سلطان العرادة يزف بشرى سارة لأهالي عدن (فيديو)    غوتيريش يدعو إلى إعادة فتح معبر رفح "فورا"    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    عاجل: انفجارات عنيفة تهز محافظة يمنية وإعلان حوثي بشأنها    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    صحيفة تفجر مفاجأة: تشكيل حكومة جديدة بين الشرعية والحوثيين ودفع رواتب وأموال ضخمة وخارطة طريق معدلة    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    غندوزي يصدم لاتسيو الايطالي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    الروح الرياضية تهزم الخلافات: الملاكمة المصرية ندى فهيم تعتذر للسعودية هتان السيف    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    الحوثيون يواصلون لعبتهم الخطيرة وامريكا تحذر    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    اليابان تطالب بتعزيز الآليات القائمة لمنع عمليات النقل غير المشروع للأسلحة للحوثيين مميز    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    نقل منصات إطلاق الصواريخ الحوثية استعدادًا للحرب واندلاع مواجهات شرسة مع الأهالي ومقتل قيادي من القوة الصاروخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    الحوثيون يواصلون افتعال أزمة الغاز بمحافظتي إب والضالع تمهيد لرفع الأسعار إلى 9 آلاف ريال    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    الدولة العميقة ومن يدعمها هدفهم إضعاف الإنتقالي والمكاسب الجنوبية    اعضاء مجلس السابع من ابريل لا خوف عليهم ويعيشون في مأمن من تقلبات الدهر    تحميل لملس والوليدي إنهيار خدمة كهرباء عدن مغالطة مفضوحة    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    "نكل بالحوثيين وادخل الرعب في قلوبهم"..الوية العمالقة تشيد ببطل يمني قتل 20 حوثيا لوحده    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة ولي العهد إلى آسيا.. رؤية إستراتيجية.. لقارة واعدة
نشر في الجنوب ميديا يوم 05 - 03 - 2014

تستدعي الجولة الأخيرة لسمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى 4 دول من أهم الدول في القارة الآسيوية أو قارة المستقبل كما يطلق عليها (باكستان والهند واليابان والمالديف)، البعد الإستراتيجي للرؤية الدبلوماسية والقراءة المتمعنة للمستقبل، فالقارة الصاعدة أصبحت مسرحًا رئيسًا لتفاعلات القوة في القرن ال21. يقع ذلك في إطار انتقال حقيقي وملموس لمقادير القوة الاقتصادية من الدول الصناعية الغنية في الغرب، إلى الاقتصادات الصاعدة في آسيا.
إن تجربة الدول الآسيوية في التحديث جديرة بالاحتذاء، فهي لم تعتمد في نموها على تراكم الثروات التي استولت عليها من الآخرين إبّان الفترة الاستعمارية كما فعل الغرب، ولكنها اعتمدت بالأساس على تنمية مواردها الخاصة، وقد استخدمت في عملية التحديث أسرع الطرق وأنجعها، بحيث أتت ثمار التحديث سريعة ومؤثرة. كما أن التكنولوجيا التي استخدمتها آسيا رخيصة، استطاعت أن تدخلها وتروضها وفقًا لظروفها في فترة زمنية قصيرة، ووفق ظروفها التعليمية المنخفضة عن المستويات الغربية. وبالتأكيد فإن نقلها إلى المملكة سيكون أرخص بكثير من استيرادها من الغرب، وهناك ما تقدمه المملكة لآسيا بالمقابل وهو الطاقة التي هي في أمس الحاجة إليها، لذلك فالكفة متعادلة والمصالح متبادلة.
