GMT 0:05 2014 الأربعاء 22 يناير GMT 0:30 2014 الأربعاء 22 يناير :آخر تحديث علي الطراح يقول مسؤول خليجي كبير إن حكاية «الإخوان» في مصر قد انتهت مع التصويت على الدستور الجديد. لكن جماعة «الإخوان المسلمين» حركة تتجاوز الحدود الإقليمية المصرية، وهي جماعة متشابكة ولها مصالح عابرة للقارات، كما أنها تطمح للحكم، ليس في مصر وإنما في البلاد العربية والإسلامية قاطبة. لقد نجح «الإخوان»، ولأول مرة في التاريخ، في السيطرة على الحكم في مصر عبر الانتخابات، واستطاع أحد أعضائهم (مرسي) الوصول لرئاسة البلاد، لكن أخطاء فادحة أطاحت بهم. انتخاب مرسي كان بفارق بسيط عن منافسه، ومع ذلك فقد اعتقد «الإخوان» أنهم يسيطرون على الشارع المصري، ونسوا أن الانتخابات كانت لها ظروفها الخاصة وأنهم لا يمكنهم الهيمنة على الشارع المصري. التصويت على الدستور الجديد يعتبر إشارة واضحة حول رفض الشارع المصري لجماعة «الإخوان»، ومن ثم لجوؤها للعنف المسلح هو السلاح الأخير الذي تملكه، وكان الأحرى بقياداتها قراءة الواقع وممارسة النقد الذاتي لإخفاقاتهم، إلا أن الجماعة ركبت رأسها واختارت المواجهة المسلحة بدلاً من الحوار والنقد، مما ضاعف الرفض الذي ظهر لنا في التصويت على الدستور الجديد. وهناك النموذجان المغربي والتونسي متمثلان في حزبين يشكلان امتداداً لجماعة «الإخوان»، حيث يتضح أن حزب «النهضة» في تونس استطاع تجاوز بعض العثرات واختارت الحوار حتى لا ينتهي كما انتهت الجماعة الأم في مصر. أما في المغرب فالمؤشرات تؤكد تراجع حزب «الإخوان» ممثلاً برئاسة الحكومة، إذ يبدو «العدالة والتنمية» عاجزاً عن تقديم رؤية واقعية تعالج مشاكل البلاد، مما يعني أن أي انتخابات قادمة سيخسر فيها «الإخوان». فهل فعلاً سقطت دولة «الإخوان» أم مازالت تملك المخزون الذي يمكنها من العودة للسلطة في مصر؟ من الواضح أن جماعة «الإخوان» خسرت خسائر فادحة وأنها في المنظور القريب تبتعد عن السلطة ومن ثم فالمراهنة القريبة على عودتها هي في أقل تعبير قراءة خاطئة للواقع العربي. وفي الوقت نفسه يجب أن لا يُفهم الرفض الشعبي في مصر على أنه نجاح لعودة دولة الاستفراد والاستبداد، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المصريين تجاوزوا الخوف وسياسة القمع فقدت قدرتها على ضبط الشارع، لذلك فما نحتاجه هو التوجه نحو التجديد في خطاب الدولة العربية، خصوصاً إذا ما عرفنا أن المراهنة على إدخال الأيديولوجيا الدينية في السياسة مراهنة خاسرة، لاسيما بعد دخول تنظيمات راديكالية دينية مناهضة للحكومات العربية، ومن ثم فعلى النظم السياسية مراجعة سياساتها في توظيف الدين والأيدلوجيا الدينية. الدولة العربية هي المهيمن على المؤسسات الدينية، وكثير من علل الخطاب الديني منبعها النظام السياسي الذي أساء الاستخدام وجعل التنظيمات الإرهابية تحقق نجاحات في استقطاب الشارع المسلم. «داعش» إحدى تلك التنظيمات التي خرجت لنا بشكل مفاجئ، وهي اليوم تتبنى ما يعرف ب«دولة العراق والشام الإسلامية». ومن الواضح أن هذه الحركة تجد الدعم المنظم لأهداف مرحلية قائمة على فرضية خاطئة مفادها أن الحركات الراديكالية يمكن السيطرة عليها. هذه الحركة أعلنت موقفها حيال التدخين والموسيقى وأقامت محاكمها «الشرعية» دون أي اعتبار للعقل البشري. فهي فاقدة للرؤية، لذلك فإن التصدي لها ولمثيلاتها ينبغي أن يأتي عبر خطاب ديني عقلاني تتبناه الأنظمة السياسية، وليس فقط عبر المواجهة الأمنية التي مازالت السلاح الوحيد للسلطة العربية. فالضرورة تحتم مراجعة الخطاب الديني الذي تتبناه السلطة العربية، على أمل سحب البساط من هذه الحركات. ايلاف