقد أن الرئيس حائر بين مطالب الجماهير ورغبات جماعة الاخوان.. والشعب أبقى وأهم له من الجماعة.. أم ماذا يرى الرئيس؟! .. عموماً الفرصة لا تزال سانحة أمامه!