آسيا وتحولات القوة
وبينما نقف على أعتاب العقد الثاني من القرن ال21، نجد أنفسنا في إحدي اللحظات التاريخية النادرة التي تتبدى فيها التحولات الكبري للقوة بشكل واضح، بما يضمن أن العالم، بنهاية العقد القادم، سوف يكون مختلفًا بصورة جذرية عما كان عليه في القرن الماضي. وقد أفاض محللون، اقتصاديين في وصف معالم انتقال القوة الاقتصادية إلى آسيا، من رصد آلاف الآسيويين الذين استطاعوا تخطي خط الفقر، إلى حجم الإنفاق الضخم على مشروعات البنية التحتية (الأكبر في العالم)، إلى معدلات النمو العالية التي لم تتأثر بالأزمة العالمية.
وليس هذا التحول الكبير وليد اللحظة بالطبع، فقد رصده مبكرًا المؤرخ بول كينيدي، الذي تنبأ بتحول القوة الاقتصادية إلى منطقة الباسيفيكي، وأشار في كتابه «صعود وهبوط القوي العظمى» إلى أن مجمل الناتج القومي للدول الآسيوية الباسيفيكية، والذي كان في 1960 يمثل 7.8% من مجمل الإنتاج العالمي، قد ارتفع إلى 16.4% من هذا الإنتاج بحلول عام 1982.
كما التفت المحلل الاقتصادي، ورئيس التحرير السابق لمجلة الإيكونوميست البريطانية، بيل إيموت، إلى محورية الصعود الاقتصادي الآسيوي في كتابه «المتنافسون»، مشيرًا إلى أن آسيا قد أصبحت بكل المقاييس أكثر غنى وقوة وأهمية، حيث يعيش في هذه القارة أكثر من نصف سكان العالم، وبها 6 من أكبر 10 دول فيه. وقد تضاعف دخل الفرد في آسيا ككل 7 مرات، بحسب إيموت، ما بين أعوام 1950 و 2005. ويعد هذا إنجازًا حقيقيًا، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن بريطانيا العظمي لم تنجح في مجرد مضاعفة دخل الفرد فيها بعد مرور 60 عامًا على اندلاع ثورتها الصناعية عام 1780. أما الولايات المتحدة، فلم تنجح في مضاعفة دخل الفرد فيها إلا بعد 50 عامًا من انطلاقتها الاقتصادية عام 1840. وبالمقارنة، فقد نجحت كل من كوريا الجنوبية وتايوان والصين في مضاعفة دخل الفرد في العقد التالي مباشرة لانطلاقها الاقتصادي، ثم ضاعفته مرة أخرى، وبسرعة أكبر، في العقد الذي تلاه.
لقد كان نصيب الصين وحدها من إجمالي الناتج العالمي في عام 1980 يقدر بنحو 2%، ثم صعد إلى 7.6% في عام 2001، ومن المتوقع أن يشكل 16.9% من إجمالي الناتج العالمي بحلول عام (هذا بالنسبة لدولة واحدة فقط). وبلغت صادرات الصين عام 2000 نحو 249 مليار دولار، ارتفعت إلى 585 مليار دولار في عام 2004، وقدرت قيمتها لعام 2010 بنحو 1.274 مليار دولار.
وقد جاءت الأزمة المالية العالمية في 2008 لتكرس هذا التحول في القوة الاقتصادية إلى آسيا. فرغم أن الاقتصادات الصناعية المتقدمة ككل عانت الانكماش وانخفاض إجمالي الناتج القومي بنحو 3.5% نتيجة للأزمة، فقد واصلت الاقتصادات الآسيوية، خاصة الصين والهند، واليابان نموها. حيث تجاوزت نسبة النمو الاقتصادي للصين 8% في عام 2009، بينما كان معدل نمو الاقتصاد في الهند نحو 6%. وتشير الدلائل إلى تواصل نمو هذه الاقتصادات، وإلى أن نسبة نمو الاقتصاد الصيني تبلغ، خلال عام 2010، 9% علي الأقل.
