حيث انها في الأغلب لن تكتفي بتبادل الآراء حول الانقسام في الشارع المصري بسبب القرارات الأخيرة للرئيس محمد مرسي وإنما قد تمس الأمن القومي المصري إذا ما استغلتها إسرائيل لدفع برلين إلي إلغاء صفقة الغواصات الألمانية التي تعول عليها البحرية المصرية لتحديث أسطولها. وتنعقد المشاورات الألمانية الإسرائيلية وسط أجواء من التوتر المستمر منذ فترة بين ميركل ونيتانياهو بسبب تمسك الأخير بسياسة الاستيطان الإسرائيلية وعدم استجابته لطلبات متكررة من ميركل بتقديم تنازلات للفلسطينيين يمكن ان تساعد المانيا علي الاستمرار في موقفها المؤيد لإسرائيل علي الساحة الدولية. وقد بلغ التوتر بين برلين وتل أبيب أوجه بعد ان تراجعت ألمانيا في اللحظات الاخيرة عن موقفها المعارض لقرار منح فلسطين صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة. وكشف مصدر رفيع في الحكومة الالمانية أن المانيا وجدت نفسها الدولة الأوروبية الوحيدة التي ستعارض القرار بجانب جمهورية التشيك فقررت الامتناع عن التصويت خاصة بعد ان فشلت جهودها الدبلوماسية في إيجاد موقف اوروبي معارض للقرار أولا ثم في إقناع بقية الدول الأوروبية بالامتناع عن التصويت ثانيا. وقد تسبب تغيير ميركل لموقفها في صدمة لنيتانياهو. ويتوقع المراقبون هنا ان تسعي ميركل ونيتانياهو خلال قمة اليوم لتخفيف حدة التوتر بينهما, وقد بدت مؤشرات ذلك عندما خصصت المستشارة رسالتها الأسبوعية للمواطنين للتأكيد علي عمق العلاقات بإسرائيل وان المشاورات الحكومية هذه لا تعقدها ألمانيا علي هذا المستوي سوي بعدد محدود من الشركاء في العالم وأن الحفاظ علي أمن إسرائيل أولوية ألمانية, خاصة وانها هي الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط. ومن المنتظر ان تتناول الاجتماعات ملف صادرات الأسلحة الألمانية ليس فقط لإسرائيل أنما أيضا لدول الجوار, خاصة مصر بعد ان كشفت صحيفة هانزبلات ومجلة دير شبيجل الالمانية عما دار في كواليس الاجتماع المفترض ان يكون سريا لمجلس الأمن الاتحادي في مقر المستشارية الألمانية في الاسبوع الماضي. وتقول هاندلزبلات ان حكومة ميركل وافقت خلال الأشهر الماضية تقريبا علي كل ما طلبته إسرائيل من اسلحة. وإذا كانت إسرائيل تحصل باعتراف الألمان علي كل ما تريده تقريبا من اسحة ألمانية فإن هذا لم ينطبق ابدا علي مصر في عهد مبارك وبالتأكيد لن ينطبق عليها خلال المرحلة المقبلة وفي ضوء المخاوف الألمانية الرسمية من ألا تسير مصر علي طريق الديمقراطية. ويمكن الإشارة هنا تحديدا إلي صفقة الغواصات الألمانية من طراز209 التي طلبت مصر شراءها من ألمانيا وحصلت بالفعل علي الضوء الأخضر من مجلس الامن الاتحادي في نوفمبر من العام الماضي وبعد ان تأكدت المانيا من عدم وجود اعتراضات إسرائيلية عليها, خاصة أن الغواصات اقل قدرة من طراز دولفين الذي تملكه إسرائيل. وتقول دير شبيجل انه بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي ووصول القوي الإسلامية للسلطة غيرت إسرائيل رأيها ومارست ضغوطا شديدة علي ألمانيا لإلغاء الصفقة فتراجعت المستشارية الألمانية ووعدت بمراجعتها, وتضيف المجلة أنه في اجتماع مجلس الأمن الاتحادي في الأسبوع الماضي اعترض وزير الخارجية فستر فيله الذي كان يؤيد الصفقة من البداية علي رهن القرارات الألمانية بما تريده إسرائيل, ومع ذلك فلم يتم البت في اتمام صفقة الغواصات مع مصر بشكل نهائي ورغم ان الحكومة الألمانية اقرت بالفعل ضمانات حكومية للصفقة بقيمة700 مليون يورو. ونظرا لأن كل من الطرفين, ميركل ونيتانياهو, رغم كل الانتقادات الألمانية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية وانعدام رغبة إسرائيل في إحياء عملية السلام من جديد, معنيان قبل كل شيء بإعادة شهر العسل بين البلدين, فإن الكثير من القلق لابد أن يساور المسئولين في مصر من احتمالات ممارسة نيتانياهو ضغوطا علي المستشارة لإلغاء صفقة الغواصات. وربما تلقي هذه الضغوط في اللحظة الراهنة استجابة في ضوء حالة عدم الرضا الألمانية عن الإعلان الدستوري والانتهاء في عجالة من صياغة الدستور دون اجماع وطني من كافة القوي السياسية عليه.