قبل امس الإثنين، غادر المبعوث الأممي جمال بنعمر صوب مجلس الأمن الدولي متأبطا حزمة من المعلومات المتعلقة بمسار العملية السياسية والأطراف المعيقة لاستكمال ما تبقى من اعمال مؤتمر الحوار، التي جمعها على مدى شهر من مكوثه في اليمن. المبعوث الأممي قال قبيل مغادرته أن تقريره هذه المرة , الذي يتوقع ان يقدمه اليوم الأربعاء الى مجلس الأمن, لن يخلو من مطالبات للدول الراعية لعملية التسوية السياسية , بإجراءات رادعة ضد من وصفها بالأطراف المعيقة لمسار التغيير المنشود . وهدد بنعمر في تصريحاته خلال مراسيم توقيع اتفاقية إنشاء الصندوق الائتماني الخاص بمعالجة قضايا المبعدين قسرا عقب حرب صيف 94الأحد الماضي، بأن تقريره القادم إلى مجلس الأمن «لن يكون كتقاريره السابقة»، قال ذلك بعد تلميحات بأنه سيضع فيه كل من أعاقوا أعمال مؤتمر الحوار إما بالانسحاب أو المقاطعة أو أولئك الذين يمارسون أعمال التخريب في البلاد «كمعيقين» لمسار التسوية السياسية في البلاد، بموجب قرار مجلس الأمن رقم (2051). وجاءت تلك التصريحات عقب تعرضه لحملات إعلامية شنتها قيادات موالية للرئيس السابق في حزب المؤتمر الشعبي، والتي طالته على خلفية تصريحات سابقة اتهم فيها قيادات مقربة من صالح بمحاولات إفشال مؤتمر الحوار الوطني وممارسة الابتزاز السياسي. وخلافا لزياراته السابقة , اضطر بنعمر الى تأجيل تقديم تقريره لانهماكه في حلحلت أهم وابرز قضايا مؤتمر الحوار: القضية الجنوبية . لكن المبعوث الأممي على الأرجح سيتفاجأ وقت أن يعلم أن ثمة تطورا خطيرا طرأ اليوم في مسار القضية الجنوبية، ولو تحقق بالفعل فأن تداعياته لن تنسحب على القضية الجنوبية وحسب، وانما على اعمال الحوار بشكل عام. لقد أعلن أعضاء في مكون الحراك الذي يتزعمه (محمد علي احمد) اليوم انسحابهم من مؤتمر الحوار. وهاجم أحمد في مؤتمر صحفي عقده اليوم بصنعاء نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني ياسين مكاوي ووصفه ب«المستنسخ» وقال إنه لا يمثل الشارع الجنوبي وإن شعبه سيعاقبه بالمستقبل. كما اتهم الرئيس عبدربه منصور هادي ضمن أطراف وصفها ب «القوى التي تحاول لي ذراع شعب الجنوب». هذا الهجوم جاء إثر خلافات كانت تصاعدت داخل مكونات الحراك الجنوبي المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني خلال الآونة الأخيرة. وشكل أعضاء بالحراك مشاركون في الحوار هيئة تأسيسية من 12 شخصاً قالوا إنها تهدف إلى منع احتكار القرار بيد محمد علي أحمد الذي عينوه عضواً في هذا الهيئة. وأصدر محمد علي أحمد مؤخراً بياناً اعتبر فيه تشكيل «الهيئة السياسية» أمراً غير شرعي. وقرر خلاله فصل مكاوي وخمسة قيادات آخرين من مؤتمر الحوار وتجميد عضويتهم في تكتل «مؤتمر شعب الجنوب» الذي يعتبر أحد فصائل الحراك المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني. شروط زعيم تيار (مؤتمر شعب الجنوب) التي طرحها اليوم لعودته الى الحوار ليست جديدة عن تلك التي كانت تطرح خلال الفترات الماضية. أبرزها أن