GMT 0:03 2013 الثلائاء 3 ديسمبر GMT 0:11 2013 الثلائاء 3 ديسمبر :آخر تحديث الياس الديري لقد تأخَّر الغيارى في استدراك ما يُهيّأ ويُطبخ لطرابلس، على رغم كل الرسائل والاستغاثات التي صدرت عن الفيحاء وعقلائها. وكل الكلام الذي لا يختلف عن "غسل اليدين" هيهات أن يجد مَنْ يصغي إليه. لقد تأخَّروا في بذل ما كان يُفترض من الجهود والمساعي والتضحيات، لتجنيب العاصمة الثانية السقوط في مستنقع هذه المأساة الدموية المفتوحة على كل الاحتمالات. لا شكَّ في أن "حرب" طرابلس هي، منذ طلقتها الأولى الى مجزرتها التي لا يزال دمها يطرطش الجدران والأيدي والوجوه، فرع مباشر، ومدبَّر، ومدروس، من الحروب السوريَّة. وذات مهمة تتضح ملامحها تباعاً، وكلما استجدَّت تطوُّرات ميدانيَّة أو سياسيَّة في ساحة "الحرب العالميَّة الثالثة". فالجولات الثماني عشرة ما كانت لتبلغ هذا المدى من الدمار والقتل والتشريد، وهذا المستوى الخطير من التطوُّر الميداني والسياسي، وهذا الاصطباغ المذهبي الفاقع الوضوح، ذلك كله ما كان ليكون لو لم يكن هناك قرار سوري مدعوم من إيران، ومترجماً على الأرض السورية والحرب السورية عَبْر "حزب الله". ولغايات ومآرب شتى، ليس من الحكمة إغفال لبنان من لائحتها وتطلّعاتها. وبرغبة في تبليغ مَنْ يهمهم لبنان، إذا كان ثمة مَنْ يهمه البلد الذي كان "قطعة سما"، أنه لا يزال رهن اشارة من يد النظام السوري. واليكم البرهان الميداني في طرابلس... كبداية لرحلة دموية قد تمتدُّ وتطول. وفي السياق ذاته يمكن إدراج عودة المسلَّحين من أصوليّين وتكفيريّين وسواهم الى مدينة معلولة الغنيّة عن أيّ تعريف. مع تجدُّد الاشتباكات داخل هذه المدينة التاريخيَّة النموذجيَّة النادرة، وكأن هذه العودة مخصَّصة لتذكير الشرق والغرب معاً بحجم خطورة تغيير النظام أو إسقاطه. لبنانيّاً، طرابلسيّاً، محليّاً، من نافل القول إن مَنْ يسمّون أنفسهم زعماء وقياديّين قد قصّروا كثيراً في واجباتهم تجاه هذه المدينة التي كانت مُفردة لا شبيه ولا مثيل لها. واذا ما بقي هؤلاء يذرفون الكلمات إيّاها، كلما سقط قتيل، أو انفجرت قنبلة، من دون السعي الجدّي والفعَّال لتخفيف الخسائر على الأقل، وحصر الذيول بعيداً من التفاعلات المذهبيَّة والطوائفيَّة، فالجولة الحاليّة ستتحوَّل انذاراً مباشراً لكل المسؤولين، ولكل المعنيّين ولكل اللبنانيّين. يقولون إنَّ كثرة الطبّاخين وقلَّة المدركين والمهتمين تكاد تحرق طرابلس إذا ما بقي الحبل على غاربه. الى ذلك، فإن كثرة المرجعيّات، ووفرة القيادات والفصائل والتنظيمات والجماعات، هي ما أوصل الوضع الى منتصف طريق الهاوية. ليُدرك مَنْ لم يُدرك بعد أن حمم بركانطرابلس قد لا تبقى طويلاً وقفاً عليها، بل قد تبلغ مجالات أخطر وأدهى.