تونس: شارك قادة دول ومسؤولون أجانب الجمعة في تونس في احتفال رمزي أقامته رئاسة الجمهورية التونسية بمناسبة المصادقة على الدستور الجديد لهذا البلد الذي انطلقت منه قبل 3 سنوات شرارة ثورات "الربيع العربي". وحضر الاحتفال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي اعتبر ان الدستور التونسي "يمكن أن يكون مثالا ومرجعا لدول عديدة" ،إضافة إلى قادة دول ورؤساء حكومات وبرلمانات من افريقيا واوروبا. وأقيم الحفل في قاعة الجلسات العامة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) الذي تولى صياغة الدستور. وفي 26 كانون الثاني/يناير 2014 صادق المجلس الوطني التاسيسي المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 على نص الدستور الحديد، وفي اليوم التالي. وفي اليوم التالي وقع رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي على الدستور. وأعلن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي في خطاب القاه في افتتاح الحفل ان الدستور الجديد سيدخل حيز النفاذ فور نشره يوم 10 شباط/فبراير 2014 بالجريدة الرسمية. وينص الفصل 147 من الدستور الجديد على أن يدخل "حيز النفاذ فور نشره" بأمر من رئيس البرلمان بالجريدة الرسمية. وسيحل الدستور الجديد محل دستور البلاد الصادر عام 1959 والذي تم تعليق العمل به إثر الاطاحة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان الدستور التونسي الجديد "يؤكد.. ان الاسلام يتماشى تماما مع الديموقراطية"، وأنه "يمكن أن يكون مثالا ومرجعا لدول عديدة". ونوه هولاند في خطاب بالدور الذي لعبته اربع منظمات اهلية، بينها المركزية النقابية القوية، لاخراج تونس من ازمة سياسية حادة اندلعت في 2013. وكانت الازمة التي اصابت الحياة السياسية في تونس بالشلل التام، اندلعت اثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي وقتل ثمانية عناصر من الجيش في عمليات نسبتها وزارة الداخلية الى جماعة سلفية "ارهابية". وطرحت المركزية النقابية "خارطة طريق" قدمت بموجبها الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية استقالتها وحلت محلها حكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة. ويفترض ان تقود حكومة جمعة البلاد حتى اجراء انتخابات عامة. وقال فرنسوا هولاند مخاطبا القادة ونواب البرلمان التونسيين "فرنسا ستكون إلى جانبكم بالكامل". وكان هولاند زار تونس في تموز/يوليو 2013 ووجّه من منبر المجلس الوطني التاسيسي الذي صاغ الدستور "رسالة تشجيع" الى هذا البلد الذي كان حينها يتخبط في الازمة السياسية. من ناحيته قال رئيس البرلمان الألماني (البوندستاغ) نوربرت لامرت مخاطبا القادة والبرلمانيين التونسيين "أصدرتم نصا رائعا وعليكم الآن ان تنقلوا هذا النص الرائع الى واقع رائع". وأضاف "إذا استطاعت تونس إظهار ان الديمقراطية والاسلام يستطيعان التعايش معا، فسوف يكتسب الطريق التونسي اهمية تاريخية وكونية". ونوه ب"توافق" المعارضة العلمانية وحركة النهضة الاسلامية صاحبة اغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي (90 من إجمالي 217) حول الدستور الجديد، رغم التجاذبات السياسية الكبيرة بينهما قبل التصديق عليه. وقال "أعبّر عن إعجابي البالغ بالوصول الى توافق، من دونه ما كان للدستور ان يكتب، ومن دونه لا يمكن ان تستمر أي ديمقراطية". ولفت الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى ان "مسار" عملية الانتقال السياسي في تونس "تميّز فعلا باعتماد معايير ديموقراطية، حصنت العملية (الانتقالية) برمتها". وذكر في هذا السياق بأن "الدستور (التونسي) الجديد، هو ثمرة مجلس وطني تأسيسي، انتخب بإشراف هيئة مستقلة للانتخابات، وعلى أساس قانون انتخاب اعتمد النظام النسبي، وقد سمح (ذلك) بتظهير تنوع مكونات المجتمع التونسي" مشيرا الى ان هذه العوامل ساهمت في "إضفاء درجة عالية من الصدقية على المسار الانتقالي". وقال ان الدساتير الجديدة اليوم "يجب ان تخفف من غلو التعصب والتطرف" على غرار الدستور التونسي الذي يقول في فصله السادس "تلتزم الدولة بنشر قيم الاعتدال والتسامح (..) كما تلتزم يمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف، وبالتصدي لها". ووصف عبد الملك سلال الوزير الأول في الحكومة الجزائرية الدستور التونسي بأنه "إنجاز عظيم" و"مفخرة للشعب التونسي" و"خطوة عملاقة في الاتجاه الصحيح". وقال "إدراكا منها لوحدة المصير، فإن الجزائر ستقف معكم..وتعمل معكم على إنجاح عملية التحول الديموقراطي..الجزائر معكم في السراء والضراء". من جهته قال نوري علي أبوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا "أشقاؤنا في تونس اجتازوا العملية الديموقراطية الانتقالية بنجاح بالمصادقة على دستور يحقق آمال الشعب التونسي". وقال "ستشهد بلادي قريبا مثل هذه المرحلة التاريخية". وأبلغ برلمانيون تونسيون الصحافيين ان الوفد الاميركي غادر قاعة الاحتفال اثر القاء علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الايراني خطابا اتهم فيه الولاياتالمتحدة واسرائيل بمحاولة جعل ثورات الربيع العربي "عقيمة". وقال لاريجاني، وفق الترجمة العربية لخطابه الذي ألقاه باللغة الفارسية "علينا ان نراقب الدول التي تحصل فيها ثورات، وقطع يد الدول المستكبرة". وأضاف "أيادي اميركا واسرائيل حاولت جعل هذه الثورات عقيمة، وتحريفها لكي تستفيد اسرائيل". وتابع "الحل هو المقاومة والوحدة بين الأمّة الاسلامية". ايلاف