تنشط مجالس الأعمال العربية والأجنبية في الإمارات، وخصوصاً في دبي، منذ سنوات لما توفره الدولة من مناخ تجاري واستثماري مثالي، وبدورها تسهم هذه المجالس في تعزيز العلاقات بين الدول التي تمثلها هذه المجالس ومجتمع الأعمال في الإمارات لما يوفره الوجود المباشر من زيادة التواصل وتشجيع الاستثمارات وتنمية الأعمال والشراكات التجارية . وتسعى مجالس الأعمال في الإمارات إلى فتح قنوات للتنسيق وتوفير الأجواء المناسبة لتوثيق العلاقات الاقتصادية . وبسبب الدور الحيوي الذي تلعبه مجالس الأعمال العربية والأجنبية في تنشيط حركة التبادل التجاري بين الإمارات والدول التي تمثلها . تفتح "الخليج" ملف مجالس الأعمال في الإمارات وتلقي الضوء على أبرز أنشطتها ومدى نجاحها في تحقيق هدفها المرسوم في ضوء الخدمات والتسهيلات التي تقدمها الدولة إلى جانب مرونة القوانين الاستثمارية التي تشجع على إنشاء مجالس الأعمال وتأسيس مراكز رئيسة إقليمية في الإمارات . رايمي فان در سبيك رئيس مجلس الأعمال الأسترالي ل "الخليج": الإمارات دخلت مرحلة التعافي في كل القطاعات أشاد رايمي فان در سبيك رئيس مجلس الأعمال الأسترالي بأداء الاقتصاد الإماراتي عقب مرور خمسة أعوام على الأزمة المالية العالمية والتي ضربت أجزاء كبيرة من العالم، وأكد أنه بدأت تلوح في الأفق الكثير من الإشارات التي تؤكد دخول الدولة في مرحلة التعافي والانتعاش في كافة القطاعات ومختلف المجالات لاسيما قطاعي العقارات والتعمير واللذين كانا أكبر المتضررين من تلك الأزمة . كما أشاد في حوار مع "الخليج" بالدور الذي لعبته حكومة الدولة وقادتها للتصدي للأزمة المالية العالمية والتي اشتعل فتيلها في أواخر العام 2007 في الولاياتالمتحدةالأمريكية وامتدت لتطال تأثيراتها كل دول العالم، وتحدث عن الدعم الذي وفرته الحكومة للشركات العاملة في الدولة وكيف نجحت في امتصاص المخاوف التي انتابت الشركات والمستثمرين إبان الأزمة . وأثنى على البيئة الاستثمارية الجاذبة والتي تتمتع بها دولة الإمارات نظراً لتوافر العديد من مقومات استقطاب الشركات والاستثمارات من شتى أنحاء العالم لا سيما الأمن والتنافسية التي حولت أسواق الدولة إلى وجهة استثمارية على أعلى مستوى، كما أطرى على البنية التحتية المميزة للدولة مما مكنها من تبوؤ مكانة عالمية مهمة وجعلها مسرحاً للعديد من المهرجانات والأحداث العالمية بفضل ما تتمتع به الدولة من شبكة طيران واسعة ومميزة وخطوط مواصلات رائعة، فضلاً عن توفر شبكة المتروفي دبي، إضافة إلى الفنادق والمطاعم وغير ذلك من عوامل الجذب، وأشار إلى أن الإمارات وفي خضم الأزمة العالمية واصلت خطواتها الجريئة في مشاريع البنية التحتية وهو ما تقطف ثماره في هذه الأيام من خلال الإقبال السياحي الكبير على دولة الإمارات . وفي ما يلي نص الحوار: ما الدور الذي يؤديه مجلس الأعمال الأسترالي في تحفيز الشركات الأسترالية على خوض تجربة الاستثمار في الإمارات، وهل تشجعون المستثمرين الإماراتيين على الاستثمار في أستراليا؟ - تأسس مجلس الأعمال الأسترالي في عام 1993 بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين الإماراتوأستراليا، وينظم المجلس عدداً من المؤتمرات والندوات التي يحضرها عدد من الوفود التجارية من أستراليا ورجال الأعمال الأستراليين المتواجدين في الإمارات، إضافة إلى رجال الأعمال الإماراتيين ورجال الأعمال من الجنسيات الأخرى، ويستعرض المشاركون الفرص الاستثمارية المتاحة في الدولة والمشاريع المحتمل إقامتها، كما يقوم المجلس باستقبال البعثات التجارية من أستراليا واطلاعهم على واقع العملية الاستثمارية في الدولة والفرص المتنوعة التي تزخر بها أسواق الدولة وتقديمهم إلى رجال الأعمال الإماراتيين والمسؤولين في الدولة، كما أننا نساعد الأعضاء على تجاوز العقبات والتحديات التي قد تعترض طريقهم، أما بالنسبة لدور المجلس في تعزيز تواجد الاستثمارات الإماراتية في أستراليا فإننا نتواصل مع الملاحق التجارية الأسترالية في الدولة وغرفة التجارة العربية الأسترالية في أستراليا في هذا الشأن . ما الآلية التي يتبعها المجلس في دعم الشركات الأسترالية في الدولة؟ - ننظم ورش للتعارف في ما بينهم لمناقشة القضايا المتعلقة بأعمالهم في الدولة، كما نعرفهم على رجال الأعمال الأستراليين القدامى في الإمارات والذين بدورهم يقدمون لهم النصائح والإرشادات، أضف إلى ذلك أننا نركز على إقامة علاقات بين أصحاب هذه الشركات مع رجال الأعمال والمسؤولين الإماراتيين إضافة إلى رجال الأعمال من الجنسيات الأخرى وذلك من خلال حضورنا للمنتديات والمؤتمرات التي تنظمها مجالس الأعمال المختلفة في دولة الإمارات . ما إجمالي عدد الشركات الأسترالية الموجودة في دولة الإمارات؟ - تحتضن الإمارات قرابة 500 شركة أسترالية متباينة في أحجام استثماراتها وحجم القوة العاملة فيها ما بين الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وتقتحم هذه الشركات عدة قطاعات اقتصادية في الدولة كقطاعات التعمير والهندسة والتعليم والتعدين والهندسة البترولية وغيرها من المجالات، وتشهد الإمارات زيادة سنوية في أعداد هذه الشركات . هل تأثرت أنشطة هذه الشركات بتداعيات الأزمة المالية العالمية على اقتصاد الدولة، وإلى أي مدى؟ - لا يخفى على أحد أن الأزمة المالية العالمية أثرت في كثير من القطاعات لاسيما قطاعي التعمير والعقارات، أما بعض القطاعات فواصلت أداءها القوي إبان السنوات الأولى للأزمة كقطاعات التعليم والتعدين والأطعمة . كيف ترى الوضع الاقتصادي الراهن لدولة الإمارات؟ - بات واضحاً أن الاقتصاد الإماراتي عاد إلى مساره الصحيح وبدأ مرحلة التعافي في كافة القطاعات وخصوصاً قطاعي العقارات والتعمير، الأمر الذي يؤكده الازدحام الشديد الذي تشهده مطارات الدولة وارتفاع الإيجارات وتدشين سلسلة من المشاريع الجديدة والضخمة والحركة السياحية القوية في دولة الإمارات والتي واكبها نمو عدد الغرف الفندقية بواقع 60% عما كانت عليه في ،2007 كما واكب الطفرة السياحية نمواً ملحوظاً لطيراني الإمارات والاتحاد والذين أضفيا زخماً كبيراً على القطاع السياحي، أضف إلى ذلك ارتفاع مبيعات السيارات بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة مقارنة بحجم المبيعات خلال السنوات الأولى من الأزمة، وإذا ألقيت نظرة على قطاع التجزئة في الدولة أثناء فترة العيد هذا العام ستجد أنه نما بمعدل 20% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وأود أن أشيد بجهود حكومة الدولة والتي نجحت إلى حد كبير في التعامل مع الأزمة العالمية ولجم كباحها وذلك من خلال دعمها للشركات العاملة في الدولة ومساندتها للبنوك التي استطاعت التماسك في وجه الأزمة الأمر الذي ألقى بظلاله على الوضع الاقتصادي للدولة، وكانت الحكومة واعية لأهمية توفير بيئة ومناخ يتسم بجمعه لشركات من مختلف دول العالم تحت مظلة واحدة، وكان لهذا الوعي كبير الأثر في دعم اقتصاد الإمارات، كما وفرت الحكومة البنى التحتية الضرورية للاستثمار واستقطاب الاستثمارات . ما تقييمك للبيئة الاستثمارية في دولة الإمارات؟ - نجحت الدولة في توفير مناخ استثماري جاذب للجميع نظراً للمقومات التي توفرها كالأمن وهو العنصر الأهم للاستثمار، إضافة إلى البنية التحتية المعدة على أعلى مستوى من مطارات وموانئ وشبكات طرق ومواصلات وغيرها، وعلاوة على ذلك التنافسية التي تتمتع بها بيئة الدولة والتي شجعت الشركات على التوافد إلى أسواق الدولة للاستفادة من المميزات التي يفتقدونها في كثير من أسواق العالم، إضافة إلى وجود الخيارات الاستثمارية المتعددة وعلى رأسها المناطق الحرة والتي كان الهدف من إنشائها هو عزل الشركات العاملة تحت مظلتها عن الإطار الاتحادي، ولا شك في أن الملكية الكاملة للمستثمر الأجنبي من أبرز المقومات التي تستقطب المستثمرين إلى تلك المناطق حيث لا يشترط وجود شريك محلي ليقاسم الشريك الأجنبي حصته في الشركة . كم بلغ حجم التبادل التجاري بين الإماراتوأستراليا خلال العام 2011؟ - نمت قيمة التبادل التجاري بين الإماراتوأستراليا بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية لتصل إلى 5،3 مليار دولار أسترالي (12،8 مليار درهم) . هل تعتقد أن البنوك لاتزال تتبنى سياسة تحفظية في إقراض الشركات وهل تؤيدها في ذلك؟ - أعتقد أن البنوك في دولة الإمارات لاتزال تتبنى بعض الممارسات البنكية الخاطئة والقواعد القديمة التي لا تخدم الاستثمار بأي شكل من الأشكال وتقوض من نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأثيرها في الحراك الاقتصادي للدولة، وعلى الحكومة أن تتدارك هذه الأخطاء وتسعى لإصلاحها، كما ينبغي على البنوك تغيير بعض الأطر القانونية المتبعة لضمان قدرة العملاء على سداد القروض، وأنا أرى أن الخطأ هو خطأ البنوك التي شنت عملية إقراض عشواء بدون حساب وبدون اتخاذ الضمانات الكافية من المقترضين، فهم من وضعوا نفسهم في هذا المأزق بسبب بحثهم عن الأرباح الكبيرة . كيف تنظر إلى القطاع السياحي في دولة الإمارات؟ - أعتقد أنه قوي ويشهد تطوراً عاماً تلوالآخر، وتعتبر دولة الإمارات وجهة مفضلة لدى الكثير من السياح من شتى أقطار العالم، وكما ذكرت آنفا فإن طيراني الإمارات والاتحاد أديا دوراً كبيراً في بلورة النشاط السياحي في الإمارات من خلال توسيعهما لشبكات وجهاتهما، أما على صعيد السياحة بين الإماراتوأستراليا فقد تخطى عدد السياح الأستراليين الذين باتوا في الفنادق والشقق الفندقية في دبي وحدها في عام 2011 حاجز ال 179 ألف سائح، كما بلغ عدد السياح الإماراتيين إلى أستراليا خلال العام الجاري أكثر من 7700 سائح، كما يتم تسيير رحلة واحدة كل 100 دقيقة بين الإماراتوأستراليا، الأمر الذي يعكس أهمية النشاط السياحي لكلا الدولتين، كما يعد الساحل الذهبي في أستراليا من أبرز الوجهات التي يقصدها السياح الإماراتيون هناك للاستمتاع بالأجواء الرائعة، وتحتضن دولة الإمارات قرابة 6_ ألف أسترالي . ما الأهمية التي تكمن وراء استضافة الإمارات لإكسبو2020؟ - في البداية أعتقد أن دبي تملك حظوظا كبيرة لاستضافة هذا الحدث، أما بالنسبة لأهمية هذا الحدث، فبلا شك فإن فوز دبي بشرف استضافة هذا الحدث سيمثل نقلة نوعية للإمارة على اعتبار أنه سيقام للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط ولم يسبق لبلدان شرق آسيا والقارة الإفريقية أن استضافته، وقد أرسل مجلس الأعمال الأسترالي رسالة دعم لغرفة تجارة وصناعة دبي لدعم جهودها في هذا الصدد، ولا يخفى على أحد أن الإمارات ستتميز في تنظيم هذا الحدث حال أسند إليها عطفاً على خبرتها الطويلة في مجال تنظيم الأحداث والمؤتمرات الضخمة . ما الخدمات والتسهيلات التي يحظى بها مجلس الأعمال الأسترالي من حكومة دبي بوجه عام وغرفة دبي للتجارة والصناعة بوجه خاص؟ - يحظى مجلسنا بالدعم الدائم والمباشر من غرفة تجارة وصناعة دبي لإنجاح مهمتنا في الإمارات، ودائماً ما ندعى إلى الأحداث التي تنظمها الغرفة التجارية، وفي الحقيقة هي متعاونة معنا إلى أقصى حد، ومن بين التسهيلات التي تقدمها لنا هي الإسراع في الحصول على الرخصة التجارية لمزاولة أنشطتنا .