العلاقات مع إسلام أباد
تمتد العلاقات ذات الجذور المتغلغلة في التاريخ فيما بين المملكة والباكستان، منذ حوالى 47 عامًا على الأقل، أي تحديدًا منذ استقلال الباكستان عن شبه القارة الهندية، حيث شكلت الدولتان منذ تاريخ العلاقات فيما بينهما عمقًا استراتيجيًا لبعضهما البعض، وهذا ما يفسر لما كانت باكستان هي المحطة الأولى لولي العهد في زيارته الخارجية. وتمثل المملكة رئة اقتصادية لباكستان، من خلال كونها مصدرًا ثابتًا للعملات الصعبة التي يحتاج إليها الاقتصاد الباكستاني، وترد من العمالة الباكستانية التي يقدر عددها بأكثر من 1.5 مليون عامل وفني، يحصل الاقتصاد الباكستاني على أكثر من 4 مليار دولار سنويًا من هذه الحوالات، إضافة إلى جانب التدريب الذي تقوم به القوات الباكستانية للجيش السعودي في مختلف القطاعات، لذلك هناك فرصة كبيرة جدًا لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين السعودية وباكستان بشكل يخدم البلدين الشقيقين، من خلال إنشاء صناعات عسكرية متقدمة مشتركة، بتوظيف رأس المال السعودي والأيدي الفنية الباكستانية، فاجتماع المال والخبرات للبلدين ستنتج منها صناعات عسكرية ومدنية تعزز موقع البلدين في المسرح الدولي. كما أن السعودية تستطيع أن تلعب دورًا محوريًا لحل القضية الكشميرية بين باكستان والهند، لأن المملكة تحتفظ بعلاقات مميزة مع البلدين، ما يجعلها وسيطًا مقبولًا ومؤثرًا لحل هذه القضية بين البلدين الجارين.
مشروعات مشتركة
وقد حققت زيارة صاحب السمو إلى باكستان ما كانت تسعى إليه، وحققت الهدف المرجو منها، حيث وقعت السعودية وباكستان، اتفاقيتين تبلغ قيمتهما المالية 685 مليونًا و500 ألف ريال، والأولى تتضمن قرضًا إنمائيًا لتمويل مشروع غولن غول الكهرومائي ب216 مليونًا و750 ألف ريال، بينما الاتفاقية الثانية تتضمن تمويل صادرات عبارة عن أسمدة يوريا من إنتاج شركة سابك بمبلغ 125 مليون دولار (486 مليونًا و750 ألف ريال).
فيما جاء في البيان المشترك في ختام الزيارة الدعوة للاستفادة من الفرص المتاحة في البلدين الشقيقين لتوسيع وتحسين الاستثمار والتجارة والطاقة وتطوير البنية التحتية والزراعة وتبادل الوفود الحكومية من أجل المنفعة المتبادلة للبلدين الشقيقين. ومواصلة العمل على مزيد من ترسيخ العلاقات السياسية القائمة بين البلدين من خلال عقد مشاورات ثنائية منتظمة بين وزارتي خارجية البلدين، واتفق الجانبان على الحاجة إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجال الدفاع.
وأكد الجانبان على أهمية استكمال الإجراءات اللازمة لتوقيع اتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات بما في ذلك الشؤون الإسلامية والأوقاف، والعمل، والقوى العاملة، والرياضة، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار. كما أكد الجانبان على ضرورة إيجاد حل سريع للصراع القائم في سوريا وفقًا لقرارات «جنيف1»، من أجل استعادة السلام والأمن في سورية وحقن دماء الشعب السوري الشقيق، ودعا الجانبان إلى أهمية الانسحاب الفوري لجميع القوات والعناصر المسلحة الأجنبية من الأراضي السورية، ورفع الحصار عن المدن والقرى السورية ووقف القصف الجوي والمدفعي، إقامة ممرات ومناطق آمنة لإيصال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى المواطنين السوريين المحاصرين تحت إشراف دولي، تشكيل هيئة حكم انتقالي تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة وتمكينها من تولي شؤون البلاد.
وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد الجانبان موقفهما الثابت لدعم حق الشعب الفلسطيني في التوصل إلى حل عادل يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وأكد الجانبان التزامهما بمحاربة التطرف والإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره ومواصلة التعاون في مجال تبادل المعلومات الأمنية وأعرب الجانب السعودي عن أمله في التوصل إلى حل سلمي لنزاع كشمير، مرحبا بالتطورات الإيجابية في العلاقات بين الهند وباكستان. وحول الوضع في أفغانستان أعرب الجانبان عن دعمهما للمصالحة الأفغانية بإشراك جميع الأطراف ومكونات المجتمع الأفغاني من أجل التوصل إلى إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان، وأكدا دعم العملية السياسية من خلال إجراء الانتخابات المقررة في أبريل 2014.
التكنولوجية اليابانية
وفيما يتعلق باليابان، والتي يبلغ عدد سكانها اليوم نحو 130 مليون نسمة، فإنها تتمتع بمكانة اقتصادية عالمية رفيعة، حيث يبلغ حجم ناتجها المحلي الإجمالي في حساب القدرة الشرائية 4.866 تريليون دولار أمريكي (الرابعة في العالم)، والحجم الأسمي 5.960 تريليون دولار (المرتبة الثالثة عالميًا)، مع احتلالها المرتبة بين 22 و23 في معدل دخل الفرد. كما أنها تضم 778 جامعة ومعهد تعليم عالٍ، يدرس فيها نحو 3 ملايين طالب وطالبة.
وكان هذان الجانبان بين ما أشار إليه الأمير سلمان، في كلمة القاها في جامعة واسيدا، حين قال «إن العلم والمعرفة هما الأساس الذي تقوم عليه نهضة الأمم، وهما عماد الاقتصادات الحديثة، بلادنا تبعد عنكم آلاف الكيلومترات، صحيح أننا اقتربنا من بعضنا البعض بفضل التقنية المدهشة، التي كان لكم يد في ازدهارها بالطبع، إلا أنني أدعوكم للاقتراب منا أكثر، الاقتراب من ثقافتنا الإسلامية والعربية، فلدينا الكثير مما نود إطلاعكم عليه، لتكتشفوا الكثير من المبادئ والتعاليم والقيم التي نشترك فيها معًا، نحتاج لمن هم في علمكم، وإلى مثلكم لفهم ثقافتنا، فنحن نعاني من تصورات خاطئة تضعنا، أحيانًا، في قوالب جاهزة، نفخر بطلابنا السعوديين الذي يدرسون في معاهد وجامعات اليابان».
وتمتد العلاقات السعودية - اليابانية لأكثر من 58 عامًا رسميًا، وهي راسخة ومتطورة في المجالات كافة، خصوصًا الجانب الاقتصادي، إلا أن كتب التاريخ تشير إلى أن أول سجل لزيارة قام بها ياباني إلى السعودية كانت حين أدى كوتارو ياماوكا فريضة الحج مع فوج منغولي عام 1909. ثم كتب بعدها كتابين عن المشاق التي واجهها في الحج. ثم أدى أبي تاناكا فريضة الحج مرتين عامي 1924 و 1933 وقام العديد من المسلمين اليابانيين بزيارة مكة قبل الحرب العالمية الثانية. فيما بدأت الاتصالات الرسمية بين اليابان والسعودية عام 1938 عندما قام المبعوث السعودي لدى انجلترا حافظ وهبه بزيارة اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو. كما زار المبعوث الياباني لدى مصر ماسايوكي يوكوياما المملكة عام 1939 لأول مرة كمسؤول ياباني والتقى بالملك عبدالعزيز في الرياض.
اقتصاديًا وصلت صادرات المملكة لليابان إلى أكثر من 60 بليون دولار، وهي تتصدر صادرات دول مجلس التعاون الخليجي، متفوقة على صادرات المملكة إلى كل من الهند وكوريا الجنوبية. كما أن الواردات اليابانية إلى المملكة وفي جميع المجالات تملأ الأسواق السعودية، فالعلاقات السعودية - اليابانية بدأت منذ اكتشاف النفط في المنطقة المحايدة (الخفجي)، وبدأت شركة الزيت العربية اليابانية باستخراجه، واستمرت حتى خروج الشركة في بداية عام 2002، لكن اليابان عادت واستثمرت في قطاع البتروكيماويات في شركة بترورابغ، ما يؤكد أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين. ومن هذا المنطلق، وإيمانًا من المملكة بأهمية تنويع الخبرات العلمية والاستفادة من كل ما هو جديد ومتطور، قامت بابتعاث العديد من الطلاب، سواء من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين الابتعاث الخارجي أم من خلال الابتعاث المباشر من مختلف القطاعات الحكومية، وذلك لإكمال دراستهم في اليابان والاستفادة من التقدم العلمي الذي وصلت إليه.
وحققت أيضًا زيارة اليابان عاصمة التكنولوجيا العالمية هدفها، حيث تم توقيع ثلاث اتفاقات. كانت الأولى مذكرة تفاهم في التعاون بين هيئة الاستثمار ومركز التعاون الياباني للشرق الأوسط، تتعلق بتطوير التعاون في مجال الاستثمار المشترك، وقعها من الجانب السعودي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان، ومن الجانب الياباني رئيس مركز التعاون الياباني أوكودا. أما الاتفاقية الثانية فهي توقيع عقد إنشاء شركة Toray Membrane Middle East Company LLC:TMME كمشروع مشترك بين شركة أبونيان القابضة وشركة توراي للصناعات، وقعها من الجانب السعودي المدير التنفيذي لشركة أبونيان خالد أبونيان، ومن الجانب الياباني المدير التنفيذي لشركة توراي للصناعات أكيهيرو نيكاككو.
فيما كانت الاتفاقية الثالثة عبارة عن اتفاق بين رجال الأعمال السعوديين ورجال الأعمال اليابانيين، وقعها من الجانب السعودي طارق عبدالهادي القحطاني، ومن الجانب الياباني السيد سايتو.
كما انتفع أيضًا الطلاب السعوديون المبتعثون في طوكيو من الزيارة، حيث حقق سمو ولي العهد حلم راغبي الالتحاق في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، إذ وجه بإلحاق جميع الطلبة السعوديين في اليابان الذين استوفوا شروط الدراسة على حسابهم الخاص ب»البعثة»، فيما ذكر الملحق الثقافي للمملكة لدى طوكيو الدكتور عصام أمان الله بخاري، أن الطلبة والطالبات المشمولين بالتوجيه يدرسون في عدد من الجامعات والمعاهد اليابانية في تخصصات موصى بها.
المحطة الثالثة
أما المحطة الثالثة للزيارة وهي الهند، فإن المملكة والهند تقيمان علاقات مميزة وراسخة، تعود جذورها إلى التجارة القوية التي يعود تاريخها إلى قرون عدة، فالهند وبحكم موقعها وقربها من منطقة شبه الجزيرة العربية، ساهمت في عملية البناء الاقتصادي والتجاري مع دول الخليج العربي، خصوصًا المملكة التي يقيم فيها اليوم أكثر من مليوني مواطن هندي، يعملون في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية.
لكن العلاقات السياسية بدأت بشكلها الرسمي منذ إشادة جواهر لال نهرو بحنكة الملك عبدالعزيز عند توحيده للمملكة عام 1932، وتعززت سياسيًا عندما أرسى قواعدها الملك فيصل عام 1955 خلال زيارته للهند، تبعتها عام 1956 زيارة رئيس الوزراء الهندي نهرو الذي لقي استقبالًا حارًا وألقى خطابًا بملعب لكرة القدم في جدة، وهو تكريم وامتياز لم يعطَ لغيره حتى الآن، ومن ثم دعمت الزيارة التي قامت بها رئيسة الوزراء الهندية الراحلة أنديرا غاندي المملكة عام 1982 العلاقات الثنائية بين البلدين أكثر. أما بالنسبة لعلاقات البلدين خلال السنوات الأخيرة، فقد حققت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الهند عام 2006 توقيع «إعلان دلهي» وهو وثيقة أضفت زخمًا جديدًا على العلاقات الثنائية. وأرست تلك الزيارة إطار العمل للتعاون في جميع مجالات الاهتمام المشترك. وبعدها رفعت الزيارة التي رد بها رئيس الوزراء الهندي الدكتور مانموهان سينغ إلى المملكة عام 2010 مستوى التعامل بين البلدين إلى «الشراكة الاستراتيجية» وشهدت توقيع «إعلان الرياض»، وبالتالي تميّزت بروح التعاون المتنامي في المجالات السياسية والاقتصادية ومجالات الأمن والدفاع.
كما أن العلاقات الوثيقة بين السعودية والهند لا تقتصر على العلاقات الرسمية، فالجالية الهندية المغتربة بالمملكة هي الجالية الأكبر فيها. إذ يقيم في المملكة أكثر من 2.5 مليون هندي.
وتعتبر السعودية المستثمر رقم 46 في الهند بمجموع استثمارات قدره 40.93 مليون دولار أمريكي خلال الفترة من أبريل 2000 إلى فبراير 2013. وهناك العديد من المشروعات السعودية - الهندية المشتركة أو الشركات المملوكة لجهات سعودية في الهند، والتي تعمل في مجالات متنوعة من صناعة الورق والكيماويات وبرامج الكمبيوتر وتصنيع الغرانيت والمنتجات الصناعية والماكينات والأسمنت والصناعات المعدنية. وخلال العامين الماضيين زار عدد كبير من الوفود التجارية والصناعية المملكة لبحث فرص الشراكات الطويلة الأمد والتعاون، بما في ذلك المشروعات المشتركة. وتلقت هذه الوفود ردودًا حارة ومتحمسة من المجتمع التجاري السعودي. وتشارك الشركات السعودية والهندية في تنظيم معارض تجارية بصورة منتظمة في كل من المملكة والهند. ومن الزيارات الثنائية المهمة خلال الفترة الأخيرة، زيارة رئيس الوزراء الهندي الدكتور مانموهان سينغ من 27 فبراير إلى 1 مارس 2010.
لذا فإن المملكة كانت لديها رؤية صحيحة لمستقبل الهند، فحرصت منذ استقلال الهند على تعزيز العلاقات معها، وبدأت بتعزيزها بشكل رسمي بعد الحرب العالمية الثانية، إدراكًا منها لأهمية الهند باعتبارها لاعبًا استراتيجيًا في القارة الآسيوية، وكذلك لوجود أكثر من 100 مليون مسلم، فالمملكة إضافة إلى اهتمامها بمصالحها الاقتصادية والسياسية لا تغفل عن مصالح الأقليات المسلمة في الدول غير المسلمة، فالهند دولة لديها قواعد دستورية تحفظ حقوق جميع المواطنين فيها، وهو ما تقدره السعودية للهند، واليوم الهند من الدول الصاعدة اقتصاديًا وسياسيًا، فمن الطبيعي أن يكون تعزيز العلاقات معها وأشكالها كافة مهمًا في السياسة السعودية.
اتفاقيات عسكرية
وقد أثمرت زيارة سمو ولي العهد إلى الهند بتوقيع تفاقية تعاون بين البلدين في المجال العسكري تشمل التعاون في التدريب وتبادل الخبرات والزيارات بين العسكريين، وفي بيان مشترك صدر في نهاية الزيارة، أكد الجانبان السعودي والهندي خلال المحادثات على أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومواصلة تطوير العلاقات في كافة المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما. واتفق الجانبان أيضًا على أهمية تشجيع رجال الأعمال في البلدين على زيادة الاستثمار والاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في المملكة والهند وخاصة في مجالات البنية التحتية، ونقل التقنية. وزيادة التعاون في مجال الموارد البشرية المؤهلة في مجالات تقنية المعلومات والإلكترونيات، والاتصالات. وحث الجانبان الجهات المختصة في البلدين على سرعة إنجاز الاتفاق الإطاري بين الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، وهيئة الاستثمار الهندية للمساهمة في تسهيل استثمارات رجال الأعمال في البلدين خاصة في قطاع الصناعات البتروكيماوية، والصناعات الدوائية، والمعدات الطبية، وتأسيس اسثمارات مشتركة في هذه المجالات، واتفق الجانبان على إزالة الصعوبات والعوائق التي قد تقف أمام زيادة وتدفق الاسثمارات أو نمو التجارة بين البلدين.
وأعرب الجانبان في بيان مشترك عن قلقهما البالغ إزاء خطورة الوضع في سوريا، وشددا على الحاجة الملحة لوقف قتل الأبرياء، ودعم الجانبان التنفيذ الكامل لبيان جنيف الصادر في 30 يونيو 2012، والذي دعا لإجراء مفاوضات بين كل الأطراف بما يؤدي إلى تشكيل هيئة الحكم الانتقالية. فيما نال أيضًا المبتعثون السعوديون جائزتهم، حيث وجه الأمير سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بإلحاق جميع الطلبة السعوديين في الهند الذين استوفوا شروط الدراسة على حسابهم الخاص بالبعثة. وقال الملحق الثقافي للمملكة لدى الهند الدكتور علي الشهري، إن الطلبة والطالبات الذين شملهم التوجيه يدرسون في عدد من الجامعات الهندية في التخصصات الموصى بها في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ومعظمهم في تخصصات الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، وهي من التخصصات التي تتميز فيها الجامعات الهندية على مستوى العالم، موضحًا أنهم مسجلون في الملحقية ويتابعون دراستهم بشكل منتظم.
مكافحة التطرف والإرهاب في بيان مشترك
أما بالنسبة إلى جزر المالديف، فجاءت الزيارة لتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والدينية بين البلدين، حيث إن جزر المالديف بلد مسلم، وسكانه مسلمون بنسبة 100 %، وكانت مستعمرة بريطانية مدة 78 عامًا، حتى استقلت عام 1965، وتتكون المالديف من 1199 جزيرة، منها 202 جزيرة مأهولة، وعدد سكانها قرابة النصف مليون نسمة، وتحتاج تلك الدولة الفقيرة إلى دعم سياسي واقتصادي، وقد جاءت زيارة ولي العهد تعزيزًا للعلاقات وبناء روابط قوية معها سياسيًا واقتصاديًا، حتى لا تستغل قوى أخرى حاجة جزر المالديف والدخول لها، فموقعها استراتيجي في القارة الآسيوية الصاعدة.
وفي زيارة سمو ولي العهد الأمير سلمان في ختام جولته الخارجية، تبرع ببناء 10 مساجد في المالديف، كما تبرع بمبلغ مليون دولار لأوقاف المركز الإسلامي المالديفي. حيث جاء ذلك استجابة لما أبداه الرئيس المالديفي عبدالله يمين عبدالقيوم من احتياجات المالديف والمسلمين فيها في قطاع الشؤون الإسلامية. وفي بيان مشترك، جددت السعودية والمالديف التأكيد على التزامهما بمحاربة التطرف والإرهاب، وعلى أهمية التعاون الأمني بين البلدين في مجالات القرصنة البحرية ومكافحة جرائم تجارة المخدرات وغسيل الأموال.
