الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، وبعد:بمناسبة انعقاد مؤتمر حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية، فإننا نغتبط بذلك ونراه واجبا علينا لا سيما في ظروف كهذه الظروف التي تظهر فيها من ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار والمنافقين الذين هم ورثة من سبقهم من أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ممن هضم حقوقه، والله سبحانه رد عليهم وأمر بجهادهم بالسلاح والقلم واللسان قال تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمناققين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) ولكننا نذكر بأن من أعظم حقوقه صلى الله عليه وسلم علينا وعلى المؤمنين جمعا طاعته واتباعه كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) وقال تعالى: (وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) وقال تعالى: (وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار) وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) والآيات في هذا والأحاديث كثيرة. ومن أعظم ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم الغلو في الأشخاص وتعظيم الآثار والغلو في القبور والغلو في العبادة - كما نهى عن التساهل والإضاعة. وعن الإفراط والتفريط والآثار المكانية في المدينة والتحدث عنها في وسائل الإعلام هو مما يجعل الجهال والغلاة يتعلقون بها في الزيارة والتبرك مما هو بدعة في الدين ووسيلة من وسائل الشرك. فليس هناك في المدينة ما تشرع زيارته والصلاة فيه إلا المسجد النبوي ومسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى - وما عداهما من المساجد فليس له ميزة على غيره فلا تجوز زيارته والصلاة فيه قصداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لنا ذلك ولم يكن صحابته ومن جاء بعدهم من القرون المفضلة وسلف الأمة يهتمون بهذه الإمكنة من مساجد وغيرها ويذكرونها ويزورونها - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال عليه الصلاة والسلام: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وقول بعضهم إن هذا فيه إحياء لمعالم التأريخ وأوعية التأريخ ونحو ذلك قول لا معنى له، والتاريخ وتحديد أمكنة يعرف من الكتب الصحيحة والآثار المروية دون إحياء الأماكن التي لم يُشرع لنا إحياؤها. وإنما هلك من كان قبلنا بتتبع آثار أنبيائهم والتعلق بها من غير أن يشرع لهم الله ذلك - وكنا نتوقع من هذا المؤتمر الذي عقد ربط الناس بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والحث على العمل بها واجتناب ما خالفها من التعلق بالأماكن والآثار التي لم يشرع لنا الاهتمام بها حماية للعقيدة. وكنا نؤمل أن هذا المؤتمر يربط الناس بالاهتمام بالآثار النبوية التي هي أحاديثه وما جاء في سنته المطهرة فإن هذا من أعظم حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) نسأل الله أن يحقق فينا وفي إخوتنا وجميع المسلمين ذلك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء