أقر مواطنون ومقيمون بأن إغراءات البنوك بالحصول على قروض وتمويلات بطرق ميسرة قبل سنوات دفعتهم إلى الحصول على قروض من أجل تلبية متطلبات غير ضرورية، ما عرضهم لمشكلات مالية كبيرة عانوا ومازالوا يعانونها، مؤكدين أن معظم سكان الدولة مدينون للبنوك بطرق مختلفة، أغلبها بسبب أهداف كان يمكن الاستغناء عنها. إلى ذلك، حدد خبراء مصرفيون عدداً من الحالات الضرورية التي يمكن الاقتراض من أجلها، مثل العلاج أو شراء و ترميم مسكن أو التعليم أو الزواج أو شراء سيارة للمرة الأولى، موضحين أن هناك عدداً من الحالات التي لا يجب الاقتراض من أجلها، مثل شراء سلع كمالية أو رفاهية أو من أجل محاكاة الآخرين والتباهي، سواء للسفر للخارج أو لشراء سيارة فارهة أو مسكن بمواصفات أعلى من الاحتياجات الفعلية، محذرين في الوقت نفسه من الاقتراض من البنوك لشراء الأسهم أو لتأسيس الأعمال من دون توافر الخبرة. زيادة المدينين ظروف معيشية أفاد الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد البنا، بأن «الظروف المعيشية الصعبة إضافة إلى التسهيلات والمغريات التي تقدمها البنوك، تُعد من أهم الأسباب التي تشجع على الاقتراض، الذي يجب تقنينه لضمان عدم التعثر المصرفي مستقبلاً وعدم حدوث مشكلات اجتماعية كثيرة»، موضحاً أن «مشكلة الاقتراض من البنوك واعتماد الجانب الأكبر من المجتمع على قروض البنوك أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة، لأن آثارها الاجتماعية والاقتصادية خطيرة». ونصح البنا، بعدم الإفراط في الاقتراض من أجل تلبية أغراض استهلاكية مثل السفر للخارج أو لشراء السيارات الفارهة أو لإظهار مقومات تفوق القدرات الفعلية، مشدداً على أهمية أن «يحسب أي شخص راغب في الاقتراض أعباء القرض والأقساط والدفعات الشهرية التي سيسددها قبل الحصول على القرض، وكذا حساب النفقات الضرورية الشهرية الأخرى من إيجار وطعام ونفقات معيشة للتأكد من عدم تعرضه للتعثر مستقبلاً بسبب عجزه عن السداد». من جهته، أكد المواطن (أحمد.ش)، أنه عندما فكر في الزواج أخبره صديقه بأن البنوك تمنح تسهيلات لتمويل الزواج، فاقترض بالفعل من أجل هذا الغرض، مؤكداً أنه بعد الزواج اكتشف أن أعباء القروض أصبحت تفوق قدرته المادية وشيئاً فشيئاً تراكمت الديون، ما أدى إلى مشكلات عائلية بينه وبين زوجته، وانتهى الأمر بالانفصال. من ناحيته، أفاد المواطن (خليفة.ن) بأنه حصل على تمويل للسفر من بنك إسلامي قبل سنوات بقيمة 100 ألف درهم، وسافر هو وأسرته المكونة من أربعة أشخاص، لقضاء عطلة الصيف في تايلاند، مضيفاً أن تجربة السفر في حد ذاتها كانت ممتعة، لكن الأعباء المالية المترتبة عليها، التي تستمر لسنوات، أدخلته في دوامة التعثر، ما اضطره إلى بيع مديونيته إلى بنك آخر من أجل إعادة جدولة المديونية مع تحمل فوائد ورسوم إضافية. وذكر المقيم، شيخ محمد رفيع، أنه أسس شركة قبل سنوات مع شريك ثم حصل على قرض من أجل توسيع الأعمال، موقع باسمه شخصياً، مؤكداً أن شريكه طالبه بعد فترة بفض الشركة، فارتبكت أعمال الشركة، وبدأ البنك يطالبه بسداد الالتزامات المترتبة على القرض. ونصح رفيع أي شخص بدراسة الخطوات التي يقدم عليها للاقتراض من البنوك، خصوصاً في حال ارتفاع أسعار الفائدة سنوياً، لافتاً إلى أن الاقتراض من أجل تأسيس عمل خاص يُعد من أكبر الأخطاء. إلى ذلك، ذكر مواطن، فضل عدم ذكر اسمه، أنه أفرط في الاقتراض من البنوك لأغراض، بعضها ضروري وبعضها استهلاكي، ونقل المديونية من بنك إلى آخر أكثر من مرة، ثم تعثر في السداد ليفاجأ ببلاغات ضده من بنوك عدة، مشيراً إلى أن أسرته اضطرت إلى التدخل وسداد المديونية لبعض البنوك وجدولة مبالغ مستحقة لبنوك أخرى بعد صدور أحكام قضائية ضده، وبعد أن وجدت أنه معرض للسجن. حالات ضرورية إلى ذلك، قال عضو المجلس الوطني الاتحادي، مقرر اللجنة المالية والاقتصادية والصناعية في المجلس، علي عيسى النعيمي، إنه «على الرغم من أن الاقتراض من البنوك حق لكل شخص في الدولة إذا ما استوفى الاشتراطات المطلوبة من قبل البنوك، إلا أنه لا يجب أن يكون الاقتراض عادة يستسهلها الجميع لتدبير السيولة»، مؤكداً أن «هناك عدداً من الحالات التي يمكن أن يقترض الشخص من أجلها، وهي الحالات الضرورية فقط». وأوضح أن من «أهم تلك الحالات الحصول على قرض من أجل العلاج، لاسيما إذا كانت الحالة الصحية تتطلب علاجاً سريعاً في الخارج، وكذا عند شراء مسكن أو إجراء ترميمات ضرورية في المسكن القائم». وأشار النعيمي إلى أن «الاقتراض قد يصبح ضرورة عند شراء سيارة، لاسيما للمرة الأولى، وليس لتحديث السيارة الحالية أو اقتناء طراز أكثر رفاهية»، لافتاً إلى أنه «لا يجب على المواطنين الانسياق وراء المغريات والتسهيلات التي تسوقها البنوك من أجل زيادة حجم القروض التي توفرها، ما يوقع المقترض في أزمة مالية في ما بعد». ونصح المقيمين في الدولة والمواطنين، خصوصاً الشباب، بعدم الاقتراض من أجل أمور رفاهية، مثل الاقتراض من أجل التباهي أو لإظهار أمور شخصية بخلاف الواقع، إذ يقبل الكثير منهم عند بدء العمل على شراء سيارة فارهة بثمن يزيد على إمكاناته أو شراء مسكن بمواصفات أعلى من احتياجاته الفعلية، وأكد أن «الاقتراض من البنوك من أجل المتاجرة في الأسهم يُعد من الأخطاء الشائعة أيضاً نظراً إلى أن تلك العملية تتطلب خبرات وتتسم بالمخاطرة العالية»، محذراً المواطنين بشكل خاص من الوقوع في (مصيدة) القروض إذا كان الغرض منها غير ضروري. اقتراض خاطئ من جهته، قال المدير العام للهيئة الاستشارية لدول مجلس التعاون الخليجي، نجيب الشامسي، إن «الاقتراض الخاطئ من البنوك هو الذي يتم من أجل شراء سلع كمالية أو رفاهية أو من أجل محاكاة الآخرين والتباهي، بمعنى أن يقترض الإنسان للسفر للخارج، على الرغم من تحمله أعباء تفوق قدرته أو أن يقترض لشراء سيارة فارهة وهو يملك سيارة بالفعل»، موضحاً أن «الاقتراض يمكن أن يكون ضرورياً طالما كان موجهاً لأغراض أساسية مثل التعليم أو تجديد وصيانة المنزل أو الزواج». وأضاف أن «دراسة الاحتياجات الفعلية قبل الحصول على قرض تعد ضرورة لا تقل أهمية عن دراسة القدرة على السداد، إذ إن الاقتراض الخاطئ قد ينعكس بتداعيات سلبية اجتماعية وأسرية». وأشار إلى أهمية أن يكون المقترض ذاته على وعي بأهمية ألا تتجاوز أعباء القرض قدرته على السداد، بمعنى أن يدرس شروط القرض جيداً قبل الحصول عليه، حتى يضمن قدرته على السداد، لافتاً إلى أهمية أن يتدخل المصرف المركزي بوضع الآليات التي توجه البنوك لعدم (توريط) مزيد من الأفراد في قروض تفوق أعباؤها قدرتهم على السداد. الامارات اليوم