أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الوقت قد حان لإطلاق وكالة تصنيف ائتماني، انطلاقاً من دبي، تغطي الإمارات والخليج والعالم، خصوصاً في ظل مساعي الإمارة لأن تكون عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، وهو ما يحتم وجود آلية تقييم وتصنيف تأخذ بعين الاعتبار مراعاة أدوات الدين والاستثمار لمبادئ الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي لا تقوم به الوكالات العالمية، على غرار موديز وفيتش وستاندرد آند بورز حالياً. وأشاروا إلى أن دبي تعتبر المكان الأمثل لإطلاق مثل هذه الوكالة، وذلك لما تتمتع من مزايا متعددة، منها انفتاح اقتصادها على العالم، ومركزها المتقدم على الصعيد العالمي في إصدار الصكوك، بالإضافة إلى وجود استراتيجية مستقبلية محددة تتعلق بالاقتصاد الإسلامي، والتي من بنودها إيجاد صيغة ومرجعية موحدة وواضحة لمعايير المنتجات والخدمات الإسلامية. إضافة قيمة وقال عيسى كاظم، محافظ ورئيس مجلس إدارة سلطة مركز دبيالمالي العالمي، إن الوقت قد حان لإنشاء وكالة تصنيف ائتماني إماراتية خليجية، تغطي دبي والخليج والعالم ككل، وأن هذه الوكالة ستكون إضافة قيمة لمبادرة حكومة دبي التي أطلقتها في مطلع العام الماضي، والتي تهدف إلى تحويل الإمارة لعاصمة عالمية الاقتصاد الإسلامي، مشيراً إلى أن الوكالة يجب أن تغطي المصارف والشركات وأدوات الاستثمار الإسلامية والتقليدية على حد سواء. وأشار كاظم، الذي يشغل أيضاً الأمين العام للهيئة العليا لتطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي، إلى أن الوكالات العالمية لا تراعي في عملية تقييمها تطابق أدوات الدين، كالصكوك أو الشركات والبنوك مع الشريعة الإسلامية، وهذا ما يجب أن تقوم به وكالة دبي للتصنيف الائتماني في حال إطلاقها. مشيراً إلى أن وجود مركز وهيئة تنظيمية لإدارة وتشريع القطاع التمويلي والمصرفي في دبي، وعلى نطاق عالمي، يجعل من إطلاق هذه الوكالة أمراً ليس بالصعب. وأضاف أن مبادرة تحويل دبي لعاصمة للاقتصاد الإسلامي، أثمرت بالفعل على مستوى إثبات دبي مركزاً عالمياً لإصدار وإدراج الصكوك، حيث ارتفعت قيمة الصكوك المدرجة في سوق دبيالمالي من 9 مليارات دولار لدى إعلان المبادرة إلى نحو 16 مليار دولار في نهاية العام الجاري. وأكد أن فرص النمو على هذا الصعيد كبيرة، فنحو 80 % من إصدارات الدين للمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في دبي يتم عبر الأدوات التقليدية، مقابل 20 % فقط لإصدارات الصكوك. وقال إن الفجوة العالمية بين الطلب على الصكوك والمعروض الفعلي يصل إلى 200 مليار دولار، ما يؤكد وجود فرص نمو استثنائية، والحاجة لوجود وكالة تصنيف ائتماني ذات قدرة على تصنيف أدوات التمويل الموافقة للشريعة الإسلامي. كما أكد محافظ مركز دبيالمالي العالمي، أهمية التعاون والتكامل بين المبادرات المختلفة لإرساء قواعد الاقتصاد الإسلامي، وقال إن الأصول الإسلامية اليوم لا تزيد نسبتها على 1 % من الأصول العالمية، ما يعني فرص نمو كبيرة، وحاجة أكبر للتعاون ولتكامل الجهود بين كافة الأطراف، ما يسهم في خلق اقتصاد الحجم المهم لتعزيز فرص النمو. حاجة ضرورية من جانبه، قال سامي ضاعن القمزي، مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في دبي ونائب رئيس اللجنة المكلفة بتطبيق مبادرة تحويل دبي لعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي ، والموكل إليها جعل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي العالمي، إن المنظومة المستقبلية لاقتصاد دبي . خصوصاً ضمن مساعيها لأن تكون عاصمة للاقتصاد الإسلامي على المستوى العالمي، تحتاج إلى وجود وكالة تصنيف ائتماني تضاهي الوكالات العالمية، خصوصاً في ظل النمو المتسارع الذي يشهده اقتصاد دبيوالإمارات بشكل خاص، وبلدان مجلس التعاون الخليجي بشكل عام. وأشار إلى أن مبادرة الاقتصاد الإسلامي تهدف إلى تعزيز مساهمة القطاع في الخدمات المالية من خلال مفهوم متكامل يشارك فيه قطاعات عدة، وهذا المفهوم كما يحتاج لجهة تشريعية، فهو يحتاج أيضاً لمؤسسة تصنيف محايدة وتتمتع بأعلى معايير الشفافية والوضوح. وهذه المعايير موجود بالفعل في دبي ضمن استراتيجيات حكومة دبي ونظرتها المستقبلية التي وضعت الشفافية كأحد أهم ركائز النمو، كما أنه مطلوب من هذه الوكالة عدم الاقتصار على المنتجات وأدوات الدين الإسلامي، بل التوسع لتشمل الاقتصاد التقليدي أيضاً، خصوصاً وأن مبادرة الاقتصاد الإسلامي تهدف إلى إنشاء اقتصاد موازٍ للقطاعات التقليدية باقتصاد دبي. ولفت القمزي، الذي يشغل أيضاً منصب عضو مجلس إدارة المجلس التنفيذي لحكومة دبي، إلى أن المبادرة تهدف إلى إضافة اقتصاد جديد يوافق مبادئ الشريعة الإسلامي في شتى المجالات. ولا يقتصر ذلك على التمويل والصيرفة، بل يشمل أيضاً التصنيع والخدمات اللوجستية والسياحة وصناعة الملابس والتجارة الإلكترونية والأغذية وغيرها من القطاعات التي تشكل الاقتصاد الحقيقي لدبي، وذلك ضمن أطر تشريعية تنسجم مع معايير الاقتصاد الإسلامي. وتتطلع دبي إلى جذب كبرى الشركات والمؤسسات العالمية في هذا الصدد. وسيتم من خلال قطاع الاقتصاد الإسلامي، التركيز على عدة مسارات رئيسة، تتمحور ضمن مسارات التمويل الإسلامي، والتأمين الإسلامي، والتحكيم في العقود الإسلامية، وتطوير صناعات الأغذية الحلال، والمعايير التجارية والصناعية الإسلامية، إضافة إلى مسار معايير الجودة الإسلامية. وأضاف مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، أن وكالة التصنيف الجديدة يمكن لها القيام بلعب دور استشاري للمؤسسات والبنوك الإسلامية، علاوة على الاتصال بالبورصات العالمية التي تتضمن أسهماً إسلامية، ومحاولة إيجاد صيغ لتطوير العمل المصرفي والمالي والاستثماري بالمنطقة، وتطوير النشاطات في اتجاهات معينة. منظومة اقتصادية موحدة من جانبه، قال المهندس حمد مبارك بوعميم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، إن اقتصاد دبي يسير في الطريق الصحيح، في ظل المبادرات الحكيمة التي تطلقها حكومة الإمارة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإن نسبة النمو المتوقعة لاقتصاد الإمارة خلال العام الحالي 5 %، مقارنة ب 4.9 % التي من المتوقع أيضاً تحقيقها خلال العام الماضي 2013. مشيراً إلى أن النمو الحالي يحتم التفكير في إيجاد منظومة اقتصادية موحدة، تشمل كل التخصصات وكافة القطاعات، والتي تشمل إنشاء وكالة تصنيف ائتماني تعنى بتقييم إداء ودرجات مخاطر أدوات الدين المتوافقة مع الشريعة الإسلامي. وذلك في ظل احتلال دبي لمراكز عالمية متقدمة في إصدار الصكوك، هذا بالإضافة إلى تغطيتها أدوات الدين التقليدية، كالسندات، مشيراً إلى أن ذلك سيمنح الوكالة الجديدة إمكانية التوسع إلى العالمية والمنافسة مع كبار هذا القطاع. وأضاف بوعميم ، الذي يشغل أيضاً منصب عضو مجلس إدارة المصرف المركزي الإماراتي، أن مبادرة تحويل دبي إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي، تستوجب وجود كافة العناصر الضرورية لبناء منظومة اقتصادية إسلامية شاملة، قائلاً «لا يعقل أن تعمل على بناء اقتصاد قوية متوافق مع الشريعة الإسلامية، وفي الأخير يتم تقييمه من طرف مؤسسات تصنيف لا تفرق بين الإسلامي والتقليدي. ولا تراعي المعايير المحددة المطلوب توفرها في المنتج الإسلامي، وعليه، فيجب على دبي التفكير بجدية في تأسيس هذه الوكالة التي ستخدم قطاعاً اقتصادياً ينمو بنسب أسرع من الاقتصاد الإسلامي، بالإضافة إلى وجود قاعدة عملاء هائلة في مختلف دول العالم». معايير التقييم من جهته، قال مايكل تومالين، عضو مجلس إدارة والرئيس التنفيذي السابق لبنك أبو ظبي الوطني، إن تأسيس شركة تصنيف ائتماني خليجية، انطلاقاً من دبي، بصفتها عاصمة للاقتصاد الإسلامي، ذات مصداقية عالية قادرة على منافسة شركات التصنيف العالمية، أصبح ضرورة في الوقت الراهن ، مشيراً إلى ضرورة إيجاد مؤشرات ومعايير محددة لقياس أداء وجاذبية الاقتصاد الوطني، بهدف تعزيز البيئة الاستثمارية في الدولة. كما أكد أن تأسيس شركة تصنيف ائتماني خليجية انطلاقاً من دبي، بات ضرورة ملحة، بدلاً من الاعتماد على شركات التصنيف العالمية. وأضاف أن أحد شروط نجاح هذه الشركة، أن تتوافر فيها المصداقية والكفاءة العالية، بما يمكنها من منافسة شركات التصنيف العالمية، التي باتت مثار جدل في الأوساط المالية والاقتصادية العالمية، وطالب بتفعيل دور صناديق التقاعد والمعاشات في اقتصادات دول منطقة دول الخليج العربي، وفي الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات على وجه الخصوص. وقال تومالين إن هذه الصناديق كان لها، وما زال، دور كبير في الاقتصادات العالمية، سواءً في الأسواق الكبيرة أو الناشئة، خاصة تلك التي تشهد تطوراً في مجال الاستثمار والتمويل. وأضاف أن سوق السندات في دول المنطقة، ما زال حجمه صغيراً، وواقع الحال مشجع لتطور هذا السوق الذي يعد مصدراً مهماً لتمويل مختلف القطاعات الاقتصادية، خصوصاً مع مستويات النمو الكبيرة التي شهدها خلال السنوات القليلة الماضية. وأضاف عضو مجلس إدارة بنك أبو ظبي الوطني، الذي يعتبر أكبر بنوك العاصمة الإماراتية، من حيث الأصول، أن الاضطرابات التي حصلت في بعض بلدان المنطقة، كان لها تأثير وانعكاس سلبي في أداء أسواق واقتصادات الدول التي حصلت فيها الاضطرابات. لكن دول الخليج كان لها وضع أفضل لمواجهة التحديات الاقتصادية الناتجة عن هذه الاضطرابات في بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط، فاقتصادات هذه الدول قوية، وصادراتها من النفط تعززت، وتؤمّن وفرة مالية جيدة، ومعظم عملات دول المنطقة مرتبطة بالدولار، وهو ما يعزز الاستقرار الاقتصادي والنقدي في دول منطقة الخليج، ويعطيها جاذبية أفضل لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات من الخارج، خاصة الاقتصاد الإماراتي، الذي يعد الأكثر انفتاحاً بين اقتصادات دول المنطقة. العالمية من جانبه، قال صالح عبد الله لوتاه العضو المنتدب ل «الإسلامي للأغذية» ورئيس مجموعة عمل الصناعات الغذائية والمشروبات التابعة لغرفة دبي، إن دبي ستكون المكان المثالي لإطلاق وكالة تصنيف ائتماني متخصصة في تقييم المؤسسات والمنتجات وأدوات الدين المتوافقة مع الشريعة الإسلامي، موضحاً أن الخطوة ستكون ناجحة إذا اعتمدت آلية تسويق هذه الوكالة على شموليتها للمنتجات غير الإسلامية أيضاً، وهو ما يغير المفهوم العقيم السائد حالياً، وهو أن المنتجات الإسلامية تقتصر على المسلمين فقط. وأشار إلى أن العوامل التي تضع دبي كالمكان الأفضل لتطبيق هذه الفكرة، عديدة، وتتمثل في أن اقتصادها مفتوح على العالم، بالإضافة إلى أنها تعتبر من المراكز العالمية الكبرى في مجال إصدارات الصكوك، بالإضافة إلى وجود استراتيجية محددة وقوية في هذا الصدد، تتمثل في المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تهدف لتحويل دبي لتكون عاصمة العالم للاقتصاد الإسلامي. وأضاف أن تطبيق هذه الفكرة في دبي كمرحلة أولية، سيساعد على تقييم الجدوى من إطلاقها، وذلك لسبيين، أولهما أن الإمارة تملك اقتصادين متوازيين، أولها تقليدي والثاني متوافق مع الشريعة الإسلامية، وثاني الأسباب يتمثل في أن دبي تضم معظم الشركات العالمية الكبرى، وهو ما سيشكل قاعدة انطلاق مثالية لوكالة تصنيف ائتماني. مشيراً إلى أن دبي تملك تاريخاً حافلاً بالتميز والنجاحات المتوالية في تطبيق الأفكار الجديدة والمبادرات الاستراتيجية، وهو ما يجعل فرص نجاح هذه الوكالة كبيرة، مقارنة بتطبيقها في دول أخرى، سواءً على الصعيد الإقليمي أو العالمي. 150 وكالة تصنيف ائتماني منتشرة حول العالم يبلغ عدد وكالات التصنيف نحو 150 وكالة تصنيف ائتماني منتشرة حول العالم، لكن أشهرها وكالات فيتش وموديز وستاندر أند بورز، وكلها شركات أمريكية المنشأ، وتسيطر كل من "ستاندرد آند بورز" و"موديز" على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو الحكومات أو البلديات والحكومات المحلية، فيما تعد "فيتش" أقلها سمعة نسبيا مقارنة بالشركتين الأخريين. وبشكل عام تسيطر الشركات الثلاث على نحو 90 الى 95% من سوق إصدار الديون في العالم. وتتمتع الوكالات الثلاث بنفوذ قوي في عالم المال والاعمال وتعتبر احد اهم اللاعبين في الأسواق المالية وتحديدا في اسواق السندات والديون. وقبل السبعينيات من القرن الماضي كان المستثمرون (مشترو السندات) هم من يقومون بدفع المال لوكالات التصنيف مقابل حصولهم على التقارير المتعلقة بالتصنيفات إلا أن انتشار ماكينات النسخ في السبعينات أدت إلى انخفاض عوائد هذه الوكالات، وذلك أن تقريرا واحدا يتم شراؤه يمكن نسخه مئات المرات وتوزيعه على الراغبين بدلا من القيام بشراء تقرير خاص لكل مهتم، وأدى ذلك لقيام وكالات التصنيف بتغيير نموذج عملها بحيث تحصل على أجرها من مصدري السندات أنفسهم وليس من المستثمرين كما كان الحال عليه سابقاً. فعلياً بدأ نفوذ هذه الوكالات العالمية في الانتشار وبدأت تكتسب أهمية بالغة داخل سوق الدين والسندات سواءً الحكومي أو القطاع الخاص بعد العام 1975 وهو العام الذي صادف القانون الذي أصدرته هيئة الأوراق الماليةالأمريكية الذي اعتمد هذه الشركات الكبرى مزوداً لخدمات التصنيف الائتماني. علامات استفهام قال هشام عبد الله الشيراوي، رئيس مجلس إدارة المناطق الاقتصادية العالمية، والنائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، إن الوقت قد حان لكسر هيمنة وكالات التصنيف الائتماني العالمية، خصوصاً في ظل علامات الاستفهام المستمرة التي تحيط بعملها، منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أن المسار الذي أخذته إمارة دبي في رسمها لخطوات المستقبل، يجعل من وجود وكالة تصنيف قوية وذات طابع عالمي وليس محلي أمراً ضرورياً وملحاً. وأشار إلى أن الخطوة التي يجب أن تأتي بعد الإطلاق، يتمثل في التوجه نحو العالمية ومحاولة منافسة الوكالات العالمية المهيمنة على هذا القطاع، وذلك لن يتأتى إلا بدراسة معمقة للنواقص التي تعاني منها هذه الوكالات، والتي تتمثل بالخصوص في عدم تفريقها بين ما هو إسلامي وما هو تقليدي، ومحاولة سد هذه الفجوة. بالإضافة إلى الاعتماد على الشفافية والمصداقية، وعدم الانجرار وراء الضغوط، وتجنب تضارب المصالح، وهو ما سيتم تحقيقه عن طريق إعطاء هذه الوكالة مساحة غير محددة من الاستقلالية وحرية اتخاذ القرار. «موديز»: إنشاء مؤسسات تصنيف إقليمية يعزز المنافسة العالمية قال الدكتور جهاد النقلة، مدير عام وكالة موديز في الشرق الأوسط، إن موديز ترحب بإنشاء وكالات تصنيف ائتماني جديدة من دبي، سواء كانت محلية أو إقليمية، لأن ذلك من شأنه أن يعزز المنافسة، ما سينتج عنه تحسن أكبر في جودة التصنيفات. كما أن إطلاق وكالة تصنيف انطلاقاً من دبي، يعتبر فكرة جيدة على المدى البعيد، لكن يلزم تحديد الهدف من وراء ذلك. هناك الكثير من الوكالات المحلية، والتي تصدر تصنيفات ائتمانية للإصدارات بالعملة المحلية، من المعلوم أن وكالات التصنيف الدولية، مثل موديز، لديها سلم تصنيفات دولي، قامت ببنائه وتطويره لمدة تزيد على المئة عام، وذو مقارنة شاملة، بمعنى أن تصنيف (A1) على سبيل المثال، له نفس المعنى في أي دولة في العالم، وبالتالي، هناك قبول كبير من كافة المستثمرين حول العالم. فمثلاً إصدارات الصكوك العالمية (بالعملة الغير محلية)، والموجهة نحو المستثمرين العالميين، يحتاج آلية تصنيف عالمية مقبولة، أما الوكالات المحلية، فدورها في العادة يقتصر على المؤسسات الاقتصادية المتوسطة والإصدارات بالعملة المحلية. كما أشار إلى أن مبادرة دبي للتحول إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي، خطوة صحيحة في الوقت الحالي، لخلق مركز مالي إسلامي، مقارنة بالمراكز المالية الدولية الأخرى، خصوصاً في ظل نسب النمو الملحوظة التي يشهدها هذا القطاع خلال السنوات القليلة الماضية، والمؤشرات القوية التي تؤكد استمراره في النمو خلال العقد الحالي على أقرب تقدير. موضحاً أن من بين بنود المبادرة، جعل دبي مركزاً عالمياً لإصدار الصكوك، وإدراجها، وأن الإمارة تعمل حالياً لإيجاد صيغة موحدة لمعايير المنتج الإسلامي، وهو ما قد يجذب بعض المستثمرين للتفكير في إنشاء وكالة تصنيف متخصصة في تقييم الصكوك والمنتجات الإسلامية. وأضاف أن وكالات التصنيف تعتمد في عملها على تقييم المخاطر الائتمانية المتعلقة بأدوات الدين ومصدريها، وهو الأمر الذي لا يحتاج لإبداء الرأي بما إذا كانت هذه الأدوات متوافقة مع الشريعة الإسلامية من عدمه، لأن المخاطر الائتمانية لا علاقة لها بديانة معينة، وهو ما ينطبق بالشكل نفسه، سواءً أكانت هذه الأدوات صكوكاً أم سندات، فضلاً عن أنه سبق وتم اعتماد تلك الأدوات، كالصكوك، من لجان شرعية متخصصة. وأضاف أن الشفافية واستقلالية القرار تعتبران القيم المضافة الأهم، التي يجب على وكالات التصنيف الائتماني امتلاكها، نافياً ما تردد عن أن هذه الوكالات ترضخ لأي ضغوط خارجية في مسار تقييماتها، والدليل أنها خفضت العديد من التصنيفات لدول من أوروبا. مشيراً إلى أن موديز وكالة مستقلة استقلالاً تاماً، وتملك من الخبرة ما يفوق ال 100 عام، وهو ما يجعلها قادرة على التعامل مع كافة الظروف ومختلف المتغيرات، وتجنب «تضارب المصالح» في عملية التصنيف، مع العلم بأن أنشطة وكالة موديز في دبي خاضعة لسلطة دبي للخدمات المالية. استغلال نقاط الضعف من جانبه، قال محمد علي ياسين، العضو المنتدب لشركة أبو ظبي الوطني للأوراق المالية، إن الأزمة المالية العالمية أظهرت العديد من العيوب ونقاط الضعف في كيفية عمل وكالات التصنيف الائتماني العالمية، خصوصاً في ما يخص طريقة تقييمها لدرجات المخاطر، الأمر الذي أظهر فشلها بوضوح بعد اندلاع الأزمة المالية. مشيراً إلى أن دبي في حاجة للعمل على استغلال الفرصة، وإطلاق وكالة تصنيف شاملة تتمتع بأعلى درجات الشفافية، كما تراعي في تصنيفاتها كافة المقاييس الاقتصادية والاستثمارية، واصفاً فكرة إطلاق هذه الوكالة انطلاقاً من دبي، بالخطوة الأساسية التي تضاف إلى المسار الاقتصادي الناجح للإمارة خلال السنوات القليلة الماضية. مبادئ الشريعة وأضاف قائلاً «بالإضافة إلى فشلها أثناء الأزمة المالية، تواجه هذه الوكالات العالمية اتهامات أخرى، تتمثل في عدم اهتمامها خلال مراحل التقييم والتصنيف بموافقة أدوات الدين أو المنتجات التي تقدمها المصارف لمبادئ الشريعة الإسلامية، وإذا انتظرنا منها ذلك، فسننتظر طويلاً، لسبب بسيط، وهو أنها ليست في حاجة إلى ذلك، وعليه، فإن العالم يحتاج إلى وكالة تصنيف قوية وتتمتع بالشفافية، تكون قادرة على التفريق بين أدوات الدين الإسلامية والتقليدية، كما تملك معايير مختلفة في تصنيف البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية». وأشار إلى أن المبادرة التي أطلقتها حكومة دبي مطلع العام الماضي، والتي تهدف إلى جعل الإمارة عاصمة للاقتصاد الإسلامي على المستوى العالمي، تجعل من دبي المكان الأمثل لطرح مثل هذه الفكرة، خصوصاً وأن من أهداف هذه المبادرة إيجاد صيغة موحدة لمعايير المنتج الإسلامي، والتوافق على مفهوم موحد للتشريعات المنظمة لهذا القطاع، وهو إذا ما تحقق سيسهل عمل هذه المؤسسة (وكالة التصنيف)، بحيث ستجد البنية التحتية والتشريعية اللازمة لعملية التصنيف. وأشار إلى أن الوكالة الجديدة، في حالة إطلاقها، ستشكل منافساً حقيقياً للوكالات العالمية المهيمنة لهذا القطاع، وهي فيتش وموديز وستاندرد آند بورز، على الأقل في ما يخص تصنيف المؤسسات الإسلامية في أول الأمر، مشيراً إلى أن علامات استفهام كثيرة أثيرت حول هذه الوكالات في حياديتها في ما يخص تخفيض التصنيف لأميركا، وقال «عندما يكون الأمر متعلقاً برفع التصنيف، نجد أن هذه الوكالات متفقة، أما في حالة تخفيض التصنيف، خصوصاً في ما يخص الأداء الاقتصادي للدول، تتضارب المصالح وتختلف التقييمات». البيان الاماراتية