أبوظبي - "الخليج": وسلط افتتاح قمة أبوظبي لطاقة المستقبل أمس الضوء على تحديات الطاقة في قارة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وكيف أن الافتقار للطاقة يعوق جهود التنمية الاقتصادية وعلى الرغم من الاستقرار المتزايد الذي تشهده القارة وإحصاءات الاقتصاد الكلي المشجعة وتزايد أعداد أفراد الطبقة المتوسطة إلا أن أكثر من 600 مليون إفريقي لا يزالون يفتقرون إلى الطاقة الكهربائية الآمنة والموثوقة . وبدأ الحفل بالسلام الوطني لدولة الإمارات ثم عرض مادة فيلمية توضح آثار الاستمرار في استنزاف الموارد الطبيعية وإمكانية تلافي ذلك من خلال استخدام الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة إدارة الموارد . ألقى الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لمصدر كلمة رحب فيها بالفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وضيوف القمة وقال: "أرحب بكم في الدورة الثانية من "أسبوع أبوظبي للاستدامة" هذا الحدث المهم الذي نناقش خلاله أبرز التحديات التي تواجه مستقبلنا المشترك والفرص المتاحة التي يمكننا الاستفادة منها لتحقيق التنمية المستدامة وبناء عالمٍ أفضل للأجيال القادمة" . وأوضح "أن المستقبل يقف أمامنا زاخراً بالإمكانات والآفاق الواعدة لتحقيق التنمية المستدامة وتعتمد الاستفادة من هذه الإمكانات على مدى قدرتنا على تغيير أسلوب تفكيرنا وتطوير اقتصاداتنا الحالية وبناء اقتصادات جديدة أكثر تقدما . . ويجب أن تكون أنظمتنا الاقتصادية المستقبلية أكثر مرونة وأعلى إنتاجية وكفاءة لكي نتمكن من الحفاظ على مواردنا الطبيعية فهذه ضرورة ملحة للحفاظ على متانة اقتصاداتنا وفرصة مهمة لدفع عجلة نموها" . وأشار الجابر إلى أنه في ظل التوقعات التي تشير إلى أن تعداد سكان العالم سينمو إلى 8 مليارات نسمة بحلول عام 2030 فإننا سنحتاج إلى زيادة إنتاجنا من الطاقة بنسبة 50 في المئة ومن الغذاء بنسبة 50 في المئة ومن المياه العذبة بنسبة 30 في المئة وذلك خلال أقل من عقدين من الزمن وفي الوقت نفسه الحد من الآثار الضارة لأنشطتنا على البيئة . ولفت الجابر إلى أنه لكي نتمكن من تلبية هذا الطلب المتنامي بصورة مستدامة يجب علينا الاعتماد على عنصرين أساسيين هما: تعزيز كفاءة استخدام الموارد وتطبيق التقنيات النظيفة، حيث ستسهم تلك العناصر في تحسين كفاءة قطاعاتنا الصناعية وتسريع وتيرة نمو اقتصاداتنا الناشئة . جهود جماعية ونوه الجابر بأن ذلك يتطلب جهودا جماعية وتعاونا أكبر بين القطاعين العام والخاص وسيتوجب علينا وضع القوانين والسياسات المطلوبة لتشجيع الاستثمارات في تطوير التقنيات النظيفة من أجل المساهمة في تقدمها وتوسيع نطاق تطبيقها، لافتاً إلى أن تطوير هذه التقنيات والخدمات سيسهم في ظهور قطاعات جديدة ستساعد على ضمان نمو متوازن لاقتصاداتنا وتحقيق أمن مواردنا" . وأكد أنه سيكون لهذه القطاعات الجديدة تأثير كبير في العالم النامي وستسهم في توفير فرص حقيقية للنمو، حيث إن تحسين الوصول إلى التقنيات الحديثة سيساعد هذه الاقتصادات على تحقيق قفزة نوعية والاستغناء عن التقنيات القديمة التي تفتقر إلى الكفاءة والبدء مباشرة باستخدام التقنيات الحديثة المتطورة . وأوضح الجابر أنه ما من مكان في العالم بحاجة إلى مثل هذه الفرصة أكثر من إفريقيا، حيث تتمتع هذه القارة بإمكانات كبيرة للنمو ولكن هناك معوقات رئيسية تقيدها ومن أبرزها قطاع طاقةٍ غير موثوق يتسم بارتفاع تكاليف الحصول على موارد الطاقة وصعوبة