بدت ملامح تقارب واضحة للعيان في سماء علاقات العداء بين حزبي المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بزعامة عمر البشير وحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه د. حسن الترابي، منذ خطاب الوثبة الشهير للبشير. وظل جديد الأيام بعد خطاب البشير، يحمل في طياته خطوات التقارب بين النظام وأشد الأحزاب خصومة له، وهو ما تؤكده تصريحات الترابي الداعية لوحدة الصف الوطني ونبذ العنف لتغيير النظام ودعوته لحوار سوداني سوداني. ورغم أن قبول حزب المؤتمر الشعبي بدعوة الحوار التي أطلقها البشير كان بمبرر ايجاد مخرج من الأزمات المتفاقمة في البلاد، إلا أن المراقب للتحول المفاجئ في شكل العلاقة بين الحزبين يرى غير ذلك، باعتبار أن الأزمة السودانية ليست وليدة اللحظة، بل يرى أن أسبابا اخرى مستترة تدفع الطرفين للتقارب. ويرى المراقبون أن تغير لهجة خطاب حسن الترابي خلال الأيام الماضية ولقاءه المرتقب مع البشير يفتحان الكثير من الاستفهامات حول شكل العلاقة المستقبلية بين الخصمين، في وقت يحمل مؤشرات لمرحلة مقبلة ربما تجمع بين الفرقاء الإسلاميين من جديد بعد مفاصلتهم الشهيرة نهاية العام 1999، حيث تخندق بعدها الترابي في معسكر المعارضة. وعاد الترابي، الذي خطف الأضواء بتصريحاته التصالحية في الماضي، وبعد صيام عن التحدث لوسائل الإعلام، وأعلن مجدداً قبوله بالحوار غير المشروط مع خصمه اللدود الرئيس عمر البشير، داعياً أحزاب المعارضة للحوار والتوافق الوطني. وقال الترابي في تصريحات عقب لقاء جمعه مع سفراء الاتحاد الأوربي مؤخراً: «نريد أن نتحدث مع الآخر، وأن نعالج معه خلافاتنا بالتي هي أحسن مهما كان خلافنا معه، لعله يتذكر أو يخشى»، وتابع: «إذا ترتب على ذلك الحوار اتفاق فمرحباً به، وإذا لم يترتب عليه اتفاق سنخرج آمنين». كذلك تحدث الترابي، حول توحيد السودانيين وضرورة معالجة قضاياهم بالحوار السوداني السوداني، بل حتى دعوة الحركات المسلحة للتفاوض من الداخل بدلاً من التفاوض بالخارج. كل ذلك، يشير وبجلاء أن مساحات التشاحن والبغضاء بدأت تضيق بين الفصيلين الإسلاميين، وربما تقود الى وحدتهما مجدداً، وهذا ما يستشف من خطابات الترابي المتفائلة بالانفتاح السياسي والتي ألقاها خلال الأيام الماضية، حيث قال في ندوة أقامها طلاب حزبه الأسبوع الماضي: «أنا لا أعلم بالغيب، ولكني أقول إن هناك احتمالاً كبيراً بحدوث انفتاح سياسي في السودان في الفترة المقبلة ..انفتاح يمنحنا الأمل بتوحد البلاد شمالاً وجنوباً». وأرجعت مصادر مقربة من الطرفين المؤتمر الوطني الحاكم والمؤتمر الشعبي المعارض في حديث ل«البيان» هذا التقارب إلى أنه يأتي تلبية لأشواق بعض القيادات بالحزبين المتطلعة لضرورة جمع لحمة الإسلاميين. وبينت المصادر أن القيادات بقيت تعمل على نار هادئة من أجل أن تجمع صف الفرقاء، بينما يلحظ المراقب للشأن السوداني أن هذا التقارب لم يحدث إلا بعد أن أبعد الرئيس البشير عدداً من كبار قيادات حكومته وحزبه من مراكز القرار مثل نائبه الأول السابق علي عثمان محمد طه ومساعده نافع علي نافع اللذين، بحسب المصادر، أكثر المعارضين للحوار مع حزب الترابي. البيان الاماراتية