تحقيق: إيمان عبدالله هذه السمعة الطيبة التي تحظى بها الدولة على مستوى العالم هي في جانب منها ثمرة عمل دؤوب ترعاه القيادة الحكيمة ويدير تفاصيله عدد من أبناء الإمارات في وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية . والمرأة الإماراتية، كالعادة في كل ميادين العمل، ليست بعيدة عن هذا الدور الوطني، فهي، بانتمائها وعلمها وانفتاحها، شريكة في رسم خريطة العمل الدبلوماسي وتنفيذها من مواقع عدة . والوزارة من جانبها تدعم، انسجاماً مع توجهات الدولة، الجهد النسائي في العمل الدبلوماسي، وكل تحرك يخدم مصلحة الإمارات تطل منه وجوه نسائية متميزة، وهذه الوجوه لا تغادر ساحة دون أن تترك فيها بصمة . ومنذ أن فتحت أبواب العمل الدبلوماسي أمام المرأة الإماراتية عام 2000 ومساحة إسهامها تتسع حتى أصبحت تشكل 27% من العاملين في هذا المجال . السطور التالية إطلالة على مسيرة عدد من الإماراتيات المنخرطات في العمل الدبلوماسي بما حققن من إنجازات شخصية ووطنية وأحلام كثيرة في دفاترهن . عهود الزعابي: كل ظهور في محفل دولي تجديد للثقة بنا عهود الزعابي، مديرة مكتب مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية، درست السياسة والعلاقات الدولية في المملكة المتحدة، وطموحها أن تكون سفيرة، أشارت إلى أن المرأة الإماراتية احتلت مكاناً بارزاً وتقدمت عن جدارة لتلحق بالصفوف الأمامية في عملية صنع القرار . وتقول: تمثيلي الدولة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية يمثل إحدى الخطوات المهمة نحو تحقيق طموحاتي أن أكون فاعلة في مجتمع الإمارات، ومساهمة في تحقيق الرؤى والخطط الطموحة للدولة، وتعلمت كثيراً من ريم الهاشمي وزيرة دولة، ونحن نعد المرآة العاكسة للإنجازات التي حققتها الدولة في مختلف المجالات وعلينا المضي قدماً في تعزيز علاقاتها ببقية الدول على أسس من الصداقة والتعاون والاحترام . وعن أنشطتها كدبلوماسية إماراتية، تقول الزعابي: شاركت في العديد من الاجتماعات على المستويين الإقليمي والدولي، أهمها في الأممالمتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، واجتماعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ومجموعة أصدقاء اليمن الخاصة بالاقتصاد والحكم الرشيد، ومجموعة الاتصال حول ليبيا ومجموعة العشرين، ولجنة الاتصال المخصصة لتنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني، وأقوم بالتحضير والمشاركة في حوار السياسات الاقتصادية بين الإماراتوالولاياتالمتحدةالأمريكية الذي يعقد كل 6 أشهر في أبوظبيوواشنطن . وشاركت مؤخراً في الاجتماع الثالث لمجموعة أصدقاء سوريا المعنية بإعادة بناء وتنمية الاقتصاد السوري في سيؤول، وتترأس المجموعة كل من الإمارات وجمهورية ألمانيا . واختارتني السفارة الأمريكية للمشاركة ضمن برنامج "القيادي الزائر" في الولاياتالمتحدةالأمريكية . وكان هدف مشاركتي نقل ثقافة وتراث الدولة إلى المشاركين من مختلف الدول وإبرازها اقتصاديا وإنسانياً وسياحياً وثقافياً . وتؤكد عهود الزعابي أن المرأة الإماراتية أصبحت تلعب دوراً فعالاً، وأثبتت ذلك من خلال برامج التمكين السياسي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خاصة أن الإماراتية استطاعت أن تبهر الجميع على الصعيدين الداخلي والخارجي بالنجاحات المتعددة التي حققتها . وتضيف: أول تشجيع تلقيته بانضمامي إلى وزارة الخارجية كان من والدي، وهو أساس نجاحي وتفوقي في مسيرة عملي، وهناك تشجيع أجده من الرجال ومساندة في المهام واستكمال الأدوار، بما يضمن إنجاز العمل بالشكل الذي يليق بالمؤسسة التي أنتمي إليها، بل على العكس قد تكون المنافسة قوية بين العنصر النسائي، والتحدي الأكبر هو اعتبار كل تمثيل لي في المحافل الدولية شهادة ميلاد جديرة للثقة بالمرأة الإماراتية من جانب، ومن جانب آخر يجب أن يكون التمثيل مميزاً حتى أبرز دور ومكانة المرأة أكثر في المجتمع، لأن نجاحي المتكرر مع غيري من السيدات يعزز من فرص زيادة مشاركة المرأة في كل النواحي ودورها في صنع القرار . شيماء قرقاش: الإنجازات تخفف عناء أعباء العمل شيماء حسين قرقاش تخصصت في الاقتصاد والدراسات الدولية في بريطانيا، وتشعر بالفخر لتمثيل الإمارات في المحافل الدولية، حتى لو كان بسيطاً، وتقول: العمل في الإمارات وإعداد التقارير الدولية التي تثري العلاقات الدبلوماسية بينها وبين دول العالم عمل نعتز به، وتجربتي الخارجية كانت في حضوري اجتماعات الأممالمتحدة في نيويورك، واجتماعات أخرى، إضافة إلى المحاضرات التي نلقيها في الخارج عن تمكين المرأة في الإمارات، وأطول تجربة كانت في واشنطن لمدة 3 أشهر، وكانت دورة تدريبية، ولم أشعر بأنها تجربة صعبة، لأني درست في الخارج سنوات عديدة، فضلاً عن أنني عملت في وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني، وكنت كثيرة السفر، لكن بعد زواجي وانتقالي للعمل في وزارة الخارجية، شعرت بالتحدي، وصعوبة الابتعاد عن زوجي وابنتي لفترة طويلة، ولولا دعمه لما نجحت . وتشير إلى أن أغلب مهام السفر والاجتماعات يكون فيها عدد الرجال أكبر، لكن الرجال يشجعونها ويفتخرون بإنجازات المرأة وبقدرتها على العطاء . وتضيف: نجاحي كدبلوماسية إماراتية بفضل دعم الأب والزوج وزملاء العمل، وقبل ذلك الفرص التي منحتها القيادة الرشيدة لنا، وأكبر تحد الموازنة بين الأسرة والعمل، خاصة أنه يجب أن نكون على استعداد له في أي وقت، وفي أحيان كثيرة لا أرى ابنتي سوى ساعة واحدة، وتحقيق الإنجازات والنجاح يخفف عنا عبء العمل، ونحاول تعويض أسرنا في الإجازات . آمنة المهيري: الغرب ينبهر بما حصلنا عليه من حقوق آمنة المهيري، نائب مدير إدارة حقوق الإنسان، تقول: مثلت الدولة في بعثة الإمارات الدائمة في نيويورك من 2005 إلى ،2010 وتجربة العمل في الأممالمتحدة كانت غنية، إذ تعلمت واكتسبت العديد من الخبرات، وتوليت مهام اللجنة التابعة للجمعية العامة التي كانت مسؤولة عن قضايا حقوق الإنسان، ووجود زوجي في البعثة الدائمة سهل عليّ الغربة، وكنت أحزن أحياناً لبعدي لفترات طويلة عن دولتي، لكن بمجرد رؤية ما ننجزه من خلال مناقشة القضايا المختلفة وأجندة الدولة، أشعر بالراحة لما حققته وما أضفته لسمعة الإمارات في المحافل الخارجية . وتشير آمنة