لاتحتاج المواقف الأميركية حول الحرب على سوريا، لإعلان فشلها على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وإن كانت وزارة هذا الأخير قد نفت اعترافه بالهزيمة، إلا أن الوقائع على الأرض تبقى فصل الحكم على ماوصلت إليه السياسة الأميركية في سوريا والشرق الأوسط. طهران (فارس) فالولاياتالمتحدة الأميريكية التي أرادت الوصول إلى كرسي السلطة المطلق في الشرق الأوسط، بالتسلق على جدران الأزمة السورية، كان واضحا أن أولوية أهدافها بدأت بمحاولة تغيير سوريا بالأيدي الناعمة عبر دعم ما أسمته "ثورة". لكن سرعان ما انقلب سحر "الربيع العربي" على الساحر الأميركي، بعد فشل المحاولة الناعمة، ليجد أرجله غارقتين بوحل عسكرة الموقف، الذي اضطر لدعمه ولو كلفه الأمر خروجه عن التقاليد المزعومة بمحاربة الإرهاب. وهنا وجد الأميركي نفسه محاصرا بسبب قلة حيلة الميليشيات المسلحة التي برزت في بداية الأزمة السورية، ليحاول فيما بعد استصدار قرار دولي تحت البند السابع، في محاولة للتدخل المباشر ومد يد العون للميليشيات وهو ما فشل أيضا. ومن تلك الخانة، عاد الأميركي ليجد نفسه أمام الضرورة القصوى لدعم الميليشيات التكفيرية، واستقدام تنظيم القاعدة في محاولة لقلب الميزان على أرض المواجهة في سوريا، وبدأ بتعمير جبهة النصرة كميليشيا تابعة لتنظيم القاعدة، مع محاولة تغطيتها إعلاميا بشكل لا يكلفه وزر دعمها أمام الرأي العام، لكن الأحداث الميدانية أكدت أن حتى جبهة النصرة وإن كانت قد أرخت بثقلها على أرض المواجهة، فهي غير قادرة على تحقيق الأهداف الأميركية في سوريا، وعجزت عما عجز عنه "الجيش الحر" في اختراق خطوط القوة السورية أو تحطيمها. لم يكن أمام الولاياتالمتحدة الأميركية خيار بعد متوالية الفشل السابقة، سوى دفع اللاعب السعودي إلى الإمام، في حركة انتحارية تريد أيا كانت تكلفة الأمر، تخليصها من الغوص أكثر بتبني الإرهاب التكفيري، كمتراس تحاول من ورائه تحصيل مصالحها، وعند هذه النقطة على أرض الصراع، فتحت أميركا أبواب الجحيم قدر المستطاع على سوريا، وأجازت للسان تنظيم القاعدة أن ينطق بما يشاء بخصوص القضية السورية. وهنا وجدت أميركا سياستها عالقة في مكان بعيد عن مركز ثقل قوة المقاومة السورية، بسبب انشغال الميليشيات المتشددة التي تدعمها بصدامها الدموي مع سكان المناطق التي انتشرت فيها من جهة، وعدم قدرة هذه الميليشيات من تحقيق تقدم في مواجهة القوات السورية من جهة أخرى. وبالرغم من أرشيف المواجهة في سوريا، قد سجل لمعسكر الغرب عدة نقاط، لجهة استهداف مواقع وتحصينات الدفاع الجوي السوري المعد أساسا لمواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي في أي حرب محتملة، إلا أن هذا الأمر لم يقع في صالح جعبة الأهداف الأميركية، وهي التي جست نبضه خلال إعلانها أنها قيد شن عدوان على سوريا، وعرفت أن القوة السورية في الردع الجوي ليست منهارة على الإطلاق، وما زالت في ملف الأسرار التي تحاول تفكيك ألغازها ومعرفة نواياها. وحول هذا الموضوع رأى المحلل السياسي فايز اسماعيل في تصريح لوكالة أنباء فارس أنه لابد لأميركا أن تجلس قبالة الطرف السوري، وهي ترتدي قناع الائتلاف المعارض في جنيف2، وهذا بحد ذاته اعتراف بفشل الأجندة السابقة، وحينما طلبت المقابلة المباشرة مع الوفد السوري وتلقت الرد بالرفض، بدأت الدبلوماسية الأميركية بمرحلة البراءة بعد سلسلة من تبني مواقف المواجهة، وهذا يعني النكوص السياسي الذي يؤذن بالقول أن أميركا في سوريا قد هزمت. وأضاف: "إذا كان هذا النوع من الكلام قد تسرب عن لسان وزير الخارجية جون كيري، لتسارع وزارته بنفي الخبر فيما بعد، فإن علامات وجه الأخير عند افتتاح جنيف2، وجدول نقاط المواجهة على أرض الميدان، وحالات النفي الذي غاصت فيها الخارجية الأميركية مع سوريا وإيران في أكثر من مرة، دلائل على أن أميركا التي لم تعتد الاعتراف بالهزيمة، ستكون هذه المرة في حالة غير مسبوقة، وهو ما سيدفعها للبحث عن مفر من الزاوية الضيقة للاعتراف بنتيجة المواجهة، أو البحث عن تسوية على حساب مصالحها ومصالح أذرعها، لضمان فقط، حفظ ماء وجه الهيبة الأميركية في المنطقة". /2926/ وكالة الانباء الايرانية