يسدل دوري كرة السلة الاميركي للمحترفين غدا السبت الستار على حقبة تاريخية تمكن خلالها المفوض ديفيد شتيرن من جعل بطولة بلاده "استعراضا عالميا" يحلم به كافة اللاعبين من حول العالم ويستقطب اكبر الاسماء التجارية والاعلانية. لقد عرف شتيرن، ابن نيويورك البالغ من العمر 71 عاما، كيف يستغل خلال اعوامه الثلاثين كمفوض للدوري نجومية اساطير مثل مايكل جوردان وماجيك جونسون وكوبي براينت وشاكيل اونيل وليبرون جيمس من اجل احداث ثورة تسويقية في الدوري وما يلحق بها من نواح تجارية واعلانية واعلامية. "كانت تجربة رائعة"، هذا ما قاله شتيرن الذي استلم منصب مفوض رابطة الدوري في شباط/فبراير 1984،، مضيفا "لقد استمتعت كثيرا". لقد تغير وضع دوري المحترفين كثيرا منذ ان وصل شتيرن الى هذا المنصب قبل 30 عاما، والدليل الابرز هو نهائي الدوري الذي اصبح يبث مباشرا الى 215 دولة ب47 لغة بعد ان كانت بعض مباريات الدور الفاصل "بلاي اوف" تسجل وتبث لاحقا في الولاياتالمتحدة. "كان علينا ان نسجل مباريات الدور النهائي لبثها لاحقا"، هذا ما قاله شتيرن الذي تطرق ايضا الى الازمة المالية التي كانت تعاني منها بعض الاندية وجعلتها على شفير اعلان افلاسها. الوضع تغير دون ادنى شك بفضل رؤية شتيرن، فعائدات الدوري حاليا تصل الى 5ر5 مليار دولار سنويا واصبح يتمتع بقاعدة شعبية عالمية هائلة، فيما تبلغ القيمة الوسطية لكل من الاندية التي تنافس فيه 634 مليون دولار والمعدل الوسطي لراتب اللاعبين 4 ملايين دولار سنويا. "انا سعيد بما وصلنا اليه اليوم"، هذا ما قاله شتيرن الذي يترك منصبه غدا السبت لنائبه ادم سيلفر، مضيفا "انا اتطلع بشوق للسفر من اجل حضور مباريات الدوري عبر البحار والاستمتاع برؤية الدوري في نمو متواصل". وتحدث شتيرن عن خليفته سيلفر، قائلا: "كان (بمثابة) المفوض في الاعوام العشرة الاخيرة والامر الوحيد الذي كان يفتقد اليه هو ان يتقاضى الراتب (المخصص للمفوض). سيكون رائعا. كل ما قمنا به خلال الاعوام ال22 الاخيرة على اقله، قمنا به معا". وسيتولى مارك تاتوم، النائب التنفيذي لرابطة الدوري عن قسم التسويق العالمي، مهمة سيلفر كنائب المفوض. كان رهان الدوري على شتيرن في مكانه عندما استعان به ليكون مستشاره العام عام 1978، اي قبل عام على انضمام اسطورتي بوسطن سلتيكس ولوس انجليس ليكرز لاري بيرد وماجيك جونسون الى الدوري، وفي نفس العام الذي خطى خلاله الدوري خطوته الاولى عبر البحار عندما سافر واشنطن بولتس الى اسرائيل لمواجهة ماكابي تل ابيب. اصبح شتيرن مفوض الدوري عام 1984 وتمكن منذ حينها من عولمة السلة الاميركية انطلاقا من اولمبياد برشلونة عام 1992 عندما سمح للاعبي دوري المحترفين في تمثيل بلادهم في المحافل الدولية للمرة الاولى فكان النتيجة: منتخب الاحلام الاول الذي قدم للعالم نجومه العظماء مايكل جوردان وايرفين ماجيك جونسون وباتريك يوينغ وكارل مالون وتشارلز باركلي وكلايد دريكسلر وديفيد روبنسون ولاري بيرد وجون ستوكتون وغيرهم من اساطير كرة السلة الاميركية والعالمية. وخطف "منتخب الاحلام" الاضواء من جميع الرياضيين وفي كل الرياضات في الالعاب التي تعتبر فيها رياضة العاب القوى ام الالعاب والنجم الاساس، فلم يعد يستذكر العالم شيئا اهم من هؤلاء النجوم في تلك الالعاب التي حصد ذهبيتها على حساب كرواتيا في المباراة النهائية. ولعب شتيرن الذي ارتفع تحت قيادته عدد اندية الدوري من 23 الى 30 ناديا، بشكل مؤكد دورا اساسيا في ارتفاع مستوى المنافسة على صعيد العالمي حتى، بعدما سعى جاهدا الى "عولمة" دوري المحترفين الذي توسعت شعبيته عالميا بعد اولمبياد برشلونة. ولعب العامل التجاري دورا في انفتاح الدوري الاميركي على اللاعبين الاجانب وتوسع الافاق التجارية للاندية خارج الولاياتالمتحدة، ابتداء من اوروبا ثم اميركا الجنوبية والشمالية والى استراليا وافريقيا واخيرا اسيا. واصبحت الجماهير خارج الولاياتالمتحدة تنتظر نجومها المحليين وهم يتألقون على الملاعب الاميركية، فجماهير العملاق الصيني ياو مينغ الذي اعتزل بسبب الاصابة كانت تلحق به من بكين الى تكساس، ونظراؤهم الارجنتينيون يتابعون مانو جينوبيلي بصورة توازي تلك التي يتابعون بها نجوم منتخب كرة القدم. ونشط هذا الزحف الاجنبي مع لاعبي اوروبا الشرقية التي قدمت اول الاجانب الى دوري المحترفين مع الكرواتي درازن بتروفيتش لاعب نيوجيرزي الذي تميز بتسديداته من خارج القوس، الا انه تعرض لحادث سير مأساوي في حزيران/يونيو 1993 في المانيا أدى الى مصرعه. ثم واصل الزحف الاجنبي الى الولاياتالمتحدة من اليوغوسلافي فلادي ديفاتش الى الليتواني ارفيداس سابونيس والاسترالي لوك لونغلي والالماني ديتليف شريمف والزائيري (حينها) ديكيمبي موتومبو والصربي بيا ستوياكوفيتش والروسي اندري كيريلنكو والفرنسي طوني باركر والالماني ديرك نوفيتسكي والاسباني باو غاسول. "كان لدينا بعض اللاعبين الاجانب، بعض الاسواق العالمية"، هذا كان تعليق شتيرن على مسألة توسع افاق الدوري، مضيفا "بدأنا هذا الموسم بوجود 92 لاعبا من خارج الولاياتالمتحدة (رقم قياسي)". ومع واقع "العولمة السلوية" التي ساهم فيها شتيرن بشكل اساسي، ارتفع مستوى اللعبة على الصعيد العالمي ايضا اذ اصبح مستوى المنتخبات المشاركة في المناسبات العالمية مرتفعا للغاية، خصوصا في المونديال والالعاب الاولمبية، ويكفي النظر الى عدد لاعبي الدوري الاميركي للمحترفين في المنتخبات التي شاركت في اولمبياد بكين 2008 وبطولة العالم تركيا 2010 وصولا الى اولمبياد لندن 2012، لمعرفة حجم المنافسة التي اصبحت في وجه المنتخب الاميركي. ولم ينحصر اهتمام شتيرن بمستوى اللعبة والتنافس والعائدات والتسويق وحسب، بل اهتم باصغر التفاصيل مثل اجبار اللاعبين اعتبارا من 2005 على ارتداء البذات لدى وصولهم الى الملعب وخروجه منه بعد المباراة من اجل تجميل صورتهم التسويقية، كما لعب دورا حاسما في "تنظيف" الدوري من المنشطات وقد اوقف بعض اللاعبين لمدى الحياة خلال الثمانينات. كما كان شتيرن حازما مع "المشاغبين" ان كانوا لاعبين او مدربين او حتى اداريين كما حصل مع مالك دالاس مافريكس مارك كيوبن الذي غرم في 18 الشهر الحالي بمبلغ 100 الف دولار بسبب تهجمه على الحكم خلال احدى مباريات فريقه، وذلك في اخر خطوة "تأديبية" للمفوض قبل ان يقول وداعا. ايلاف