د. فهد بن سعد الجهني ممّا منَّ الله به عليَّ ومننُهُ لاتُعد ما أكرمني به من حبِّ العلمِ وأهلهِ ومجالسهِ، فكنتُ ولا أزال ومنذ بدايات الطلب التزمُ أهلَه وأغشى مجالسَه، ولاشك أن من أعظم ما يزيد العلم ويُنمّي الفكر ويوسّع المدارك هو: تلك المجالس التي تُطرحُ فيها الأفكار وتُعرَضُ فيها العقول ، ومن خلال تجارب المتقدمين والمتأخرين فإن النقاش والحوار العلمي وسماع الرأي الآخر من أنفع الوسائل المُعينة على تقبل الآراء ومناقشتها بهدوء ورحابة صدر . ومن أجلِ ذلك كان ثلةٌ من العلماءِ وأهلِ الأدب والفضل قديماً وحديثاً ،يحرصون على تلك المجالس أو المنتديات العلمية ،فتجدها حاضرة في مجالس الخلفاء أو الوزراء أو الوجهاء في لقاءات دوريةٍ مُنتظمة، وقد أنتجت هذه المجالس علماً وثراءً فكرياً عظيما. وقد عشتُ هذه التجربة على المستوى الشخصي ،فظهر لي من فوائدها وبركتها ما توقعتُ ومالم أتوقع! وفق الله فأطلقتُ بمعونة بعض الأفاضل ندوةً علميةً شهرية ، لها سمتُها الخاصة بها، حيث تُعنى بطرح الموضوعات والقضايا المتعلقة بعلم أصول الفقه ومقاصد التشريع أو الفكر الفقهي بشكل عام ، ومن هنا جاء اسمها (ندوة تأصيل ) . وتهدف الندوة إلى : إحداث حراك علمي جاد بين أوساط الباحثين ، مناقشة المسائل العلمية التي تحتاج إلى مزيد بحثٍ ونظر ، إفادة طلاب الدراسات العليا بالموضوعات العلمية التي من الممكن التسجيل فيها . وانطلق أول لقاء علمي ولاتزال ولله الحمد ،وقد ناهزت الأربع سنوات ويزيد ووصلنا إلى اللقاء الثاني والعشرين ولله الحمد ، ويتم اختيار ضيف لكل لقاء يختار موضوعاً أو مسألةً علمية محددّة تبتعد عن العمومية والسطحية في الطرح ،حتى نضمن تحقق الفائدة العلمية المُركزة. يتحدث الضيف في ساعةٍ وقد تنقصُ قليلاً ثم يُفتحُ بابُ الحوار والنقاش والمداخلات والإضافات ،ويشهد الندوة جمعٌ من الأكاديميين وطلبة العلم والمهتمين بالشأن العلمي والفقهي . ومن المفرح والمشجع ذلك التواصل الذي تشهده الندوة من حضورٍ وحرص من المهتمين ، كذلك ذاك التشجيع الذي لمسناه من أصحاب الفضيلة العلماء والباحثين ، فقد كان من كوكبة الحضور والمشاركين عددٌ من أصحاب الفضيلة من هيئة كبار العلماء ومن كبار الكاتبين والمُصنفين في علم أصول الفقه ومقاصد الشريعة والنظريات الفقهية ، ومن الأسماء المشهورة التي شرفتنا بالمشاركة :نخبة من هيئة كبار العلماء ومنهم: شيخ الأصوليين أ.د يعقوب الباحسين ومعالي الشيخ أ.د عبدالله آل خنين والشيخ د.محمد المختار الشنقيطي والشيخ د.قيس المبارك ، والعالم المقاصدي المغربي شيخنا د.أحمد الريسوني ود.محمد سعد اليوبي ود.حمزة الفعر وغيرهم كثير . إن تبني هذه المنتديات والمجالس العلمية التي تكون واضحة الأهداف محدّدة المعالم ،وتقوم على أسس علمية منهجية ،من أهم المشاريع الثقافية والعلمية التي نأمل أن تترسخ وتنتشر في ثقافتنا السائدة ، فهي من أهم ماينبغي أن تُصرفُ فيه الأوقات والأموال وتبذلُ فيه الجهود ، وهناك ولله الحمد مجالس وديوانيات علمية أو أدبية أو ثقافية عريقةٌ ومشهورة ولا تزال تؤدي دوراً ثقافياً واجتماعياً رائداً . أرجو لأصحابها دوام التوفيق وأن يخُلفَ اللهُ عليهم ما يبذلون من جهدٍ وفكرٍ ومال، وأن يكونوا قدوةً لغيرهم من أهل العلم والفضل وأن يساهموا في إيجاد حراك علمي نافع يستفيد منه من حولهم . وأرجو أن يكون لوزارة الثقافة دورٌ رائد في تبني ودعم مثل هذه المشاريع الفردية . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (67) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة