د. عبد العزيز حسين الصويغ أخذني خبر توقُّف أكثر من 1200 عامل من عمّال نظافة الحرم المكي، منذ نحو عامين إلى كتابة مقال في هذه الصحيفة، بتاريخ 22/10/2011، تحت عنوان: (شبابنا وخدمة الحرمين)، تحدّثت فيه عن العمل التطوعي، وما تُمثّله خدمة الحرمين الشريفين للقائمين عليه، خاصة وقد ضرب موظفو الرئاسة العامة لشؤون الحرمين من السعوديين -آنذاك- مثلاً كبيرًا لأهمية العمل التطوعي حين بادروا بالقيام بحمل وتعبئة مياه زمزم بدل عمال الشركة المتوقّفين عن العمل. وقمت بتوجيه نداء في تلك المناسبة للشيخ صالح كامل الذي كانت شركته (دلة) تتولى مهمة تنظيف المسجد الحرام بتبنِّي القيام بدراسة حول تطوير العمل التطوعي لخدمة وتنظيف مرافق الحرمين الشريفين بشكل علمي ومدروس، بل وربما إنشاء معهد للتدريب للمتطوعين، أو العاملين بأجر من السعوديين في هذا المجال الذي يكسبون فيه دنياهم وآخرتهم في آنٍ واحد. *** وقد جاءت الأحداث الأخيرة التي تلت انتهاء مدة تنظيم وضع العمالة الوافدة في المملكة التي قامت الجهات المعنية بشؤون العمالة بتصحيح وضع ما يقارب 8 ملايين عامل، ورحيل ما يفوق المليون عامل من البلاد، وما تبع ذلك من توقف بعض الخدمات هنا وهناك، وعلى رأسها عملية النظافة في الحرمين الشريفين في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، لإعادة طرح هذا المُقترح مُجددًا، والتوجُّه في نفس الوقت للجهات المعنية بنظافة الحرمين الشريفين إلي التفكير في المقترح وأخذه بالجدية اللازمة، وذلك بدراسة السبل العملية لإحلال الشباب السعودي الراغب في خدمة الحرمين الشريفين محل العمالة الوافدة التي قامت بلا شك بعمل عظيم في هذا المجال؛ لا تفيها كلمات شكر ولا جزيل أجر، وإنما سيوفيهم الله أجرهم بغير حساب. *** إن أجمل صورة تنقلها شاشات التلفزيون من الحرم المكي، كما يقول القارئ (أنا المواطن)، هي عملية نظافة الساحات التي لم أرَ مثيلاً لها في بلاد الدنيا. لكنه يرى في نفس الوقت أن ما اقترحته بشأن قيام الشباب السعودي بهذه المهمة هو «اقتراح مستحيل التنفيذ، والسعودي لن يقبل بخمسة أضعاف راتب (الوافدين)». لكن رغم تحفُّظ القارئ الكريم، فإنني وجدتُ تأييدًا للفكرة من بعض القراء ومنهم (واحد مواطن) الذي أكّد، بحكم خبرته العملية وعمله سابقًا في التنمية البشرية، أن «شبابنا لديهم قدرات ورغبة فى العمل فى معظم المجالات. وإن وُظّفت قدراتهم بحرفية بعد أن يعطوا التدريب المتقن والمقنن. مع تركيز على تغيير النظرة للعمل ونوعياته واحترامه مهما كان نوعه أو القائم به. وزرع ذلك فى نفوسهم عمليًّا وسلوكيًّا، فسنجدهم يعملون في كل مكان، وفي جميع الحرف والمهن. وسيكون عملهم ووجودهم في الحرمين متسابقًا عليه». *** لقد كان ما نُقل من صور للعمل التطوعي قام بها الشباب في كثير من المدن السعودية لنظافة أحيائهم ومدنهم صور جميلة، تحثّنا على التفكير بشكل جدي في تأصيل هذا العمل في ذهن وعقلية أبناؤنا، فشبابنا قبل الطفرة الأولى، كما يقول القارئ (فهد العدوان)، «كانوا يعملون في كل عمل شريف. ثم جاء إعلام الطفرة يُردِّد مقولة إن الكثير من الأعمال (لا تليق بالمواطن)، وتكرَّر ذلك على مسامع شباب تلك الفترة حتى تأصَّل في نفوسهم ونقلوه إلى أبنائهم، وتشبَّع المجتمع بتلك النعرة الكاذبة والنظرة المتعالية على الأعمال اليدوية. وها هي الأحداث الأخيرة تُثبت أنه ما حك جلدك مثل ظفرك. وهكذا فإن الأمر، كما يقول القارئ (واحد مواطن)، هو أمر إدارة أولاً.. وأمر رغبة في الخدمة بصدقٍ وتجرُّد لله من قِبَل من يُخطِّط ويعمل فى هذين الصرحين الأقدس». * نافذة صغيرة: (لقد اختار ملك هذه البلاد لقب «خادم الحرمين الشريفين» من باب الفخر بهذه المهمة المُقدّسة، التي تزيده شرفًًا على شرف. فلماذا لا نتيح الفرصة لكي نكون كُلّنا خدَّامًا للحرمين بشكل عمليّ، يُؤدّي فيه كل منّا وفق قدرته ما يُقرِّبه إلى الله تعالى؟!). عبدالعزيز الصويغ. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain