السفير اللبناني: خضر حلوي هل يمكن لسفير لم ينقض على وجوده في الكويت أكثر من تسعة أشهر بدأها في ربيع الكويت الجميل مرورا بصيفها وحرارتها التي تم تحذيره من شدتها وصولا إلى خريفها الذي شابه ربيعها، انتهاء بشتائها وبردها الذي يذكره ببلده، هل يمكن لسفير مثلي أن يحكي عن انطباعاته عن الكويت وعن مهمته فيها وعن أمور كثيرة عاشها في تسعة أشهر ليودع بها عاما كان حافلا بالمؤتمرات وبالنشاطات السياسية والاجتماعية والثقافية على أرض الكويت الحبيبة، كما كان حافلا على الصعيد الشخصي لأسرد أهم انطباعاتي عن هذه الفترة من العام الذي ينقضي بأيامه الأخيرة، فقد لمست من خلال تجربتي أن جميع أعضاء السلك الديبلوماسي من أي جهة من العالم أتوا سعداء بمهماتهم في الكويت مع عوائلهم ومساعديهم ما يمنح الكويت أميرا وحكومة وشعبا رصيدا محترما جدا على الصعيد الديبلوماسي. وأستطيع القول إن الكويت وبانفتاحها على جميع أطياف البشر من الشرق إلى الغرب هي مصدر راحة ورزق وخير لكل من عمل فيها، الأمر الذي سمعته من كثيرين من أبناء جاليتي ومن بعض الجاليات الأخرى الغربية منها والشرقية. إن الحرارة التي يصفون بها الكويت هي حرارة شعبها ومواطنيها وليس حرارة الطقس التي تنزل بردا وسلاما على القاطنين فيها، وقد جربتها شخصيا خلال فصل الصيف وشهر رمضان وبعده لأقول إنني لم أشعر بما كان يوحى إلي لأن حرارة الكويتيين وحميمتهم تجاه الجميع تلطف من حرارة الشمس. ولقد لمست من خلال التواصل الاجتماعي الذي مارسته عبر الديوانيات واللقاءات والمؤتمرات والمناسبات على أنواعها جمال العيش اللطيف والراقي مع الشخصيات الكويتية التي تشرفت بمعرفتها خلال فترة وجيزة ما يدل على انفتاح الكويتيين ورحابة صدورهم وحسن استقبالهم. إن أوجه التشابه بين الكويتولبنان كثيرة وأكثر من أن تعد أو تحصى كذلك بين الكويتيينواللبنانيين وكأن هذين الشعبين الشقيقين قد خلقا في بلاد صغيرة المساحة لكنها كبيرة الدور والتأثير في محيطها العربي والإقليمي وربما الدولي، مع الفارق بأن الأخطار التي تهددت الكويت والأطماع المشبوهة قد تم تجاوزها بفضل التفاف الشعب الكويتي حول قياداته السياسية وحول المصلحة العليا للوطن. في حين أن النزاع السياسي والانقسام في لبنان لايزال سائدا ويهدد أمن البلد وأمن شعبه واستقراره دون أخذ الدروس والعبرة من مآسي الحروب الأهلية ومن نتائجها المدمرة على كيان لبنان وديمومته. وقد تولدت لدي قناعة بأن بإمكان لبنان أن يكتفي بما يكنه الكويتيون تجاهه من قمة الهرم حتى قاعدته من محبة وتقدير وخوف عليه وعلى أبنائه ما يدفعني للقول إن جميع من تطأ قدماه أرض لبنان للعيش أو للاستثمار أو للزيارة والتمتع بجماله مرحب به من أي جهة أتى، لكنني أكرر أن بإمكان لبنان واللبنانيين أن يكتفوا بالكويت والكويتيين وكل من يأتي غيرهم هو بمنزلة مكافأة زائدة «Bonus» بلغة الشركات وهذا ما يزيدني قناعة بأن إعادة ترسيخ تلك العلاقة التاريخية هي مسؤوليتنا كدولة وكمؤسسات عامة وخاصة. وعلى الرغم من ظروف لبنان وتعقيداته السياسية والأمنية المتنقلة والتي أثرت سلبا على اوضاعه الاقتصادية، فقد اعتاد الكويتي على ظروف لبنان واستوعب اسبابها ولم تمنعه من الاستمرار بالتردد عليه سواء لزيارة أو سياحة أو استثمار مما يجعلني متفائلا فيما لو استقرت اوضاع لبنان بحدها الأدنى لا الأقصى، خاصة من الناحية الأمنية التي مع أهميتها جعلت من الكويتي يختار واحات معينة يرتاح فيها أو يستمر من خلالها أو يسكنها لأيام وشهور. فماذا لو كان الوضع مستتبا والعجلة سائرة كما كانت في الماضي؟ لأكرر قناعتي بأننا نكتفي بالكويتيين وبمحبتهم وحرصهم على لبنان واللبنانيين. أما على صعيد الحالية اللبنانية في الكويت، فهم قديمو العهد والوجود، منذ نشأة الكويت التي واكبوا نهضتها وعمرانها وتمسكوا بها ممتنين للدولة ولأميرها وولي عهدها وحكومتها ورؤساء حكومتها ووزرائها وكبار مسؤوليها ولكل مسؤول في إدارتها. كما لاحظت ان القطاع الخاص الكويتي الديناميكي والمتطور والمتجه نحو الحداثة، وعلى شتى أشكاله الاقتصادية هو قطاع جدير بالتحية والإكبار لقيادييه ومسؤوليه الذين يساهمون في بناء بلد متقدم يعتمد على العلم والجدارة حيث تستوجب المراكز والمسؤوليات. وأستطيع القول إن الدور الذي تلعبه الكويت، بحكمة أميرها والجهاز الحاكم، هو دور بناء، مسالم وتوفيقي بين الدول والشعوب وبين المتخاصمين والمختلفين، فهو دور سياسي رفيع الأداء يجعل من الكويت دولة التوافق وراعية السلام الإقليمي والدولي الذي تصبو إليه شعوب العالم عبر هيئة الأممالمتحدة ومجالسها المختلفة، وهذا ما جعل منها دولة الديبلوماسية ودولة المؤتمرات ودولة الإخاء والتلاقي. تسعة أشهر ربما تكون وجيزة لسفير لكنها كانت ملأى بالحركة والتواصل المطلوب من كل سفير لتوطيد العلاقات ولترسيخها وتنميتها بقدر المستطاع وللقيام بالواجب تجاه البلد الذي يمثل وتجاه البلد الممثل فيه على الصعيدين الرسمي وغير الرسمي. يجدر الاعتراف بأن عام 2013 كان عاما مجديا وجميلا في الكويت، وكل عام والكويتولبنان والعالم بخير.