الشارقة - محمد ولد محمد سالم: في كلمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بمناسبة اليوم الوطني الثاني والأربعين لدولة الإمارات مساحة واسعة للدور الذي تلعبه الثقافة في تحصين المجتمع وتأمين مستقبله، وتنميته، فقد وجه سموه بتبني سياسات تربوية واجتماعية واقتصادية تعزز حضور الثقافة في المجتمع الإماراتي، قال سموه: "لن يكون المستقبل الذي نصبو إليه ونتطلع نحوه دون بيئة اجتماعية ثقافية غنية مؤثرة تزيدنا ثقة بذاتنا وفخراً برموزنا وتمثلاً لتراثنا وتمسكا بجوهر إسلامنا دين الرحمة والتسامح والاعتدال والانفتاح . . إن تنمية لا تحمي الأسرة ولا تستلهم المخزون الثقافي للمجتمع وأخلاقه هي تنمية ناقصة مهما بلغت عائداتها فتجريد الإنسان من لغته وعاداته وتقاليده وقيمه حرمان له من انتمائه وعناصر هويته وإلغاء لقدرته على التحدي والإبداع والتميز والانفتاح الواعي على ثقافات العالم، فلا مستقبل لتنمية من دون ثقافة وطنية ولا مستقبل لثقافة وطنية من دون إدماج تام لمكوناتها في مناهج التربية وسياسات الإعلام وبرامج التنشئة الأسرية والاجتماعية" . على ضوء هذه التوجيهات فإنه ستكون أمام الإمارات وهي تستعد لإكسبو دبي 2020 فرصة كبيرة للترويج لثقافتها العربية، وإشاعة روح هذه الثقافة بكل ما تحمله من قيم روحية وعقلية، في هذا المحفل العالمي ما سيساعد على تغيير المفهوم الخاطئ عن الثقافة العربية لدى الآخرين، وأول وسائل ذلك التغيير هي تبني خيارات محلية داعمة للغة العربية، وقد بدأت بالفعل هذه الخيارات السنة الماضية بإطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي لمبادرة "ميثاق اللغة العربية" الذي تضمن حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز موقع اللغة العربية في الإدارة والمجتمع، ويتضمن ميثاق اللغة العربية إنشاء لجنة خبراء عربية دولية تهدف إلى إعادة إحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة وتحديث أساليب تعليمها وتقديم نموذج عصري، كذلك تضمن تنظيم أنشطة مدرسية لاكتشاف المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة ورعايتهم، وإنشاء معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وإنشاء كلية للترجمة لتعزيز ترجمة العلوم والمعرفة وتطوير حركة التعريب . الخيار الثاني هو العمل على جعل الأسرة بيئة لتلقي قيم الثقافة العربية، وميدانا لغرس مبادئ الانتماء للأمة والوطن، وإطارا لروح الإيمان الصافي والحب للإنسانية، فظروف الحياة اليوم جعلت الأسرة أقل حضورا في حياة أبنائها، بل إن مشاغل الآباء الوظيفية تجعلهم يتركون مهمة التربية بشكل كامل للمدرسة أو للتلفزيون والأجهزة الإلكترونية الأخرى فيصبح الطفل لأجل ذلك عرضة للاستلاب، ولغرس مفاهيم مغلوطة عبر تلك الوسائط . الخيار الثالث يتعلق بإدماج مكونات الثقافة الإماراتية في مناهج التربية، وهذا يتطلب دراسة لسلوك هذه الثقافة وطرق تعبيرها، وأنجع السبل لتوصيلها إلى الطلاب والشباب .