المهيري إلى أن المرأة الإماراتية أبهرت الجميع في المحافل الدولية، وأن حضورها بارز، خاصة عندما تكون صغيرة في السن ولديها الإمكانات، وتعليمها العالي وقدراتها المتميزة، لافتة إلى أن هذا يبهر الدول الغربية، خاصة أن المرأة في الغرب خاضت معارك لتحصل على حقوقها، لذلك ينبهر الغربيون بتجربة المرأة الإماراتية والفرص الممنوحة لها وقدرتها على أن تثبت جدارتها، مما يزيد ثقة القيادة بها وبالتالي اتساع عملية تمكينها . وعن مدى تقبل الرجال لها في ميدان الدبلوماسية، تقول: دائماً نجد أن العنصر النسائي أقل مقارنة بالرجل في المحافل الدولية، وعلى مستوى دول الخليج حضرت اجتماعات كنت فيها المرأة الوحيدة، وفي هذه الاجتماعات نلت احترام وتقدير الآخرين، وفي كل الأحوال ألقى التشجيع من الرجال، سواء الأب أو الزوج أو رؤسائي في العمل . فاطمة الشامسي: نشترك مع الرجل في الطموح والفرص متساوية فاطمة الشامسي، رئيس قسم الاتصال الحكومي في إدارة الشؤون الإعلامية والاتصال الحكومي، تقول: عندما بدأت العمل في وزارة الخارجية كنت منتدبة 7 سنوات للهلال الأحمر، ومثلت الدولة في أهم زيارة إلى فلسطين، تحت مظلة الصليب الأحمر، ومررنا على المخيمات الفلسطينية في الأردن، وشاركت في مؤتمر التطوع في قطر، وأجد في التطوع متعة أخرى . وتشير إلى أن المرأة الإماراتية أثبتت جدارتها، ودليل ذلك أن العدد يزيد في مجالات تمثيل الدولة خارجياً، حتى أصبح للدولة أكثر من سفيرة، وقائمة طويلة من الإماراتيات في السفارات، لدرجة أنه لا تخلو سفارة من امرأة إماراتية، ولولا نجاحها لما زاد عددها . وتضيف: المرأة دائماً تضع نفسها في تحد، فلديها طموح مساوٍ للموجود لدى الرجل، وقيادة رشيدة واحدة، والفرص نفسها، وهذا يجعلها تتفوق وتثبت ذاتها في المحافل الدولية، وأكبر تحد يواجهها أنها تكون بمفردها في الخارج، بعيداً عن الحياة الأسرية في الإمارات، وبالتالي تحاول التكيف مع الوضع الجديد، وباتت نظرة المجتمع للمرأة التي تعمل في المحافل الدولية نظرة فخر، ولأن السفارات تعد بمثابة وطن مصغر وأسرة، فهذا يخفف الغربة عنها، ورغم أن المرأة الدبلوماسية تمر بظروف نفسية في الخارج وتكون بحاجة ماسة إلى أهلها، إلا أنها تصر على الانطلاقة وخدمة بلدها، والتزامها بالعادات والتقاليد . وتلفت إلى أنه عندما كان أبناؤها صغاراً صعبت عليها الموازنة بين الأسرة والعمل، وبفضل حرص وزارة الخارجية على أن تعيش الدبلوماسية حياة مستقرة في الخارج والداخل لتبدع في عملها، استطاعت تجاوز التحدي . روضة العتيبة: شاركت ضمن فريق "إيرينا" روضة محمد العتيبة، مستشارة دبلوماسية، درست علوماً سياسية في جامعة الإمارات، والماجستير في كلية الدفاع الوطني، تقول: تمثيل الدولة تجربة مهمة على صعيد توصيل توجهاتها وتطلعاتها على النطاق الدولي، وتعزيز العلاقات الدولية مع كافة الدول، وهذا التمثيل إضافة لي من ناحية الخبرة وتقوية الجوانب الشخصية والاطلاع على تجارب الآخرين، وتعلم فنون جديدة كالمفاوضات والحوار واختيار أفضل الحلول . وبعد أن أكملت 10 سنوات في العمل في وزارة الخارجية، تقول العتيبة عن أبرز أنشطتها: مثلت الدولة في منظمة "إيرينا"، في اجتماعات داخل الإمارات وخارجها، ومازلت أمثلها في المؤتمرات، وعملي في الخارجية يتمثل في التواصل المستمر مع الدول، والإلمام بكل حيثيات الموضوع، والإعداد القوي قبل تحديد موقف الدولة من قضية ما . وعن التحديات التي صادفتها في مسيرتها، تقول العتيبة: في بداية عملي كنت صغيرة في السن، وكان والدي يرافقني في سفراتي، فوجدت التشجيع من القيادة الرشيدة والمديرين وزملاء العمل مما كان له أثر في ترؤسي فريقاً للعمل رغم أني امرأة وأصغر سناً من البعض، إلا أن الرجل متعاون وداعم، ومبادرات الدولة في تعزيز دور المرأة كثيرة، وهذا يؤكد أنها أثبتت جدارتها واستثمرت الفرص . شيخة الزعابي: كسرت حاجز الرهبة شيخة سلمان الزعابي "سكرتير أول في البعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأممالمتحدة في جنيف" تقول: بدأت تمثيل الدولة في المحافل الدولية عندما شاركت في دروة الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006 في نيويورك، وكان لي شرف إعداد وإلقاء كلمة الدولة عن الرياضة ودورها في تحقيق السلام، كما شاركت في أعمال الجمعية العامة مرة أخرى في عام 2008 في اللجنة الاقتصادية، ومنذ عام 2010 حتى الآن أمثل الدولة في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في جنيف . وعن التحديات التي واجهتها، تقول: أهم تحد يتمثل في كسر حاجز الرهبة والانطباع المسبق لدى الطرف الآخر خاصة عند غير العرب، حيث يظن عدد منهم أن المرأة الخليجية عموماً شديدة التحفظ ولا تبادر، الأمر الذي يتطلب مني كسر هذا الحاجز بمبادرتي بفتح قنوات الحوار والنقاش وإتاحة الفرص للتنسيق المشترك معهم، أما التحدي الثاني فيتمثل في انطباع البعض الناتج عن جهل في أن وجود المرأة الخليجية بشكل عام في المحافل الدولية أو عند تمثيل بلدها له بُعد صوري أكثر منه جدارةً واستحقاقاً، هو ما ينفيه العمل الدؤوب والحرص مني على تمثيل الدولة بشكل مشرف والتواصل الجيد مع بقية الوفود الأخرى . أما التحدي الثالث فيتمثل في جسامة وطبيعة المواضيع المطروحة والمتناولة في الأممالمتحدة كالحق في التنمية، وحماية وتعزيز كل حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من المواضيع التي تتطلب المراجعة السابقة لكافة الوثائق المتعلقة بها ومتابعة تحديثها والإحاطة بكافة تطوراتها خاصة التي تقع ضمن اهتمام الدولة، وبالرغم من أنها تحديات إلا أن لها دوراً كبيراً في اكتسابي المزيد من الخبرة في مجال العمل الأممي والتعامل مع مختلف الثقافات وتعلم كيفية الموازنة بين المصالح المتعددة والمضادة أحياناً . وتشير إلى أنها تعلمت العمل والتنسيق الجماعي فلا مكان للعمل الفردي في المحافل الدولية، والقدرة على التفاوض وإيجاد الحلول الوسط التي ترضي أغلبية الأطراف أهم مهارة للعمل بنجاح في المحافل الدولية، ذلك أن أغلبية مخرجات هذه المحافل تكون مشاريع قرارات أو بيانات مشتركة أو اتفاقيات، وجميعها يتطلب التوافق بشأنها من قبل كل الدول، والحرص على خلق سمعة طيبة قائمة على مصداقية الدبلوماسية في التعاطي مع القضايا . الخليج الامارتية