أكد الخبير الأمني المصري العقيد خالد عكاشة إن مصر تخوض حرباً فعلية ضد الإرهاب، وان أنواع الأسلحة المستخدمة في التفجيرات هي إسرائيلية الصنع، أمدت بها حماس "أنصار بيت المقدس". وبمنظور امني أوضح عكاشة في حواره ل "إيلاف" إن السيسي هو الشخصية الأجدر بقيادة مصر في تلك المرحلة. القاهرة: لا تملك وأنت تحاور العقيد والخبير الأمني المصري خالد عكاشة سوى الإنصات، فالرجل يجيد المناورة في مساحات ضيقة، ورغم ما يحمله في جعبته من أسرار حول إشكالية المنظومة الأمنية في مصر، إلا انه يعي جيداً موطن الخطوط الحمراء، وما لا ينبغي تجاوزه أو الإفراط فيه عند الحديث عن وضع بلاده الأمني، وربما ساهم في تكوين تلك المحاذير لديه، انخراطه في العمل الأمني بأكثر من موقع. لم يكن مستغرباً أن ينصب حوار "ايلاف" مع الخبير الأمني خالد عكاشة على قضايا أمنية، عكست مشهداً قاتماً لما تشهده مصر منذ رحيل رئيسها المعزول بفعل ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو) محمد مرسي، ووضع عكاشة النقاط على الحروف فيما يتعلق بوضع مصر الأمني حالياً، وما وُصف بإخفاق جهاز الشرطة في التعاطي مع التحديات الأمنية التي تشهدها البلاد، فضلاً عن حديث حول تنظيم ما يُعرف ب "أنصار بيت المقدس"، وعلاقته بالإخوان المسلمين، وعلاقة الجماعة به، كما ألقى الضوء على هوية الأسلحة والمتفجرات، التي يستخدمها التنظيم في تنفيذ عملياته بمصر، ووقف على حقيقة ما إذا كانت تلك الأسلحة إسرائيلية الصنع بالفعل، وكيف جرى التنسيق مع إسرائيل للحصول عليها، بالإضافة إلى محاور أخرى يتناولها الحوار مع عكاشة. والى نص الحوار: حرب مفتوحة في البداية، ما تقييمكم لوضع مصر الأمني بعد عزل مرسي بفعل ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو) 2013؟ ما يجري على الساحة الأمنية في مصر، يجزم بدرجة تصل إلى اليقين بان البلاد تخوض حالة حرب مفتوحة مع الإرهاب، سواء كان ذلك في سيناء، أو في العديد من محافظات الجمهورية، ولعل ما يؤكد ذلك، هو المعارك التي يخوضها الجيش ضد تنظيمات جهادية في شبه جزيرة سيناء، أو تلك المعارك التي تخوضها قوات الشرطة أمام التنظيمات عينها في مختلف المدن والمحافظات، وما يؤكد ذلك هو التفجيرات التي لم تعتدها مصر قبل ذلك في عصور سابقة، خاصة الانفجارات الهائلة التي ضربت مديرية امن المنصورة، والأخيرة التي نفذتها سيارة مفخخة أمام مديرية امن القاهرة. على ذكر تفجير مديرتي الأمن في المنصورةوالقاهرة، ألا ترى أن هذين التفجيرين سحبا ثقة الجماهير في مدى قدرة وكفاءة منظومة الأمن الداخلي المصري، خاصة إنهما استهدفا عقر بيت وزارة الداخلية؟ ثقة الجماهير في المؤسسة الأمنية لم تهتز، بدليل إن الشعب المصري وقف إلى جوار جهازه الشرطي في الحادثتين اللتان تتحدث عنهما "مديريتا أمن المنصورةوالقاهرة"، إذ شاركت الجماهير في عمليات إنقاذ مصابي الشرطة والمدنيين، بل إن المواطنين تبرعوا بدمائهم لمصابي الشرطة، بداية من العساكر وصولاً إلى القيادات، ما يؤكد إن الشعب والشرطة يعملان حالياً في معسكر واحد ضد الإرهاب. كما أن الحديث عن انعدام الثقة بين الجماهير والداخلية، ينطوي تحت باب التقديرات الخاطئة، فالإرهاب يضرب أماكن كثيرة ولا يعني ذلك أن هناك قصور من الأجهزة الأمنية، وعلى سبيل المثال الضاحية الجنوبية في بيروت، تتعرض الفينة تلو الأخرى لضربات إرهابية، رغم أن تلك الضاحية من ابرز المواقع التي تتمركز فيها قوات الأمن. تسليح الخلايا النائمة دعنا نتحدث بصراحة أكثر، من أين تأتي الثقة التي تتحدث عنها بين الشعب والشرطة، والانفجارات مازالت متواصلة، والوضع يزداد تفاقماً؟ عند تقييم الأوضاع الأمنية في مصر بحيادية، ينبغي الكشف عن العديد من المعطيات، التي ربما تكون غائبة عن الكثيرين، فنظام المعزول محمد مرسي وجماعته "الإخوان المسلمين"، المدرجة حالياً على قائمة التنظيمات الإرهابية، وضع منذ اليوم الأول لتوليه السلطة ظهيراً من الجماعات الراديكالية المتطرفة في مختلف المحافظات، خاصة في الشرقية والدقهلية ومدن القناة "الإسماعيلية والسويس وبورسعيد"، كما عكف مرسي وجماعته على تسليح تلك الخلايا النائمة، تحسباً لليوم الذي يكتشف فيه زيف وعود النظام ويثور عليه. وأمام هذا التوقع لم يكن مستغرباً أن تنتفض تلك الجماعات المسلحة بعد ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو) 2013 ضد مقرات الجيش والشرطة، في محاولة يائسة لإعادة إنتاج نظام مرسي جدداً. ورغم العمليات الإرهابية التي تنفذها تلك الخلايا هنا وهناك، إلا أن الجهاز الشرطي يواصل حملاته من 30 حزيران (يونيو)، التي تمكن خلالها من ضبط العديد من مستودعات الأسلحة، كما ألقى القبض على المئات من الخلايا والعناصر المتطرفة التي تديرها، فوزارة الداخلية بجميع قطاعاتها تبذل جهداً مضنياً، وتمكنت خلال تلك الفترة من إحباط سيناريوهات سوداء تفوق ما تشهده البلاد حالياً من عمليات إرهابية. رغم ذلك إلا أن الجماهير كانت تعوّل كثيراً على قدرة وكفاءة وزارة الداخلية، ولم تتوقع وصول الخلايا الإرهابية لمديريات امن الداخلية عينها، ويرى البعض أن هناك إخفاقات أو ربما تقاعس - إذا جاز التعبير - في تعامل الشرطة مع الإرهاب، إلى أي مدى تتفق مع ذلك؟ ليس ثمة شك في أن هناك نوع من البيروقراطية أو البطء، إلا أن ذلك في حده الأدنى، فوزارة الداخلية لم تلتقط أنفاسها لتتمكن من التعامل مع الواقع الجديد، إذ أن رفاهية الوقت لم تكن موجودة أمام الوزارة للوقوف على أقدامها بعد ثورة 30 حزيران (يونيو). حرص مرسي على إضعاف الداخلية ماذا تقصد بالفرصة أو رفاهية الوقت، الذي كانت تحتاجه الشرطة للوقوف على أقدامها؟ الشرطة لا تعمل حالياً بطاقتها الكاملة، فنظام المعزول مرسي كان حريصاً خلال العام الذي تولى فيه السلطة على إضعاف وزارة الداخلية، وعكف على تعطيل "دماغها" الأمني، المتمثل في جهاز امن الدولة أو ما يُعرف حالياً بجهاز الأمن الوطني، فرغم انه كان من المفروض إعادة تجديد دماء هذا الجهاز، وثقله من الناحية الأمنية والتقنية، إلا أن نظام مرسي سعى لهلهلة قدراته وكفاءته، حينما أقال عددا كبيرا من خيرة قياداته، ونقل بعضهم إلى قطاعات لا تتسق وقدراتهم، ودمج مصلحة الأمن العام لجهاز الأمن الوطني، كما حظر الاستجوابات إلا بإذن النيابة العامة. نسف جهاز الأمن الوطني وهل هناك تصور لإصلاح أو لإعادة تأهيل جهاز الأمن الوطني؟ لابد من نسف الجهاز من جذوره لتطويره بما يتسق ومنظومات الأمن الداخلي العالمية، واعتقد أن لحظة الهدوء باتت قريبة جداً، إذ انه بعد انتخابات الرئاسة والبرلمان، ستكون الفرصة مهيأة لإصلاح الجهاز. عودة إلى العمليات التفجيرية التي شهدتها مصر ولا زالت، وإعلان تنظيم ما يُعرف ب "أنصار بيت المقدس" مسئوليتها عنها، ما علاقة هذا التنظيم بجماعة الإخوان المسلمين، خاصة إن البعض ذهب لما هو ابعد من ذلك، حينما قال انه لا يوجد تنظيم يحمل هذه الهوية من الأساس؟ الحديث عن أنه لا يوجد تنظيم يحمل اسم "أنصار بيت المقدس" غير صحيح جملة وتفصيلاً، فتلك الخلية لا تختلف في خطورتها عن تنظيم "الفرقان"، أو خلية "الحرية والعدالة" التي تلقت تدريبات عسكرية على أيدي حماس في قطاع غزة، الأكثر من ذلك إن مصر دخلت الحزام الإرهابي الذي يضم ما يربو على 8 دول، بداية من القاعدة في المغرب حتى العراق وسوريا، وتسعى تلك التنظيمات الإرهابية إلى التخديم على جماعة الإخوان المسلمين ونظام رئيسها المعزول. أما فيما يتعلق بتنظيم "أنصار بيت المقدس" فهو تنظيم إرهابي وتكفيري متطرف، اقنع عناصره بتحول أيدلوجي وحركي، فبعد أن فشل في محاربة إسرائيل، كثف حربه ضد "العدو القريب" المتمثل في الأنظمة العربية وفي طليعتها النظام المصري، إذ يتهم تلك الأنظمة بالكفر الصريح، وخلال التحقيق مع القيادي في التنظيم المدعو "عادل حبارة"، تحدث بمنتهى البساطة عن انه يعمل ضد مجموعة من الكفار، وهناك مصالح مشتركة بين التنظيم وجماعة الإخوان المسلمين، ولعل ذلك هو ما جعل جماعة الإخوان المسلمين تدعم التنظيم دعماً لوجستياً كاملاً. تفجيرات بأسلحة إسرائيلية تقديرات الأجهزة المعنية في القاهرة جزمت بأن أنواع المتفجرات التي استخدمتها أنصار بيت المقدس في التفجيرات الأخيرة هى إسرائيلية الصنع، فإلى أي مدى توافق على ذلك، وكيف وصلت تلك المتفجرات – بتقديرك - لأيدي التنظيم الإرهابي؟ هوية المتفجرات التي استخدمها تنظيم أنصار بيت المقدس في تفجيراته الأخيرة إسرائيلية المنشأ، وتقوم حركة حماس بإمداد التنظيم بها لتنفيذ عملياته في مصر، كما أن القوات المسلحة المصرية ضبطت في سيناء كميات كبيرة من تلك الأسلحة والمتفجرات في سيناء، وتبين لها انه إسرائيلية الصنع. أخيراً، هل ترى أن المشير عبد الفتاح السيسي حال ترشحه لرئاسة الجمهورية وتوليه المنصب، هل ستكون لديه القدرة لضبط الأوضاع الأمنية في مصر، وما شواهد ذلك بتقديرك؟ المشير عبد الفتاح السيسي يعتلي قائمة الشخصيات الأجدر بقيادة مصر في تلك المرحلة المفصلية، فالرجل بما له من خبرات عسكرية، يتفهم الواقع الأمني في مصر بعد عام من حكم الجماعة الإرهابية، ولعل ذلك كان واضحاً حينما حرص على دعم وزارة الداخلية وتعزيز قدراتها من خلال أفراد وآليات الجيش، لعلمه بما آلت إليه الأوضاع في الوزارة المسئولة عن امن البلاد الداخلي، فخلال العام الذي سبق ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو)، كان المعزول مرسي العياط وجماعته، حريصان على انتزاع الكوادر والصفوف الأمامية للجهاز الأمني، وزعزعة عمل المنظومة كاملة. وأمام هذا المشهد حرص المشير عبد الفتاح السيسي على إنعاش منظومة الأمن الداخلي، وتفادي القصور الأمني الهائل، الذي فرضه النظام البائد على كل زوايا المنظومة، كما أن السيسي يدرك بخبرته الواعية، وحصافته الأمنية الواسعة، إن التعزيز السريع لوضعية الداخلية، هو بمثابة "قبلة الحياة"، التي لابد في أعقابها من إصلاح جذري للوزارة، وإعادة صياغة منهجيتها لتصبح في مصاف أجهزة الأمن الداخلي المتطورة في مختلف دول العالم، ولا يمكن الوصول إلى هذا المستوى من الإصلاح، إلا من خلال وصول شخصية كالسيسي لمقعد الرئاسة. ايلاف