في الوقت الذي يحاول الرئيس الامريكي باراك اوباما واعضاء ادراته الظهور بمظهر من يسعى للالتزام بالاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 الذي تم التوصل اليها في 24 تشرين الثاني / نوفمبر في جنيف ، عبر اقناع الصقور في الكونغرس الامريكي بعدم فرض عقوبات جديدة على ايران ، تفاجىء هذه الادارة العالم بفرض عقوبات غير مبررة ومريبة على ايران. ففي يوم الخميس 12 كانون الاول /ديسمبر اضافت وزارتا الخزانة والخارجية الامريكية 10 اسماء لشركات وافراد ايرانيين واجانب على لائحتها السوداء بذريعة التفافهم على الحظر الامريكي على ايران. الملفت ان مساعد وزير الخزانة الامريكية ديفيد كوهين، اعتبر اتفاق جنيف لا يتدخل ولن يتدخل في جهود امريكا الرامية إلى الكشف والوصول لجميع الذين يدعمون البرنامج النووي الإيراني أو الذين يسعون إلى الالتفاف حول الاتفاق ، في الوقت الذي لا معنى لاتفاق جنيف دون ان تقلص ايران من نشاطها النووي في مقابل عدم فرض عقوبات جديدة عليها. فاتفاق جنيف قائم على ركيزتين ، الاولى ان تحد ايران من نشاطها النووي خلال الاشهر الستة القادمة ، والثانية ان توقف امريكا والغرب ، خلال هذه الفترة ، اية اجراءات يمكن ان تشدد من الحظر المفروض على ايران ، وفي حال اهتزت اي من هاتين الركيزيتن ينهار اتفاق جنيف برمته. وحسنا فعلت ايران عندما استدعت فريق الخبراء الايرانيين ، الذي يفاوض منذ يوم الاثنين مندوبي مجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) الى طهران و وقف عملية التفاوض ، لدراسة الوضع واتخاذ موقف يتلائم مع هذا الاجراء الامريكي المرتبك وغير المسؤول. الخارجية الايرانية وعلى لسان المتحدثة باسمها مرضية افخم حملت الادارة الامريكية مسؤولية تداعيات الاجراءات غير المدروسة ، واعربت عن اسفها للتخبط المشهود في توجهات الادارة الامريكية وقراراتها وتصريحات المسؤولين فيها. اما مساعد وزير الخارجية والمفاوض الايراني عباس عراقجي فقد اعتبر الخطوة الاميركية مخالفة لروح اتفاق جنيف مشددا على ان طهران ستدرس الوضع وستصدر رد فعل مناسبا علي هذه الخطوة. وذات الموقف صدر ايضا عن المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التي اعتبرت قرار الادارة الامريكية يتعارض مع روح اتفاق جنيف، وحذرت من ان توسيع القائمة الامريكية السوداء يمكن ان يعقد بشكل خطير تنفيذ اتفاق جنيف. اخيرا ورغم ان الحظر الامريكي الجديد ، لن يكون ذات اهمية او تاثير يذكر على البرنامج النووي الايراني ، ورغم ما قيل انه ليس جديدا بل هو تفعيل لقانون قديم ، الا انه يتعارض مع روح اتفاق جنيف ، الذي يحتاج لتطبيقه ، توفير اجواء ايجابية ، عبر اجراءات تساهم في بناء الثقة المتبادلة ، كما فعلت ايران عندما سمحت للمفتشين الدوليين بزيارة منشأة اراك للماء الثقيل، واستعدادها لاستقبال مفتشين اخرين لتفقد باقي منشاتها النووية ، فاجراء ادارة اوباما يعكس تخبطا وارباكا واضحا في التعامل مع قضايا دولية ذات اهمية كبرى لارضاء المتطرفين في امريكا ، وعجزا فاضحا في التعامل مع قوى تسعى لافشال اتفاق جنيف وفي مقدمتها اسرائيل ، دون ان يدرك اوباما انه بذلك يطلق النار على قدميه. بقلم : ماجد حاتمي