دعم خليجي بالتقسيط بعد رسائل خشنة وإخفاق مسيرة عبيدات يقود لتجاذبات داخل قوى الحراك والأردنيون بالطوابير لإستلام الدعم النقديعمان 'القدس العربي': لا تعكس طوابير المواطنين الأردنيين المحتشدة أمام فروع البنوك ومكاتب البريد لتلقي قروش الدعم النقدي المقرر قبولا شعبيا يستدعي الإحتفال بقرارات رفع الأسعار بقدر ما يعكس خضوع البسطاء والفقراء ومن لا حيلة لهم للواقع الجديد. ولا يمكن في الوقت نفسه بناء تصورات إستراتيجية تقول بخضوع أو إخضاع المعارضة وحراك الشارع بعد إخفاق المسيرة الأخيرة التي كان يمكنها لو نجحت شعبيا إعادة إنتاج بوصلة الإتجاه السياسي العام في البلاد. هذه المسيرة لم تحقق أيا من أهدافها الثلاثة وهي إسقاط قرار رفع الأسعار وإسقاط حكومة الرئيس عبد الله النسور وفرض أجندة إصلاحية بمعنى إسقاط قانون الإنتخاب الحالي وفقا لشروحات الأب الروحي للمسيرة أحمد عبيدات. حكومة النسور ما زالت صامدة والمواطنون بالمئات يتحشدون للحصول على الدعم النقدي مما يعني أن آلية رفع الأسعار دخلت على السكة المطلوبة وأشواق عشرات المرشحين للإنتخابات تصاعدت بعد إعلان عبيدات فض المسيرة في قلب العاصمة عمان دون حتى موافقة الحراكات الشابة في الميدان. بالنسبة لعبيدات لم يقدم للرأي العام ولقوى الحراك تفسيرا مقنعا لإتجاهه التكتيكي في ميدان مسيرة سميت بالإنتفاضة الشعبية لإسقاط رفع الأسعار، الأمر الذي نتج عنه تجاذبات في الإطار الحراكي. بالتوزاي بالنسبة للأخوان المسلمين لم يقدموا بالمقابل للشارع الحراكي تفسيرا مقنعا لإسباب إهتمامهم بتقليل الزخم الشعبي في هذه المسيرة تحديدا فقبلها بساعات فقط إرتفعت التوقعات التي تتحدث عن 'أجواء جديدة' محتملة في ملف الإنتخابات وبعدها إستأنف المرشحون المحتملون إتصالاتهم ونشاطاتهم لصالح إنتخابات ستنظم في ظل مقاطعة الإسلاميين وقوى الحراك. وعلى جبهة الحكومة تبدو الأجواء مبشرة فالمسيرة الأضخم التي وعد بها الحراك عبرت بسلام وبأقل كلفة ممكنة والحراكات الميدانية ستنشغل بمعركة أريد لها أن تنشغل بها وهي مسألة الموقوفين والمعتقلين الذين يواجهون تهمة محاولة 'تقويض النظام'.. هؤلاء ستنظم الأعتصامات والوقفات الإحتجاجية من أجلهم لاحقا على حساب المناداة مجددا بالإصلاح. وفي الواقع تبدو جبهة الحكومة محتفلة قليلا لإن الشعب يبتلع في النهاية الأسعار الجديدة ويتعود عليها ويتعامل معها.. هذا ما قاله لزملاء له وزير المالية سليمان الحافظ الذي يعتبره خبراء الإقتصاد 'محاسبا' وليس مخططا ماليا إستراتيجيا. سبب الإحتفال لا يتوقف عند عبور 'أم المسيرات' بصخب أقل وإخفاقها في إعادة التوازن للعبة الشارع بل أيضا شعور رئيس الوزراء عبد الله النسور بنجاح رسائله الخشنة التي وجهها لدول الخليج في أكثر من مناسبة عندما إستعرض الخدمات الأمنية التي يقدمها الأردن لحدودها وعندما حذرها من كلفة أمنية ومالية باهظة إذا ما حصلت فوضى في الأردن. هذا النجاح المفترض عبرعن نفسه بوديعة سعودية كبيرة وأخرى كويتية وبعض المبالغ المفرقة التي وصلت من الإمارات والإدارة الأمريكية مع تشجيع بحريني وقطري للجان الإستثمار المعنية بالمشاريع الإنتاجية في الأردن إضافة لمنحة نفطية عراقية مقطوعة لمرة واحدة. بالمقابل يرى الإستراتيجيون أن الأزمة تتجدول مرة أخرى ولا تعالج وأن طوابير المواطنين الذين ينشدون الدعم النقدي البسيط تؤشر على الإحتقان أكثر من تأشيرها على مضي مشروع رفع الأسعار قدما.