الشارقة - إبراهيم اليوسف: يلقى يوم الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول، من كل عام، الاهتمام الكبير، من الأوساط الثقافية، والجهات العليا المعنية بها، لاسيما بعد استشعار هؤلاء الغيارى عليها، بأن هناك أخطاراً جدية حقيقية محدقة بها، لاسيما بعد أن بات الأطفال الصغار يرطنون في بيوتهم، بلغة أخرى غريبة عنهم، كان من الممكن أن تكون اللغة الثانية لهم، بيد أنها تكاد تغدو، نتيجة عوامل كثيرة، اللغة الأولى لهؤلاء، لاسيما أنها باتت وسيلة التواصل بينهم، في الشارع، بل والمدرسة، ناهيك عن أنها أصبحت لغة التواصل عبر شبكات التواصل الافتراضية، وفي هذا مدعاة لقرع أجراس الخطر من كل المعنيين، مثقفين، ومؤسسات، في ما يلي استعراض لآراء عدد من المثقفين، والمسؤولين بمناسبة يوم اللغة العربية الذي يتم الاحتفال به، على امتداد خريطة الناطقين بالضاد . قال بلال البدور: "اليوم العالمي للغة العربية، ينبثق من مطالبة منظمة اليونسكو العالم للاحتفال باللغات الأم، وتعزيزها، والاهتمام بها، وذلك عندما أعلنت عن صدور قاموس اللغات، حيث اتضح من خلال الدراسة أن اللغة التي يتوقف ثلاثون في المئة من أبنائها عن استخدامها، يكون مصيرها الموت، منذ ذلك التاريخ ،1999 كانت توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بضرورة الاعتناء باللغة العربية، كونها اللغة الأم، وما تعانيه من هجمات من قبل اللغات الأخرى، والعاميات، وتجاهل أبنائها لها، فكان الحل في إيجاد جمعية يتنادى فيها الغيورون على اللغة العربية، لاتخاذ البرامج الكفيلة لتعزيز اللغة العربية" . وقال الشاعر عبدالله الهدية: أستطيع القول: إن من مآسي الزمن أن نجعل للغة العربية يوماً، وهي كل الأيام، لغتنا التي اشتقت منها كل لغات العالم، وهو ما أكدته إحدى الدراسات انطلاقاً من فكرة أنها اللغة الوحيدة التي تعتمد على جذر الكلمة في اشتقاق المفردات، لغتنا منذ الأزل وإلى الآن، وكل ما قيل خلال ذلك الزمن، وما يقال الآن، يستطيع المتلقي أن يفهم الدلالة بعكس أية لغة أخرى، حينما تتطور فإنها تحتاج إلى مترجم، فاللغة التي كتب بها شكسبير، أجزم أنها أصبحت غامضة بالنسبة إلى من يتحدث الإنجليزية في هذا الزمن، بينما ما كتب قبل الإسلام، يفهمه، الآن، الطفل العربي، بكل أريحية . من هنا، أعتقد أن ضياع اللغة العربية أصبح قضية في اتجاهين، الأول: عدم مواكبة المتلقي للتطور البياني عند الكاتب، وبلاغته، الأمر الآخر، هو ضياع الكاتب في مجتمع يتحدث العامية، ويقدس اللغات الأخرى . قال عبدالله المطيري: أحدثك الآن، وفي حلقي غصة، وفي قلبي حسرة، وفي روحي هم وغم، على ما تؤول إليه لغتنا العربية، فما أخشاه الآن ألا يتدارك المسؤولون المطلوب، والسعي للتطبيق العملي ببدء الحفاظ على ما تبقى من اللغة العربية، وإن الخوف على مصير لغتنا الأم لا يأتي من الشارع وحده، بل يأتي من المؤسسات، ولاسيما بعض المدارس التي تكاد اللغة العربية لا تذكر فيها، لولا ساعة يتيمة، لن تكون كافية لتكون اللغة الأم بالنسبة لأبنائنا، وما أقوله عن هذه المدارس، أقوله عن بعض المؤسسات أيضاً، حيث الإنجليزية تكاد تكون اللغة الوحيدة فيها . وقال سعيد الكعبي مدير منطقة الشارقة التعليمية: لابد من توضيح مسألة مهمة، وهي أن اللغة العربية إجبارية في كل المدارس، وإن كان يبقى السؤال: هل إن حصة درسية واحدة تفي بالغرض؟ كما أنه ليست التربية والتعليم الجهة ذات الدور الوحيد في مجال حماية اللغة، رغم أن دورها أساسي، لأن الركن الأهم هنا هو المنزل، فالوالدان اللذان يصفقان لولدهما ويشجعانه على الحديث باللغة الإنجليزية-مثلاً- على عاتقهما يقع جزء مهم وكبير من المسؤولية أيضاً، وهي ممارسة لا تدل على حب اللغة الأم، ولا على حمايتها، ومن هنا، فإننا نركز على مسألة أن تكون مراسلاتنا باللغة الأم، وأن تكون ملتقياتنا، ومسابقاتنا، كلها باللغة الأم، كما أن هناك ثلاث مواد في المنهاج تدرس باللغة العربية، من بينها اللغة والاجتماعيات، ومن هنا أؤكد أن الوزارة لا تقصر، فهي تواصل إقامة الملتقيات من أجل هدف الحفاظ على اللغة العربية، وتطويرها، لكنه، يجب الانتباه، إلى أن مهمة صون اللغة تتوزع مسؤوليتها بين أكثر من جهة، حيث البيت، والمدرسة، والمجتمع، والمؤسسة إلخ؟ وقال أحمد عساف - عضو جمعية حماية اللغة العربية: ينبغي علينا جميعاً - آباء وأمهات ومعلمين - غرس حب اللغة العربية في نفوس الأبناء؛ فهي رمز هويتنا العربية والثقافية، وهي جزء من حضارتنا العربية العريقة وتاريخنا التليد . كما يجب تقديم النموذج الصحيح والسهل في الوقت، نفسه، للتحدث باللغة الفصحى في مؤسساتنا التعليمية وفي بيوتنا؛ لأن الطفل يتعلم بالتقليد والمحاكاة فليس من المعقول أن يتحدث معلم اللغة العربية بلهجته العامية، وهو منوط به تعليم العربية بكل مهاراتها، ومن أهمها مهارة التحدث . وكذلك فإن على الآباء والأمهات في البيت محاولة التحدث باللغة العربية الفصحى بطريقة سهلة وبعيدة عن التكلف .