يتم الحوار بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي كدولة ذات سيادة مستقلة لكنه محمد علي أحمد هذه المرة ذيل شرطه بقوله «لن نأتي إلى صنعاء مرة ثانية إلا تحت ضمان دولي مكتوب بتقرير مصير الجنوب». وفيما كشف رئيس تكتل مؤتمر شعب الجنوب عن إجراءه مشاورات مع قيادات الحراك في الخارج, قال بيان صادر عن تكتل مؤتمر شعب الجنوب إن مكون الحراك الجنوبي «التزم التزاماً أدبياً وسياسياً بالمشاركة في مؤتمر الحوار رغم الرفض الشعبي الجنوبي». واتهم البيان ما وصفه ب«نظام صنعاء» بالتعبئة الخاطئة لسفراء الدول العشر ضد «قيادة» مكون الحراك الجنوبي، وقال إن أمانة مؤتمر الحوار «أغرت وحرضت» بعض أعضاء الحراك في الحوار وحثتهم على عدم مقاطعة الجلسة الختامية. وأضاف «أمانة الحوار دفع أعضاء مكون الحراك للانشقاق عن قيادة الحراك وتشكيل هيئة سياسية وتعميد الاعتراف بها من قبل رئاسة المؤتمر كبديل عن مكون الحراك وقيادته الشرعية» واختتم البيان قوله إنه رغم انسحابه من مؤتمر الحوار «إلا أن يؤمن بالحوار كمبدأ لا زال قائماً لمعالجة القضية الجنوبية في إطار وشكل ومضمون جديد يحقق تطلعات الجنوب». لكن رواية أخرى نسبها المركز الإعلامي للحوار لما وصفها بالدائرة الإعلامية لمكون الحراك الجنوبي السلمي المشارك في مؤتمر الحوار, نفت ما تناولته وسائل الإعلام حول إعلان انسحاب الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار. وقالت في بلاغ صحفي: إن إعلان انسحاب من حضروا عار عن الصحة حيث لم يوافق الحاضرين على الانسحاب كونه خيار يضر بالقضية الجنوبية وما تحقق لها من إنجازات فقد حاول من يدير الاجتماع الالتفاف ومحاولة الحصول على تفويض بالانسحاب وتحديد الزمان والمكان للانسحاب في خطوة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن العملية تم التدبير لها مسبقاً. ووصفت الدائرة الإعلامية للحراك إعلان الانسحاب بانها محاولات لاستثمار القضية الجنوبية وتحويلها إلى مكاسب شخصية وأن ما ذكر في الإخبار عن حضور قرابة 56 شخصاً للاجتماع الذي عقد في قاعة فندق تاج سبأ محض افتراء لمحاولة التضليل للرأي العام وأن حقيقة الأمر إن من حضروا مجموعة بسيطة لا تتعدى 35 شخصاً لا ينتمي منهم لمكون الحراك المشارك سوى 29 شخصاً والبقية إما أعضاء جنوبيون في مكونات أخرى أو من الحراسات الأمنية، وجيء بهم لغرض زيادة العدد ليس إلا رغم كونهم في المجموع لا يشكلون أغلبية المكون ولا شرعية الحديث باسمه. وفيما أشادت إعلامية الحراك بموقف الرافضين للانصياع للرغبات الشخصية أو الأهواء المزاجية، أكدت أنها في صدد إعداد بيان سياسي هام في غضون الساعات القليلة القادمة يوضح العديد من القضايا. يذكر أن اجتماعات فريق القضية الجنوبية انقطعت طوال شهر ونصف واستأنفها الأربعاء الماضي بعد أن توصل الحراك الجنوبي إلى حل مشكلته بتغيير ثلاثة من أعضائه المقاطعين وإعلان العودة استمرت مقاطعة مكون المؤتمر الشعبي أياماً قبل أن يقرر عودة ممثليهم في 20 نوفمبر الجاري.