الوصول إليها، مبيناً أنه ينبغي اعتماد التقنيات النظيفة المتاحة في عصرنا الحالي كي تتمكن قارة إفريقيا من الاستفادة من مواردها الطبيعية وتحقيق وصول مستدام ومعقول التكلفة وغير محدود إلى مصادر الطاقة وسيتطلب تحقيق ذلك تغيير أسلوب تفكيرنا بحيث تكون الشراكات المحور الرئيسي لنهجنا الجديد إضافة إلى تعاون الشركات والحكومات معاً في مجال الابتكار وتعزيز اعتماد التقنيات الحديثة ومشاركة المخاطر وفي الوقت نفسه تقاسم المنافع التي ستمكّن قارة إفريقيا من التحول إلى قوة اقتصادية كبرى وستساعد في تعزيز التنمية المستدامة للاقتصاد العالمي . أقطاب الاقتصاد وقال الجابر إن أقطاب الاقتصاد العالمي تواصل توسعها ويزداد ترابطها أكثر من أي وقت مضى وتقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية مشتركة تتمثل في تعزيز نمو اقتصاداتنا المحلية مع المساهمة في الوقت نفسه بدفع عجلة نمو اقتصادات الدول الأخرى، وهذا هو السبب الرئيسي الذي نجتمع من أجله في هذا المكان اليوم، وأضاف "إن توحيد جهودنا وتعزيز تعاوننا هو السبيل الوحيد لتلبية المتطلبات المعقدة للمستقبل، وبالتالي لا بد لنا من الالتزام بالعمل الحقيقي وتجاوز المعوقات التي تقف في طريقنا والتفكير بأسلوب مُبتكر بكيفية بناء مستقبل مستدام وآمنٍ للأجيال القادمة" . نمو مطرد ثم عقدت جلسة نقاش أدارها عدنان أمين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" وشارك فيها كل من رئيس السنغال ورئيس سيراليون ورئيس وزراء إثيوبيا، وقال عدنان أمين في بداية الجلسة: إن إفريقيا تشهد نمواً مطرداً تصل نسبته ما بين 5 في المئة إلى 6 في المئة سنوياً، كما تواجه العديد من التحديات المتمثلة بالزحف نحو المدن وتزايد الطلب على الموارد، وفي المقابل كان العقد الأخير للقارة الإفريقية حافلاً بالأحداث، حيث شهدت ارتفاعاً في الطلب على التعليم وتغيرات سياسية واقتصادية مكنتها من إيجاد بيئة استثمارية خصبة لا سيما في قطاع الطاقة التي تشكل حجر الزاوية لعملية التنمية المستدامة . وأضاف أن سيراليون والسنغال وإثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية تتمتع ببيئات مميزة لإقامة مشاريع الطاقة المتجددة ونتوقع أن تشكل قمة طاقة المستقبل منصة مثالية للتعرف إلى الفرص المتوافرة في إفريقيا ومجالات التعاون المحتملة مع بلدانها . من جانبه قال ماكي سال رئيس جمهورية السنغال: إن إفريقيا تقف على منعطف طرق وهي قارة المستقبل التي تشهد تغيرات وتطورات بشكل دائم وتتمتع بسكان يمكن وصفهم بالديناميكيين وبموارد متنوعة من طاقة ومعادن وزراعة وفي المقابل تواجه إفريقيا تحديات كالنمو المطرد في أعداد السكان ولذلك يشكل الطلب على الطاقة لتلبية الاحتياجات المتزايدة أحد أهم أولوياتنا ونأمل من خلال مشاركتنا في هذا الحدث أن نشجع الشركات الخاصة لتعمل على وضع السنغال وغيرها من الدول الإفريقية ضمن قائمة الدول التي يمكن تطوير مشاريع مجدية فيها والاستفادة من الموارد المتعددة التي تزخر بها . استقطاب المتخصصين ومن جانبه قال هايلي مريم ديسيلين رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا: إن بلاده تتمتع بأحد الاقتصادات الأكثر نمواً في إفريقيا، وهذا عائد إلى التحسن الكبير في السياسات المطبقة وتغير السلوكيات التنموية وفتح أبواب التواصل مع مختلف دول العالم، كما تفخر إثيوبيا بامتلاكها أكبر الطاقات في إفريقيا وتعمل على تطوير الكثير من مشاريع الطاقة النظيفة من مصادر متعددة كطاقة