العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن لادن عن الترابي «هكذا الإخوان متلونون»... وإحاطة المصريين به ضايقت الخليجيين
نشر في الجنوب ميديا يوم 13 - 03 - 2014

يتحدث العميل المزدوج «رمزي» في هذه الحلقة عن سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان وكيف فر هو ومتطوعون يتدربون في معسكرات موالية لقلب الدين حكمتيار من أمامها عندما اجتاحت مقرهم في جلال آباد. يقول إن الطالبان جاؤوا يحملون المصاحف في أيديهم وأبلغوهم أنهم إذا استسلموا فسيكونون موضع ترحيب في أفغانستان، وهو ما حصل. يروي قصة لقائه الأول مع أسامة بن لادن وعن شكاوى الخليجيين من إحاطة المصريين به. ويروي قصة انتقاله الى «الجهاد» في الفيليبين، فوجد نفسه وسط طرفين لا يريدان القتال وأمام ديدان «مصاصة للدماء».
أخبرنا عن عودتك إلى أفغانستان؟ - في شهر آب (أغسطس) من عام 1996 رجعت إلى معسكر أبو روضة في أفغانستان. في ذلك الوقت كانت حركة طالبان عرضت على حكمتيار التحالف ولكن بشرط مبايعته للملا عمر، وعدم تنظيم انتخابات، وهو ما رفضه حكمتيار لأنه كان يرغب في تنظيم انتخابات في افغانستان. رفض حكمتيار عرض طالبان، وقرر في المقابل التصالح والتحالف مع عدوّيه السابقين برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود اللذين حاربهما أربع سنوات. وبناء على هذا التحالف، انتقل حكمتيار إلى كابول وأصبح رئيس الوزراء. عدد كبير من الشباب العرب الذين قاتلوا مع حكمتيار توقفوا عن دعمه بسبب هذا التحالف ورفضوا القتال معه ضد الطالبان. حين وصلتُ إلى معسكر أبو روضة، كان الجو العام كئيباً بين المقاتلين العرب لأنهم شعروا أن بطلهم الإسلامي الذي حاربوا إلى جانبه لسنوات قرر التحالف مع الأعداء السابقين. وكان السؤال الذي يدور في أذهانهم كيف نتحالف معهم ونحن من كفّرهم وحاربهم؟ والآن يجب علينا أن نحارب مع الكفّار القدامى؟ بعد وصول أسامة بن لادن إلى أفغانستان بسبعة أسابيع، أي في شهر أيلول (سبتمبر) من عام 1996، استطاع نحو 30 ألف مقاتل من حركة طالبان الالتفاف على الحدود الباكستانية والعبور إلى منطقة ميران شاه الباكستانية، والدخول إلى أفغانستان من خلال ممر خيبر والتقدم ليلاً باتجاه جلال آباد. في ذلك اليوم، استيقظنا على صوت الدكتور محمد حنيف الأفغاني من الحزب الإسلامي الذي أخبرنا أن الطالبان دخلوا جلال آباد. استغربنا من الخبر لمعرفتنا بصعوبة وصول الطالبان إلى تلك المنطقة لوعورتها. سادت حال من الهرج والمرج في المعسكر، لم نكن نعرف ما العمل. الكل كان يخشى الطالبان بخاصة أننا كنا محسوبين على حكمتيار. كان بن لادن قد رجع إلى أفغانستان قبل ذلك الوقت بنحو شهرين آتياً من السودان، وكان يقطن في منطقة يونس خالص القريبة منا. علمنا أن بن لادن لن يتحرك من مكانه وسيتفاهم مع الطالبان. لم نكن نعرف ما العمل، ولكن احتياطاً قمنا بتفجير الدبابة التي كنا نملكها وحملنا أسلحتنا وهربنا إلى منطقة «سروبي» وهي منطقة ما بين جلال آباد وكابول. سروبي كانت أكبر قاعدة (للحزب الإسلامي) وبمثابة قلعة طبيعية، وفيها أكبر سد مائي في أفغانستان. تمركزنا فوق السد، وكان صوت طبول مقاتلي طالبان يقترب منا، وبعد فترة رأينا صفوفاً طويلة وعشرات من شباب