وشدد الجانبان في البيان على أهمية التعاون القائم بينهما من خلال منظمة التعاون الإسلامي، كما أكدا على وشائج الأخوة القائمة بين البلدين وقوامها الإسلام دين الوسطية والاعتدال والتسامح. وأعرب الجانب المالديفي في البيان المشترك عن تقديره البالغ للحكومة السعودية على ما تبذله من جهود ومساعٍ حثيثة لإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا بصفة خاصة على تقديره لما تبذله من جهود كبيرة في سبيل ايجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وموحدة وقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف، وكذلك ما تبذله من جهود مكثفة من أجل ايجاد حل سريع للصراع القائم في سوريا وفقًا لقرارات بيان جنيف1 يهدف إلى استعادة الأمن والسلام في سوريا ويحقن دماء الشعب السوري الشقيق.
إن تجربة الدول الآسيوية في التحديث جديرة بالاحتذاء، كما أن الغرب نفسه يتجه شرقًا، حيث تسعى العديد من الدول الأوربية للشراكة وزيادة التعاون التجاري بينها وبين الدول الناهضة في الشرق، خاصة الصين التي تتميز برخص الأيدي العاملة، وارتفاع مستويات الخبرات البشرية بها، وقد أصبحت بعض دول آسيا دولاً قادرة على إنجاز الكثير من فروع التكنولوجيا المعقدة التي لو نفذتها أوروبا لتكلفت مبالغ طائلة، كما أن العقلية الآسيوية أصبح لها قدرات ابتكارية خاصة تمكنها من حل مشاكل تعقيدات التكنولوجيا بطريقة أقل تعقيدًا من العقلية الأوروبية وقد تجلى ذلك في تطبيقات الاتصالات والأجهزة الإلكترونية.
تعتبر عملية التنمية والتحديث التي رأيناها في آسيا قد حدثت في بلاد مكتظة بالسكان الفقراء، يعانون ظروفًا معيشية صعبة، ومستوى متدنيًا من التعليم يصل إلى درجة الأمية، الأمر الذي يمثل عائًقا لأي عملية للتنمية، ولكنها أجادت استغلال تلك القوى البشرية ودربتها جيدًا، وحولتها إلى قوى منتجة بدلًا من أن تكون عبئًا استهلاكيًا، وهي المشكلة نفسها التي نعانيها في دولنا العربية، والتجربة الآسيوية تقدم لنا نموذجًا قابلاً للتطبيق وسط هذه الظروف الصعبة.
وقد أدركت دول النمور الآسيوي مبكرًا مدى أهمية التعليم، حيث كان هو وسيلتها الأساسية للنهوض، فارتفاع مستوى الدولة يعني ارتفاع مستوى التعليم فيها، لأنه يجعل التقدم عملية غير قابلة للتوقف. ما جعل عجلة التطور تسارع الزمن بلا توقف أو هوادة، وما جعل دول العالم تتصارع كي تجعل لنفسها قدمًا في تلك القارة الصاعدة، التي وحسب قول الاقتصاديين سوف تكون هي في عام 2022 القارة الأهم في الإنتاج العالمي حيث يتمركز فيها قرابة 50 % من إجمالي الانتاج العالمي.
زيارة ولي العهد لدول مثل باكستان واليابان والهند تمتد العلاقات معها لأكثر من 60 عامًا، وهي من القوى السياسية والاقتصادية الصاعدة في القارة الآسيوية، تشكل بُعدًا استراتيجيًا للسعودية، خصوصًا في هذا الوقت بالذات، إذ نرى أن هناك تموضعًا دوليًا بدأ يتشكل. فالقوى الغربية بدأت قوتها وسيطرتها السياسية والاقتصادية في العالم تضعف، وهناك قوى أخرى بدأت تتشكل في آسيا، فالبحث عن المصالح والخيارات الاستراتيجية وتنويعها أمر في غاية الأهمية في ظل الصراعات الإقليمية والدولية المتصاعدة الآن.
المزيد من الصور :
صحيفة المدينة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.