الرياح والمياه وطاقة الكتلة الحيوية . وأعرب عن أمله في أن نستطيع من خلال مشاركتنا استقطاب الشركات المتخصصة في الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث إن نظام الحوكمة والتشريعات الاستثمارية المعمول بها ستؤمن لهم بيئة استثمارية آمنة ومناسبة" . وقال أرنست باي كوروما رئيس جمهورية سيراليون " لقد عملت سيراليون على وضع تشريعات وقوانين ملائمة لشركات القطاع الخاص وذلك بهدف استقطاب الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة حيث تتمتع بلادنا بموارد طبيعية كالطاقة الشمسية وطاقة الكتلة الحيوية وطاقة الرياح ويرتكز اهتمام حكومتنا على العمل مع شركاء من مختلف أرجاء العالم، وبما أن صناعة التعدين تعد ضمن الصناعات الرئيسية في البلاد وهي بحاجة إلى توفر موارد الطاقة فإننا نتجه حالياً لتوفير مصادر بديلة وعدم الاعتماد على الشبكة المحلية فقط، وذلك باستقطاب شركات للاستثمار في هذا القطاع الحيوي" . تحديات ومعوقات يتماشى التركيز على تحديات الطاقة ومعوقات التنمية الاقتصادية التي تواجهها إفريقيا مع الأجندة العالمية لعام ،2014 حيث بدأ هذا العام العمل على تطبيق مبادرة الأممالمتحدة تحت عنوان "عقد الطاقة المستدامة للجميع" التي تدعو الدول الأعضاء إلى ضمان تحسين الوصول العالمي إلى مصادر الطاقة المستدامة باعتبار ذلك من أبرز أولويات سياساتها الوطنية، وتدعو المبادرة أيضاً كلاً من الحكومات والشركات والمجتمع المدني إلى العمل معاً في سبيل تيسير حصول الجميع على الطاقة ومضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي ومضاعفة معدل تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وهو ما ينسجم مع الأهداف الرئيسية التي تركز عليها "القمة العالمية لطاقة المستقبل" سنوياً . ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" ستحتاج منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى 250 غيغاواط إضافية من الكهرباء بحلول عام 2030 لكي تتمكن من تلبية متطلبات النمو السكاني والاقتصادي الذي ستشهده في المستقبل . تجدر الإشارة إلى أن انقطاعات الكهرباء المتكررة والاعتماد على وقود الديزل المكلِف لتوليد الكهرباء يستنزف من العديد من الدول الإفريقية ما بين واحد إلى خمسة في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي . وفي المقابل تتمتع الطاقة الشمسية بإمكانات واعدة كمصدر متجدد لتوليد الطاقة في مختلف أنحاء القارة الإفريقية، كما أن طاقة الرياح غير مستغلة فعلياً في تلك المنطقة، وبالتالي فإن عدم توفر بنية تحتية تقليدية للطاقة يتيح للدول الإفريقية إمكانية الاستثمار في مصادر طاقة آمنة ومتجددة من أجل تزويد القارة بكهرباء نظيفة وغير مكلفة مع الحد في الوقت نفسه من الانبعاثات الكربونية . أبرز المؤتمرات تعد "القمة العالمية لطاقة المستقبل" التي انطلقت قبل سبع سنوات أبرز المؤتمرات السنوية العالمية الهادفة إلى تعزيز التقدم في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة وتحسين الكفاءة في توليد واستهلاك الطاقة، وذلك من خلال إشراك القادة السياسيين والأكاديميين وقادة قطاعات المال والأعمال والصناعة في حوار بناء لتعزيز الابتكار وتقديم فرص الاستثمار والأعمال في قطاع الطاقة المستدامة من أجل التصدي للطلب المتنامي على موارد الطاقة وتنويع مزيج الطاقة العالمي، وقد شاركت أكثر من 650 شركة لعرض منتجاتها وحلولها وخدماتها خلال المعرض المصاحب للقمة . الخليج الامارتية