الطالبان في العشرينات من عمرهم حاملين المصاحف في أيديهم وغير مسلحين، ومن خلفهم ظهر مقاتلو طالبان المسلحون. كانت رسالة طالبان لنا بأننا لا نريد قتالكم إذا استسلمتم وأنتم في أمان. أحد المقاتلين الذي كان بجانبي رفض القتال وألقى سلاحه وقال: «لن أقاتل من يحمل المصاحف». تركنا السد وتوجهنا إلى كابول التي كانت في مرحلة فوضى عارمة، ورأيت هناك لأول وآخر مرة أحمد شاه مسعود. كانت عيناه دامعتين وغاضباً لسقوط دفاعاته. وبعد ساعة كانت حركة طالبان في كابول. بعد سقوط المدينة توجّه حكمتيار إلى منطقة بغلان في الشمال وتوجه أحمد شاه بطائرة هليكوبتر إلى منطقة بانشير، وجزء من القيادات العربية ذهب مع حكمتيار. ماذا فعلتم أنتم؟ - نحن قررنا الذهاب إلى قلعة مدمرة تسمى «بلحصار» في وسط كابول للمكوث فيها إلى حين مجيء طالبان للتفاهم معهم، وكنا نحو أربعين شخصاً. جزء من المقاتلين العرب الذين رفضوا ترك معسكر أبو روضة حين دخلت طالبان جاؤونا إلى قلعة بلحصار وأبلغونا أننا في أمان وأن طالبان لن تسلمنا الى الجيش الباكستاني. فور خروجنا من القلعة وجدنا مقاتلي الطالبان مصطفّين حول ممر الخروج من على الجانبين، وحين رغبنا في وضع أسلحتنا على الأرض وتسليمها لهم، جاء قادة الطالبان وطلبوا منا الاحتفاظ بأسلحتنا وقالوا لنا: «معسكراتكم موجودة وبيوتكم موجودة، أنتم منا وأهلنا وضيوفنا وإخواننا». تفاجأنا بموقفهم لأننا في الأمس كنا نحاربهم مع حكمتيار. بعد ذلك دعونا لرؤية عملية إعدام الرئيس السابق لأفغانستان نجيب الله وشقيقه في وسط الساحة العامة. عملية الإعدام شهدت عناق الطالبان وعناق المقاتلين العرب وتهنئتهم ودعوتهم ب «المهاجرين». وقالوا لنا إن بن لادن موجود في معسكر «يونس خالص» في جلال آباد، وهو معزز مكرم ومن دون أي مضايقات. ومن ذلك الوقت بدأت العلاقة بين الطالبان وأسامة بن لادن. هل كان هناك مقاتلون عرب مع الطالبان في ذلك الوقت؟ - لا، الجميع كانوا من الأفغان. هل تعتقد انه كان هناك اتفاق بين الطالبان وبن لادن؟ - لا أعتقد ذلك. حين وصل الطالبان إلى بن لادن لم يكونوا يعرفونه، وحين عرّفهم بنفسه استحضروا تاريخه في قتال السوفيات وبالتالي رحبوا به. هل من المعقول أن الطالبان لم يتعرفوا إلى بن لادن وهو من قاتل السوفيات على أراضيهم؟ - كبار السن من الأفغان يعرفونه لكن شباب الطالبان لا. الطالبان كانوا طلاب المدارس الاسلامية في باكستان، وهم شباب صغار من مدارس دينية. الملا عمر نفسه كان عمره 28 سنة حين قاد حركته. بالتأكيد كانت هناك مراسلات بين مضيف بن لادن الشيخ يونس خالص والطالبان وأبلغهم أن بن لادن تحت حمايته. يونس خالص كان يتمتع باحترام الطالبان وتقديرهم لعدم انخراطه في الحرب الأهلية الأفغانية ولتاريخه النضالي ضد السوفيات، وكان فكرياً أقرب إلى الطالبان. الملا عمر طلب من بن لادن أن ينتقل إلى قندهار ليكون بجانبه. وكنا نتساءل: هل يريد الملا عمر بذلك الاستفادة من خبرات بن لادن، أم أنه يريد أن يبقي العين عليه؟ أعتقد أن الملا عمر أراد الاستفادة من بن لادن لأنه كانت هناك ثقة بين الطرفين منذ البداية واستفادوا من بعضهما بعضاً. كيف كانت علاقة أحمد شاه مسعود بأسامة بن لادن؟ - لم تكن هناك أي علاقة، شاه مسعود طاجيكي وكان في الشمال وليس بشتونياً. وعدد المجاهدين العرب الذين كانوا يذهبون إلى الشمال كان قليلاً. كان المقاتلون العرب يشعرون أن مسعود لم يكن مخلصاً في الجهاد، وأن لديه اتفاقات سرية مع الروس تنص على أنه في حال انسحابهم فسيمدّونه بالسلاح للسيطرة على كابول وإنشاء منطقة عازلة بين طاجيكستان والمجاهدين البشتون في الجنوب وبقية أفغانستان. هل هذا صحيح؟ - أعتقد أنه صحيح، لكن شاه مسعود كان مضطراً، لأنني اعتقد أنه لم يكن بهذا السوء. وماذا عن الروايات التي تقول إنه كان على علاقة بإيران؟ - لا، هذا غير صحيح، شاه مسعود كانت له علاقات مع الفرنسيين، وكانت علاقات قوية بحكم انه درس في مدارس فرنسية في أفغانستان. وكان الفرنسيون يمدّونه بالسلاح. كما كانت له علاقة قوية أيضاً مع البريطانيين والروس لأنه كان يقود عملية مضادة للطالبان. هل تعرف تفاصيل عن عملية قتل مسعود عام 2001؟ - قتلته «القاعدة» ومن دون علم الطالبان. أرسلوا اليه شابين مغاربيين تخفّيا على أنهما صحافيان وأخفيا القنبلة في الكاميرا. الإثنان اللذان قتلاه كانا معنا في المعسكرات (...) «القاعدة» لم تُعلم الطالبان لأنها كانت تقول «إن المعرفة تعني خطيئة». هل انضممت إلى «القاعدة» وبايعت بن لادن خلال تلك الفترة؟ - لا، لم انضم إلى «القاعدة» ولم أبايعه خلال تلك الفترة ولكنني رأيته وقابلته، في شهر آب (اغسطس) من عام 1996 عرض عليّ شباب معسكر أبو روضة من منطقة تبوك مرافقتهم لزيارة أسامة بن لادن في «يونس خالص». وافقت وذهبت معهم، وكنا نحو 14 شخصاً، وكانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها بن لادن. كان المجمع مملوءاً بالشباب المصريين، وأطلقنا تندراً على المجمع إسم مجمّع المصريين بدلاً من مجمع «يونس خالص». حضرت الاجتماع غالبية قادة «القاعدة» مثل أبو حفص المصري ومصطفى أبو اليزيد وأبو الحارث المصري وغيرهم. وماذا عن أيمن الظواهري؟ - لا، لم يكن في الاجتماع، كان في ذلك الوقت قد خرج لتوه من سجن داغستان كما شرحت سابقاً ودفعنا 40 الف دولار لإخراجه من السجن في منتصف عام 1996. عمّ تحدثتم في ذلك الاجتماع؟ - تحدث في الاجتماع بن لادن إلى الشباب عن الخيانات التي تعرّض لها في السودان من جانب (حسن) الترابي و (عمر) البشير وبالذات من جانب الترابي. وقال بالحرف الواحد: «هكذا هم الإخوان المتلونون»، كان يرى أن الترابي محسوب على تيار الإخوان وهذا دليل على الفرقة بين «الاخوان» و «القاعدة». حاول بن لادن في هذا الاجتماع تجنّب الاعتراف المباشر بالفشل في السودان وأن الذهاب إلى هناك كان فشلاً ذريعاً. قال: «عودتنا إلى أفغانستان أمر رباني محتوم مقدر من عند الله عز وجل حتى نبدأ من جبال خراسان». لم يسمّها أفغانستان بل خراسان وفق النبوءات التي تقول إن الرايات السود من خراسان. وتابع: «من هنا من خراسان سيكون المنطلق إن شاء الله». بعد انتهائه من حديثه، نظرنا إلى بعضنا بعضاً باستغراب، كنا نطمح إلى المزيد من التفصيل. سألناه: لو اعطيناك البيعة ودخلنا معك في التنظيم، ماذا سيكون دورنا وما المطلوب منا؟ كنا نرغب في معرفة من سنقاتل؟ قال: «إن شاء الله حين تبايعونني سأشرح لكم». في الاجتماع تحدث عن أرض الحرمين والسعودية ودخول القوات الأميركية إلى السعودية. أحد الشباب من منطقة تبوك سأل بن لادن: يا شيخ هل كان لكم دور في تفجيرات الخبر؟ كانت التفجيرات قد وقعت قبل شهر ونصف الشهر من الاجتماع وأودت بحياة نحو 19 أميركياً. فردّ بن لادن: «لا، فاتنا الشرف، لم نقم بها». ولو أن بن لادن قام بتلك العملية لاعترف بذلك، لأن ذلك الاجتماع كان خاصاً بالمجاهدين. بعد سؤالنا عن البيعة تدخل أبو حفص نائب بن لادن وقال: «نحن لا نعلن ونروّج لخططنا وأهدافنا، والبيعة يا شباب عهد سري، والرسول يقول: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». فلذلك لن نعلن عن أهدافنا إلا لمن أصبح منا وأعطانا العهد والميثاق والبيعة. بعد ذلك صافحنا بن لادن وقبّلنا رأسه ورجعنا. كنا أربعة عشر رجلاً في عربة واحدة. هل بايعتموه. - لا. لم يبايعه أحد. لكن من هم حول بن لادن في ذلك الاجتماع كانوا من المبايعين. لماذا لم تبايعوه كالبقية؟ - لأننا لم نقتنع، أنا لم أبايعه إلا بعد 14 شهراً من هذا الاجتماع. لماذا؟ - لم اقتنع، والغالبية العظمى من الشباب لم تقتنع، وللمعلومة حتى أواخر عام 1996 واحد من كل أربعة من الشباب الجهاديين العرب بايع بن لادن. كان هناك غموض نفّر الشباب منه. كما أن الشباب المجاهدين لم يكونوا مهيئين نفسياً للدخول في حرب صفتها العامة عمليات إرهابية - تفجيرات في المدن والخطف - كانوا لا يزالون مبرمجين على الحروب التقليدية - حروب جيش مقابل جيش وجبهات مقابل جبهات مثل أفغانستان والبوسنة والشيشان. لم تحدث خلال تلك الفترة إلا ثلاثة تفجيرات هي: تفجير السفارة المصرية في باكستان وتفجير العليا في السعودية في نهاية عام 1995 الذي أدى إلى مقتل خمسة خبراء عسكريين أميركيين، إضافة إلى تفجيرات الخبر المذكورة سابقاً. كنت ما زلت في البوسنة عندما وقع تفجير العليا، فكيف كانت ردود فعل المجاهدين هناك؟ - تحدث إلينا الشيخ أنور شعبان في مسجد لواء المجاهدين بعد يومين من الانفجار، وقال إن التفجير خطأ سيدفع السلطات السعودية إلى التشديد على الجهاد والمجاهدين، وإن من قام بالعملية هم من الشباب المستعجلين، وإن السعودية ليست ساحة جهاد، على حد قول الشيخ. وهذا مؤشر على اختلاف الآراء بين تيار الجماعة الإسلامية الذي كان ينتمي اليه الشيخ أنور وبين تيار «القاعدة». في طريق العودة (من اللقاء مع بن لادن في أفغانستان) تساءل أحد الشباب: ألم تلاحظوا أن عدد المصريين المحيطين ببن لادن أكثر من اللازم؟ فردّ شاب سعودي: «ما جاب البلاء لبن لادن إلا المصريون الذين اخذوه إلى السودان». جزء من المصريين الذين كانوا معه خلال فترة الجهاد ضد السوفيات ذهبوا معه إلى السودان، وحقيقة هم من أخذوا بن لادن إلى السودان كي يكونوا قريبين من مصر، والتخطيط لثورة وانقلاب هناك. كان الشباب العرب يشبهون بن لادن ب «الأسد... ولكنه محاط بخبراء ومستشارين حمير». وتابع المجاهد السعودي: «لديّ معلومات تقول إن بن لادن خسر في السودان 165 مليون دولار في مزارع الذرة والقمح والاستثمارات وفي مصانع زيت الطبخ وأراض شاسعة استولى عليها الترابي والبشير، خسرها بسبب اصرار المصريين على الجهاد في مصر وهم يعرفون أنها ليست أرض ساحة جهاد وكل ما فعلوه ذبح الناس في الأسواق والمجمعات». هل هناك جزء غير مرئي في حياة بن لادن الخاصة وطريقة معيشته؟
