لفترة قريبة لم تكن قضية العمالة (غير النظامية) تشغل مساحة كبيرة على خارطة الإعلام المحلي، اللهم إلا بعض الأخبار والتحقيقات التي تركِّز فقط على عدم نظامية هذه العمالة دون التطرق لخطرها والنتائج المترتبة على بقائها، ودون تكثيفٍ للضوء على أخلاقياتها وممارساتها ودوافع مجيئها، والطرائق التي يتم بها تهريبها، والطرق التي سلكتها حتى وصلت إلى عمق البلاد واستقرت في العاصمة الرياض، فضلًا من مدن الأطراف. ولقد رانت حالة الركود تلك لفترة طويلة قبل أن يقوم المذيع (صلاح الغيدان) قبل أشهر عبر برنامجه (الرئيس) على قناة (لاين سبورت) بفتح الباب واسعًا على قضية طالما تم تقاذُفها حتى كبرت وأصبحت أمرًا واقعًا لا سبيل لإنكاره أو تجاهله. البرنامج كشف جانبًا كبيرًا من خطر الجالية الاثيوبية (غير النظامية) التي توزَّعت على امتداد الإقليم الجنوبي لبلادنا، ابتداءً من الحدود السعودية اليمنية جنوبًا حتى محافظة الطائف شمالًا عبر جبال وأودية عسير والباحة والطائف، وقتها أظهر المواطنون قلقهم من هذه الحالة، وأبدَوا تمسكهم وتأكيدهم على مبدأ (اليد الواحدة) مع رجال الأمن لكف خطر هذه العمالة غير النظامية، لنفاجَأ في ذروة التلاحم بين رجال الأمن والمواطنين بخروج تصريحات بعضها (يقلل) من خطر هذه العمالة وبعضها الآخر ينفي صحة وجود عمالة مدججة بالسلاح، عندها وضع الجميع تحت رؤوسهم (مخدات) ضخمة اطمئنانًا منهم لتلك التصريحات، غير أن حالة الاطمئنان تلك لم تستمر طويلًا؛ إذ تكشَّفتِ الحقائق وانجلى غبار التعتيم سريعًا مع حملات التصحيح التي قامت بها الأجهزة الأمنية مؤخرًا حين عاودت قضية الإثيوبيين الظهور مرة أخرى ولكن ليس في الإقليم الجنوبي هذه المرة؛ إنما في عمق البلاد وتحديدًا في العاصمة (الرياض) حيث قامت مجموعات من العمالة الإثيوبية غير النظامية بأعمال شغب في حي منفوحة، ووصلت أعمال الشغب إلى جدة غربيَّ المملكة. ومع إيماننا المطلق بقدرة الجهات المختصة على التعامل باقتدار مع مثل هذه الحالات إلا أنه كان ينبغي علينا ألا نظل نراقب (الورم) حتى يكبر ثم نعمل بعد ذلك على إزالته في وقت كان باستطاعتنا التعامل معه وهو في بداية تخلُّقه وتشكُّله، وللحيلولة أو الحد من مثل هذه الحالات يمكن اتخاذ بعض الإجراءات ومنها.. أولًا: عقد اتفاقية مع الجمهورية اليمنية تلتزم بموجبها بالتصدي لهذه الهجرات المتتابعة من القرن الإفريقي عبر أراضيها وتتحمل تبعات التهاون بها. ثانيًا: قيام حرس الحدود في الجمهورية اليمنية بمسؤولياته؛ بحيث يتصدى بكل حزم لحالات التسلل للإثيوبيين عبر منافذه الحدودية مع المملكة. ثالثًا: استخدام السُّلطات الأمنية السعودية ما يمكن استخدامه من وسائل تقليدية وحديثة في المناطق الحدودية مع اليمن للحيلولة دون عبور الإثيوبيين إلى الأراضي السعودية. رابعًا: سن قوانين رادعة بحق من يقوم بنقل وتهريب المتسللين عبر الأراضي السعودية. خامسًا: إيقاع العقوبات الرادعة بحق المتسللين ومن يقوم بتسكينهم أو تشغيلهم مهما كانت مبرراته. سادسًا: مطلوب من الجهات المختصة التفاعل المثمر والشفافية التامة مع وسائل الإعلام، وإيضاح الحقائق الماثلة، ما يمكن التأكيد عليه في هذا المقام أن المملكة العربية السعودية ليست بلدًا طاردًا للراغبين في الدخول إلى أراضيها بالطرائق المشروعة؛ فهم محل احترامها وتقديرها ورعايتها، في الوقت نفسه لا تنكر أدوارهم العظيمة التي أسهمت ولا تزال تسهم في نهضتها الحديثة، لكنها لا ترضى أن تكون مسرحًا للعمالة (غير النظامية) التي جاءت لتمارس أدوارًا خفية أو تعمل على الإخلال بالأمن؛ فقد وصل الأمر -بحسب تقرير صحيفة فيفاء نيوز- إلى تخطيط قيادات كهنوتية إثيوبية لقيام (دولة سوداء بجزيرة العرب) بواسطة المتسللين (غير المسلمين) وكأنها تحاول بعث مملكة (أبرهة) من جديد. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain