GMT 16:29 2014 السبت 1 فبراير GMT 23:03 2014 السبت 1 فبراير :آخر تحديث * الرئيس الأميركي باراك أوباما مواضيع ذات صلة من آثار التردد الأميركي في منطقة الشرق الأوسط خسارة الولاياتالمتحدة لعدد من الحلفاء الإقليميين، لا سبيل إلى تعويضهم في الوقت الحاضر، ما يعني خسارة مصداقيتها كلاعب أساسي في هذه المنطقة من العالم. يقول البعض، تبريرًا، إن السياسة التي يتبعها باراك أوباما نابعة من أن الولاياتالمتحدة لم تعد تهتم بما يحدث في الشرق الأوسط، بعدما فقدت حاجتها الاستراتيجية إلى النفط العربي، ولذلك، لا تجد ما يدفعها فعلًا إلى الحرب، إن كانت تستطيع بالدبلوماسية أن تبعد عنها كأس القاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية، التي تحوّلت سوريا مرتعًا لها. يهزأ بعض آخر من المراقبين بهذا التبرير، فيقول إن الولاياتالمتحدة اليوم أعجز، سياسيًا ودبلوماسيًا، من أن تقدم رأيها صراحة، في الكثير من المسائل الدولية، خصوصًا في الشرق الأوسط، حيث يستعيد الروس موطئ قدمهم، بفضل حسن إدارتهم لورقة كانت شبه خاسرة، هي ورقة الرئيس السوري بشار الأسد. ويقولون إن هذه الورقة عادت لتقوى بسبب الضعف الأميركي أولًا وأخيرًا، وإن الخاسر الأكبر في هذا الأمر هو إسرائيل، المتروكة وحيدة اليوم. ولا من يحزنون! لطالما تغنى أوباما وأركان إدارته بالخط الأحمر، الذي رسمه للأسد بما يتعلق باستخدام النظام السوري السلاح الكيميائي ضد شعبه ومعارضيه. إلا أن الأسد ما صدق يومًا أن أوباما جاد في تهديده. وفي 21 حزيران (يونيو) الماضي، قتل الأسد نحو 900 مواطن، بينهم أطفال، في الغوطة الشرقية حين أمطرها بقنابل غاز سارين. وما حرّك أوباما ساكنًا. حتى عندما كان يصوّر للعالم أن يده على الزناد لضرب النظام السوري، كان الأسد، ومن خلفه الروس، مدركين أن لا ضربة ولا من يحزنون. وحين نجح الإخراج الروسي للمسألة في إنقاذ أوباما من الحرج، رفع الأسد علامة النصر، حتى لو كان خسر، نظريًا، السلاح الذي كان يعتمد عليه لتحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل. بنهاية يوم 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كان الأسد قد سلم 4.1 بالمئة فقط من ترسانته الكيميائية إلى الأممالمتحدة، محتفظًا بأكثر من 95 بالمئة منها. وهذا ما يدفع مراقبين، الهازئين منهم طبعًا، إلى القول إن سوريا لا تزال تتلاعب بأوباما وقراراته، كما يلاعب الطفل طائرته الورقية. يتركها لتطير مع الهواء، ومتى أحسّ بالخطر قليلًا يشدها إليه. إيران أيضًا ليست سوريا وحدها من يلعب هذه اللعبة، فإيران أيضًا لها طائرتها الورقية "النووية". فبعد عقد من العقوبات الاقتصادية، التي ما أتمت يومًا فكي كماشتها على النظام تاركةً دائمًا ثغرات تبدو مقصودة ليتنفس منها نظام الملالي في طهران، تبدو إيران اليوم أكثر حرية في لعبتها النووية من ذي قبل. فقد سمع الإيرانيون لسنوات طويلة تهديدات أوباما حول إخضاع طهران لمزيد من العقوبات إن فشلت المحادثات حول برنامجها النووي، لكنهم يعرفون أن أوباما لن يذهب بعيدًا في أي خطوة تصعيدية، تضطره يومًا إلى أي عمل عسكري. ومن هنا كانت الأزمة بين واشنطن وتل أبيب، ولو صامتة، بعدما كانت إسرائيل مصرّة على توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، وبعدما بقيت مصرّة على عدم الثقة بالرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد الاتفاق الإيراني- الأميركي المبدئي. وفي الإدارة الأميركية نفسها من يشاطر الإسرائيليين عدم ثقتهم، كرئيس الأمن القومي الأميركي جايمس كلابر، الذي قال أمام مجلس الشيوخ إن إيران حققت تقدمًا تقنيًا في العديد من المجالات النووية، بما فيها تخصيب اليورانيوم، ما يعني أن إيران لم تمتلك بعد السلاح النووي، لأنه لا يوجد قرار سياسي إيراني بذلك... بعد. قبضة حديدية يدعو مسؤولون أميركيون إدارة أوباما إلى العودة لرفع القبضة الحديدية، ولو الدبلوماسية، بوجه النظامين السوري والإيراني، ليعلما أنه ليس في الأمر تراخيًا بمقدار ما كان تساهلًا موقتًا وولى زمنه. ويقولون إن هذه رسالة يجب أن يوجّهها أوباما إلى الأسد وروحاني بالدرجة الأولى، ثم إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتقد أنه أعاد العالم إلى الثنائية القطبية، التي كانت سائدة في أيام الحرب الباردة، وإلى دول الخليج، التي كانت تطمئن إلى أمنها واستقرارها، لأنها تعتقدهما مؤمنين بفضل تحالفها المزمن مع الولاياتالمتحدة... وأخيرًا إلى إسرائيل، التي تشعر بأنها متروكة لمصيرها، في مواجهة توازنات رعب في سوريا، التي تعجّ بالإسلاميين، وفي لبنان، الذي ينزلق أكثر فأكثر إلى حرب أهلية جديدة، الطرف الأقوى فيها هو عدوها اللدود حزب الله، وفي مصر، التي تشهد حالة من عدم الاستقرار، لم تشهدها بعد ثورة تموز (يوليو) 1953. يطالب هؤلاء المسؤولون أوباما بأن يمحو صورة أميركا الضعيفة من دون الحاجة إلى شنّ الحروب، بل من خلال سياسة حازمة تمنع أيًا كان من التلاعب بالولاياتالمتحدة، ومن خلال القدرة على استخدام القوة عند الضرورة، من أجل إنجاح الدبلوماسية في الشرق الأوسط، وإلا ستذهب جهود وزير الخارجية جون كيري أدراج الرياح، في جنيف-2 كما في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. ايلاف