- كان يتنقل بين المعسكرات وزيارة الملا عمر، وكان يقرأ كثيراً. كان يملك مكتبة كبيرة يقضي فيها وقتاً طويلاً في القراءة وتحضير خطبة الجمعة التي يلقيها بنفسه. كان أحياناً يلقي الدروس. كان معه ثلاث من زوجاته في المجمع في قندهار، وكان محباً لركوب الخيل والسباحة. كان دائماً مشغولاً في استقبال الوفود من باكستان وبلوشستان، كما كان يحب الصيد. كانت صحته ممتازة وكان بشوشاً. اجتماعنا معه لم يدم أكثر من عشر دقائق وكان اجتماعاً تعريفياً لكن ضيافته كانت سيئة. لكن المعروف عنه انه كان يتميز بالجود والكرم؟ - في ذلك الاجتماع لم يقدموا لنا غير الشاي، على رغم تكبدنا مشقة السفر إليه. كان الشباب في طريق العودة يتندرون بالقول عن تقصير بن لادن في حق الضيافة: «معليش يا شباب بن لادن حضرمي واجتمع على مصريين». لماذا هذا التحامل على الشباب المصريين؟ - أنا غير متحامل، ولكن الشباب المصريين في التنظيم كانوا الأقل ثقة في أفغانستان على العكس من وضعهم في البوسنة حيث كان الشباب المصريون في البوسنة موضع تقدير من الجميع. لكن لماذا هذا التفريق؟ هم في نهاية الأمر من المجاهدين في كلتا الجبهتين؟ - لأن المصريين الذين كانوا في البوسنة كانوا من الجماعة الاسلامية، وأكثرهم صعايدة من أسوان وأسيوط، وتعامل هؤلاء أقرب إلى البداوة التي يتميز بها شعب الجزيرة العربية، أما شباب جماعة الجهاد من القاهرة مثل أيمن الظواهري وأبو حفص المصري الذين كانوا يحيطون بأسامة بن لادن فقد كانوا مختلفين وكانوا أصوليين يسمّون «شلة امبابة». ولم يتمتعوا بعزة النفس وقوة الشخصية التي يتمتع بها الصعايدة في الجماعة الاسلامية. كيف كانت حياة المعسكرات في افغانستان؟ - حياة صعبة وقاسية بكل معنى الكلمة، كنا نعيش في بيوت مبنية من الطين الأحمر، ننام على الأرض، والحمامات بعيدة نسبياً من المعسكر وكانت عبارة عن أكواخ وعلى حافة جبل. معظم المعسكرات كانت بالقرب من مياه الآبار وبالقرب من مصدر للوقود للكهرباء والمواصلات. فعاليات المعسكرات كانت تشمل حلقات القرآن والدروس الدينية والتدريبات الرياضية العسكرية، وفي المساء نشاهد أفلاماً سياسية مثل فيلم اغتيال السادات وأزمة الصواريخ الكوبية وغيرهما من الأفلام. طعام غدائنا رز وعدس، وفطورنا سكر وسميد وشاي. لكن الأمر يختلف في معسكر أبو خباب، لأننا كنا نتناول طعاماً جيداً ودسماً مثل المعكرونة والتونة والحليب لأننا كنا نتعامل مع مواد كيماوية وبالتالي يجب أن نتناول البروتينات. كيف كانت حياتكم بين بعضكم بعضاً؟ - كنا نقضي الوقت في التدريب والقتال على الجبهات. القتال ضد من؟ - ضد أحمد شاه مسعود، أيضاً في مزار شريف كانوا يقاتلون ضد عبدالرشيد دستم الجنرال السابق الشيوعي، وفي الوقت نفسه التدريب على عمليات الخارج. وماذا عن حياتكم الاجتماعية؟ - أي حياة اجتماعية؟ الغالبية العظمى منا عازبون، ولكن قيادات «القاعدة» كانت تتزوج من نساء القبائل الأفغانية والباكستانية. وكيف تتواصلون في ما بينكم؟ - في المعسكرات نتواصل بالكنية فقط مثل «أبو دجانة» أو «فداء الدين»، الشخص هو من يختار إسمه وكنيته، وكل معسكر تذهب إليه من الأفضل والمستحسن تغيير كنيتك لكي لا تنكشف شخصيتك وطبيعة مهماتك في حال وجود جواسيس أو عملاء يتجسسون على التنظيم. هل كنتم تشاهدون التلفاز؟ - لا، ولكن كانت لدينا راديوات. كنا نستمع الى إذاعة الكويت وكانت المفضّلة لنا لتفصيلها الأخبار بالإضافة إلى ال «بي بي سي». أحد الشباب وجد لعبة «السلّم والحية» وجلبها الى المعسكر من جلال آباد وأصبحت اللعبة مركز اهتمام جميع الشباب الذين كانوا يتجمهرون حولها. وفي أحد الأيام دخل أحد المدربين علينا ونحن ملتفون حول اللعبة وقال «امريكا مرعوبة منكم... لو جاءت الآن ورأتكم سوف تقول إن القاعدة نكتة». ما الذي كان يغضب قادة تنظيم «القاعدة»، وبخاصة بن لادن؟ - لا يوجد شيء محدد، ولكن كان أحمد شاه مسعود يستفز التنظيم ويغضبه وقتلوه في النهاية. هل كان يهم «القاعدة» انخفاض أو ارتفاع شعبيتهم في أوساط الرأي العام؟ - لا لم يهمهم هذا الأمر، لأنهم كانوا يستدلون بحديث رسول الله وهو «من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس». كانوا يقولون: «نُرضي الله أولاً والناس ثانياً». الانتقال إلى الفيليبين ماذا فعلت أنت خلال تلك الفترة؟ - انخرطت في التدريبات والدورات ولكن لم استطع التأقلم. سيطرة الطالبان على أفغانستان والتشرذم والصراعات وتعدد المعسكرات والمجموعات الجهادية دفعتني للتفكير بمغادرة أفغانستان مرة أخرى. استغليت فرصة دعوة صديقي أبو الفاروق الكويتي لي للانضمام إليه في الفيليبين. قابلت أبو الفاروق في البوسنة عام 1995 وكانت نهايته في عام 2006 على يد القوات البريطانية في البصرة. أبو الفاروق الكويتي دعاني للانضمام إليه للجهاد في الفيليبين، كان هو قد سبقني إلى هناك بشهر أو شهرين في نهاية عام 1996. في رسالته أخبرني انه بدأ تشكيل كتيبة من المجاهدين العرب في الفيليبين، وبالفعل في كانون الأول (ديسمبر) من عام 1996 ذهبت أنا وخالد الحاج إلى الفيليبين وانضممنا إلى جبهة تحرير مورو الإسلامية التي كان يقودها الشيخ سلامات هاشم. كان ذلك في كانون الأول. في الفيليبين قابلنا عبدالناصر نوح وهو فيليبيني وكان المنسّق العام لجبهة تحرير مورو الاسلامية. وانتقلنا بمرافقته إلى جزيرة مندناو وكان في انتظارنا أحمد دولي وهو قيادي فيليبيني كان قد عاش في مصر والسعودية. انتقلنا الى الجبهة في الجبال على ظهر الدراجات النارية. والتقينا خلال الرحلة الحاج مراد ابراهيم نائب القائد العام لجبهة تحرير مورو الاسلامية الذي رحب بنا. وصلنا إلى معسكر الصديق مركز القيادة الرئيس الذي يقطن فيه سلامات هاشم وقابلنا أول عربي هناك وكان الطبيب أبو مريم المصري وكان إمام المسجد هو سلامات هاشم. للوصول إلى معسكر الشباب العرب كان علينا تسلق جبل ارتفاعه اكثر من ألف متر. كانت رحلة صعبة محفوفة بالأخطار في وسط الأدغال، وخلال تلك الرحلة رأيت حيوانات لم أرها من قبل في حياتي، كان جهاداً ضد الطبيعة، بخاصة أنني اخاف العناكب والثعابين. كنا نعاني من الديدان التي تمتص الدماء من اجسادنا وأرجلنا خلال مشينا في الأدغال، كانت تلك الديدان تمتص الدماء من أقدامنا وتنتفخ لتصبح بحجم الإصبع. والاخطر من ذلك أن هناك نوعية من الديدان تمتص الدم من مناطق خاصة في جسم الانسان مثل بياض العين مما يؤدي الى العمى الموقت ما بين 10 الى 12 ساعة، وأكثر من مرة استيقظت من النوم لأجد هذا النوع من الديدان تحبو على وجهي باتجاه عيني، وفي احدى المرات وصلت الدودة إلى عيني وبدأت تمتص الدم واستدركت الأمر وقمت بإغلاق عيني وسحب الدودة منها. لم تُخفك الحروب والمعارك والعمل الاستخباراتي وتخيفك العناكب؟ - نعم هذه الطبيعة البشرية. بعد رحلة طويلة وجدت المعسكر على قمة الجبل وكان في وسط ساحة خضراء واسعة وخلفها بركان خامد، كان المعسكر عبارة عن مبنى مرتفع عن الأرض لتجنب الثعابين والرطوبة، وملعب كرة طائرة مما يدل على وجود العرب. كما أن رائحة القهوة العربية أيضاً كانت منتشرة. كان عدد الشباب العرب هناك نحو 21 وبعد انضمامنا اليهم اصبحوا 23. صديقي الفاروق طلب مني أن أحضر له معي أغراضاً مثل الهيل والطحينة والتمر. طعامنا هناك كان نودلز وصويا. بعد فتح علبة التمر التي احضرناها معنا قام بعض الشباب بسجود الشكر. من أي دول كان هؤلاء المقاتلون؟ - جميع الموجودين بلا استثناء كانوا من دول الخليج من السعوديين والكويتيين والقطريين. بعد فترة أدركت أن الحرب لم تكن مثل حرب البوسنة، لم تكن حرباً طاحنة. شعرت أن طرفي النزاع وهم جماعة مورو والجيش الفيليبيني لا يرغبون في القتال، بل كلا الطرفين يستخدم الحرب والسلاح كأداة للضغط السياسي أكثر من كونه جهاداً مما خيّب أملنا. لم نمانع في ذلك ما دام يخدم المسلمين ويساعدهم للحصول على امتيازات أكبر. وأهم استفادة من وجودنا في الفيليبين كان التدريب على الأسلحة الأميركية، لأن جميع الاسلحة الموجودة في الفيليبين كانت اميركية وهذا معناه حصولنا على فرصة للتدرب على اسلحة الأميركيين بخاصة منظومة الهاون. وجدنا أن السلاح الأميركي يمتاز بالخفة والدقة ولكن لا يكمن الاعتماد عليه لأنه كان يعلق في كثير من الاحيان. واكتشفنا هناك أن الأسلحة الروسية أكثر كفاءة. مكثت في الفيليبين ثمانية اشهر كان أكثرها التدريب على قتال الادغال والغابات والدوريات وبناء الجسور فوق الانهار وتعليم السكان اللغة العربية والرباط على الجبهات. لم تخض أي معركة مع الجيش الفيليبيني؟ - خلال الثمانية أشهر خضنا معركة واحدة مباشرة تمثلت بقصف متبادل بيننا وبين الجيش الفيليبيني ولكن من دون تقدم لأي جهة. جبهتنا كانت هادئة ولكن الجبهة الأكثر اشتعالاً كانت جزيرة سولو مكان تمركز أبو سياف. ابو سياف بايع سراً سلامات هاشم ورأيت أبو سياف يزور سلامات هاشم في معسكر الصديق في جزيرة ميندناو. كانت هناك مصالح مشتركة بين الجانبين، سلامات هاشم كان يحتاج أبو سياف للقيام بالعمليات التي لا تستطيع حركة مورو القيام بها وأبو سياف هو الجناح الاستخباراتي ومنفّذ العمليات السرية القذرة من خطف واغتيالات وتفجيرات. بذلك تنأى حركة مورو بنفسها عن تلك العمليات في حال المحاسبة منجانب الحكومة الفيليبينية، بخاصة أن حركة مورو لا تريد أن تكون على قائمة الارهاب. لذا فالحركة تتذرع علناً بأن أبو سياف منشق عنها ولا ينتمي اليها، ولكن العكس هو الصحيح. ما هي أدلتك؟ - طلحة شعيب السكرتير الشخصي لسلامات هاشم وهو خريج الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة أكد لي أن أبو سياف جزء من منظمتهم الاستخباراتية والعسكرية، أي جبهة تحرير مورو الاسلامية. غداً حلقة رابعة
ريتاج نيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.