د. عبدالإله محمد جدع مرّ 26 أكتوبر ولم تحدث ولله الحمد مشكلات تُفضي إلى ما لا يحمد عقباه، وهو ما لا يرضاه أي مواطن غيور على وطنه.. غير أن الأمر يحتاج إلى تحليل ودراسة، فقضية قيادة المرأة من عدمه شأن ينظّمه ولي الأمر وفقًا للمصلحة العامة ومتطلبات الحياة وظروف وحالة المجتمع الذي لا يمكن تجاهل خصوصيته عن المجتمعات الأخرى.. ولقد أحسنت النساء اللواتي تفهّمن أمر منع النزول للمظاهرة أو القيادة للسيارات تحديًّا، والأمر هنا يتصل بعدد من الاعتبارات منها: * أن أي امرأة حرّة أبيّة تنتمي لتراب هذا الوطن لا ترضى أن تكون أداة مسيّسة وموجّهة فكريًا لركوب موجة التحدّي بحجة المطالبة بالحق! * لا ينكر أحد معاناة المرأة من واقع المواصلات العامة غير المهيئة في المجتمع لتنقّلها كيفما تشاء في أمانٍ وسلامة، ولا ينكر عاقل منصف معاناتها مع السائق، غير أن أمر السماح للمرأة بالقيادة في حالة مجتمعنا وتركيبته محفوف بالعديد من المخاطر نظرًا لما تعانيه من تعدّي ضعاف النفوس عليها بالمعاكسة والملاحقة والاستفزاز، رغم احتشامها وركوبها مع سائق أو محرم، إذ ان حجم الخسائر والسلبيات ستكون أكثر في حال قيادتها منفردة للسيارة. * إذا ما طالبنا بقيادة المرأة للسيارة فإننا ينبغي أن نحسن الأسلوب والتوقيت والآلية حتى نحقق الهدف وفق ضوابط.. ومجتمعنا أدرى من غيره بوضعها وظروفها.. وسوف يأتي الوقت المناسب لذلك إذا ما توفّرت البيئة المناسبة والضوابط والانضباط. * غير أننا نأمل وبكل موضوعية منح المرأة التسهيلات اللازمة بتوفير مواصلات خدمة عامة لها مأمونة متطوّرة في حل يحفظ لها كرامتها ويزيل ما تعانيه منذ زمن في مجتمعنا.. وفي تصوري أن مثل هذه الحلول المؤقتة سوف تلبّي حاجات المرأة العاملة التي تعاني الكثير تمهيدًا للنظر في أمر القيادة وظروفها للنساء. * إن ما آلمني كثيرًا خلال ما واكب تلك الحملة والدعاية ل26 أكتوبر هو وقوع من تصدّى للحملة -وكلنا لا نريدها بالطبع- في الخطأ.. إذ كنا نتلقى على مواقع التواصل الاجتماعي (والواتس أب) وغيرها سخافات وتجاوزات واستهزاءات من قبل البعض بالنساء الكريمات في بلادنا، وبعضها يسخر منهن ويلمزهن ويظهرهن بالغباء والسطحية والرعونة، وهو ظلم وبهتان وتجاوز، فو الله إن نساءنا وبناتنا لنفخر بهن بين كل النساء في العالم، وحتى حولنا في المنطقة.. فهن قد ضربن مثلًا في العمل الدؤوب بجد في البيت، والنزول إلى معترك الحياة والإبداع، ومساعدة الابن والزوج والأخ والتعاون معهم في صعوبة الحياة، وكل ذلك يتم بكرامة وحشمة صارت مضرب مثل واعتزاز الكرماء والشرفاء في العالم.. أما الشواذ من النساء فلا حكم لهن وهن قلائل.. نحن نرفض استغلال التصدّي للحملة بالإساءة للمرأة في وطننا الغالي، ولا نرضى أن تتهم بالعار أو السفور أو التجاوز، وإذا كان ثمة أخطاء فهي اجتهادات غير موفّقة استغلّها ضعاف النفوس. * وإذا لم يتم تطبيق العقوبات الرادعة على الشباب المستهتر الذي يلاحق النساء وبنات الناس ويتعدى عليهن أو تسوّل له نفسه اختطافهن، فإن الأمر سيظل بالغ التعقيد إذا ما سمح للمرأة بالقيادة في ظل عدم تطبيق تلك العقوبات.. وإن من يقول بوجود المرأة التي تقود سيارتها حولنا في المناطق المحيطة، نقول له: إن ثمة انضباطا في الشارع لا بد من تحقّّّّّّقه، حتى يُضرب بيدٍ من حديد على المتعدّين على بنات الناس، وأمامنا مثال المدن الكبيرة؛ وخاصة جدة الحبيبة، التي يعاني أهلها من أولئك الذين يتوافدون كلّ إجازة ومناسبة ويسيئون للعروس الجميلة وأهلها ونسائها.. وبعدما نصل إلى ذلك الانضباط الذي نتمنّاه ويدرك الشباب مسؤوليته ويتحمّلها أمام الله ثم ضميره، فإننا يمكن أن نتفاءل بسلامة التوّجه بقيادة المرأة بلا خوف أو تردد. * أما أولئك المتشدّقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان من الخارج، لا يحرّك فيهم أي ساكن ما تعانيه المرأة والإنسان والطفل السوري المنتهك في عرضه وأمنه وبلده، ولا يعنيه ما تعانيه الأقليات المسلمة في أنحاء العالم، وما تتعرض إليه المرأة المسلمة في فلسطين وبورما وشرق أوروبا، لكن المواطنة الغيورة على وطنها تدرك أن للمطالبة بقيادة المرأة للسيارة عند أولئك مآرب أخرى، فاليوم يمر العالم الإسلامي كله بظروف صعبة وهو يواجه تحدّيًا سافرًا ومخططًا محكمًا لإضعافه، وإعادة تشكيل جغرافيته، ناهيك عن الوصاية عليه.. وبما أن المملكة تتصدر المدافعين عن حق الإنسان السوري في العيش الكريم فضلًا عن الإنسان المسلم المظلوم في أي مكان، وبما أنها قد رفعت صوتها للاعتراض على آليات العمل في هيئة الأمم ومجلس الأمن، وانتقدت ازدواجية المعايير في التعامل مع الشعوب والبلدان وفقًا للمصالح الغربية، فإنها لا بد أن تواجه حملات متكررة لاختراق تماسك شعبها. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain