علاج أمراض العمود الفقري والمفاصل راج في ألمانيا، بفضل التطور الكبير الذي حققه الطب هناك في ميدان معالجة آلام الظهر، واستبدال المفاصل الطبيعية بأخرى صناعية. وهذا حقق للمستشفيات الألمانية أرباحًا كبيرة. يعطي الألمان أهمية خاصة لأمراض العظام، لاسيما أمراض العمود الفقري، وهناك يوم خاص لصحة الظهر، ينظمه اتحاد عيادات صحة الظهر في ألمانيا، لأن عددًا كبيرًا من الألمان يعانون من متاعب في العمود الفقري. على اثنين وأكثر من يستطيع الإفادة في هذا المجال هو ياسر الليموني، الطبيب العربي المختص في أمراض العظام في ألمانيا، إذ يرى من الناحية التشريحية أن التطور الذي لحق بجسم الانسان منذ نشأته حتى اليوم عبر ملايين السنين، وانتقاله من حالة المشي من ذوات الأربع إلى المشي علي قدمين اثنين، ربما هو المسؤول عن آلالام الظهر التي يعاني منها الإنسان. فالعمود الفقري عند الإنسان رافق حالة التطور هذه من الانحناء إلى الانتصاب، لذلك يرى العلماء أن إتمام البناء الكامل في العمود الفقري للقيام بمهام الوضع منتصبًا لم يكن الإنسان مهيئًا له في الأساس، والحيوانات التي تمشي علي اربع لا تعاني من متاعب العمود الفقري. وآلام الظهر أكثر الأمراض شيوعا في المانيا، ويقول الليموني: "نحن اطباء العظام ننظر لها علي انها مرض شعبي، وتتلخص اسبابه في عدة عوامل منها ممارسات الحركة الخاطئة والجلوس الطويل في السيارات والمكاتب وامام التليفزيون، وحمل الأشياء الثقيلة، وزيادة الوزن، والنوم غير الصحي، والعوامل النفسية كالقلق والتوتر". المانيا متقدمة يقول الليموني إن ألمانيا حققت خطوات متقدمة في مجال علاج العظام، فأصبحت الريادة لمستشفيات ألمانيا في عمليات إحلال واستبدال المفاصل التالفة في عظام الإنسان بأخرى صناعية، خصوصًا في منطقة الركبة والحوض، وهي أصبحت من العمليات الروتينية التي برع الأطباء في إجراءها في مستشفيات ألمانيا المختلفة. وتشير التقارير الطبية الرسمية إلى أن عدد المصابين بالتهاب المفاصل في ألمانيا وحدها يزيد في الوقت الحالي على 15 مليون فرد، ما ساهم في نجاح تقنية استبدال المفاصل التالفة بأخرى صناعية. ويضيف الليموني أن مرض التهاب المفاصل هو واحد من اكثر الأمراض شيوعًا في العالم، وتصبح احتمالات الإصابة به قوية وقائمة مع تقدم العمر، "فالمرض هو تلف يصيب الأنسجة الغضروفية المفصلية التي تعمل على تقليل الاحتكاك الناتج من حركة المفاصل الدائمة والتي تعمل كوسادة لحماية العظام، فتآكل هذه الطبقة الغضروفية الواقية واحتكاك الأنسجة العظمية ببعضها يتسبب في التهاب المفاصل". العضو المحوري العمود الفقري عند الإنسان هو العضو المحوري، ويتكون من 7 فقرات عنقية و12 فقرة صدرية و5 فقرات قطنية ومن عظام العجز والعصعص. وتتواجد الأقراص الغضروفية بين الفقرات ابتداء من الفقرة العنقية الثانية. تنحني فقرات الصدر والعجز نحو الأمام، ويكون انحناء فقرات العنق والمنطقة القطنية نحو الخلف،كما أن حجم الفقرات والأقراص يزداد من الأعلى إلى الأسفل بشكل خطي. لكن الفقرات العنقية الأولى والثانية تشكل استثناء إذ تلتقي مع السطح المفصلي للرأس لتشكل المعبر بين الرأس والرقبة حيث تحدث معظم حركة الرأس. عندما يبلغ الإنسان العشرين، تدخل الأقراص في مرحلة الالتهابات التنكسية بسبب ضعف التروية الدموية المباشرة إلا عبر السائل النسيجي وخاصة أثناء الاستلقاء. يقوم القرص بتخزين الماء النسيجي كالإسفنجة ثم يفقد السوائل خلال الوقوف والحركة الطبيعية اليومية ما يؤدي إلى فقدان المرونة. وتفقد الأنسجة البروتينية (الكولاجين) المحيطة بالحلقة الليفية للأقراص من تماسك بنيتها وهي تعمل في الأساس كشبكة محيطة بالنواة اللبية. كما قد يحدث عند الإجهاد الشاق بعض التمزقات التي قد تؤدي إلى الانزلاق الغضروفي. الانزلاق الغضروفي هناك عوامل كثيرة قد تؤدي إلى الانزلاق الغضروفي، منها الأوضاع غير الصحيحة عند الجلوس والمشي والعمل كالانحناء أو حمل الأثقال بطريقة خاطئة أو زيادة الوزن أو الأعمال التي تسبب إجهادًا على أسفل الظهر. توجد عوامل تجنب الإنسان هذا الانزلاق مثل المحافظة على الوزن المثالي، المداومة على التمارين الرياضة والمحافظة على لياقة أسفل الظهر، واستخدام الطرق السليمة لرفع الأشياء والتقاطها وتحريكها، والمحافظة على استقامة الظهر عند المشي والجلوس، واستعمال الأجهزة المساندة كالمراتب الطبية ومخدات أسفل الظهر. أما خشونة المفاصل فيقول الليموني إن الكثير من الناس لا يعرفون أنها تبدأ مع الإنسان في سن الشباب، لذلك كان الناس يطلقون على من تجاوز الأربعين عجوز بسبب التهاب المفاصل. أما أعراض المرض فهي ألم في منطقة المفاصل يتحول في سن متأخرة إلى آلام مبرحة ومتواصلة، لذلك يجب الانتباه لذلك والعمل علي المحافظة علي الوزن وتقليل الزائد منه وإجراء التمارين الرياضية. واحد من عشرة وفق تقديرات معهد روبرت كوخ والمكتب الفيدرالي للإحصاء في ألمانيا، فإن كل عاشر شخص يتراوح سنه بين 50 إلى 60 سنة يعاني من التهاب مفاصل الركب والحوض، ويرتفع العدد بارتفاع السن. حتي أن 80 بالمئة من الأشخاص فوق سن 65 يصابون بتشوهات المفاصل. وفي إطار النجاح الكبير في استعمال المفاصل الصناعية، يزداد الإقبال على استبدال المفاصل التالفة بأخرى صناعية. ويقول الليموني إن الأطباء لا يسعون دائمًا إلى استبدال المفاصل المتضررة بالمفاصل الصناعية،غير انهم في كثير من الأحوال يحاولون إبطاء عملية التدهور وتخفيف الأعراض فترة طويلة قبل قرار العملية الجراحية التي يتم استبدال المفصل فيها. اصبح سوق المفاصل الصناعية مزدهرًا جدًا في ألمانيا حتى أن عدم وجود دعاية لها ترجع إلى انه اصبح أمرًا روتينًا، إذ أن المرضي يعرفون ذلك جيدًا. فحوالى 25% من الزيارات إلى عيادات الأطباء يكون أصحابها مرضي بالتهاب المفاصل. وفي سياق متصل يقول البروفيسور راينر جرادنجر إن نجاح العمليات المستمر يساهم في ضخ الأموال في المستشفيات البافارية بسهولة، لكن النجاح الحقيقي كما يراه ليس بكثرة تردد المرضى إنما بجودة المفاصل الصناعية وحسن العمليات الجراحية ومتابعة المرضي بعد انتهاء العملية.