القاهرة:'ليس جديدا أن تقرأ دعوات للyستفادة من مخزون الطاقة الشمسية في مصر، فالمطالبات بإستغلال هذا المصدر الهام ربما تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، لكن الجديد هذه الأيام هو تحول تلك المطالبات إلى خطوات عملية، خاصة بعد الانقطاع المتكرر للكهرباء في كل محافظات مصر.وتسبب الإنقطاع المتكرر للكهرباء إبان فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي في حالة من الغضب الشعبي، يعتبره البعض أحد الأسباب التي مهدت لعزله، بعد عام واحد فقط من فترة حكمه.وبينما شعر المواطن المصري بتحسن في الخدمة بعد عزل مرسي، بدأ الانقطاع فى الكهرباء يعود هذه الأيام إلى ما كان عليه فى عهد مرسي، بل وربما أسوأ وفق رأي البعض. ومع إقتراب فصل الصيف، يتوقع أن يزداد حجم المشكلة التي ستطلق على الأرجح موجة من الغضب لدى المواطنين في حال استمرار الأمر دون حلول.وكان محمد شعيب، العضو المنتدب لقسم الطاقة في شركة القلعة المصرية والرئيس السابق للشركة القابضة للغاز الطبيعي، قال في تصريحات صحافية الشهر الماضي'إنه ‘يتوقع أن يكون انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف أسوأ بكثير مقارنة بالصيف الماضي.'وأضاف شعيب'أن ‘فصل الصيف المقبل من المتوقع أن يكون أحلك صيف شهدته مصر في أي وقت مضى، لأن الطلب على الكهرباء أكثر مما يمكن أن تقدمه الحكومة'. وقبل أن يحدث ذلك، وتحسبا من حدوث ذلك، بدأت الحكومة المصرية فى البحث عن حلول بديلة، فكان التفكير في اللجوء للطاقة الشمسية كأحد البدائل لإنتاج الكهرباء. وفي هذا الصدد'أطلقت ليلى اسكندر، وزيرة البيئة المصرية، في وقت سابق من الشهر الجاري'حملة قومية لدعم الإقتصاد المصري عبر الإنارة بالطاقة الشمسية، وذلك بالتعاون مع المبادرة الأهلية ‘يلا شمس′ التي أطلقها منتمون للقطاع الخاص المصري.وتعمل المبادرة على ثلاث مسارات، أولها دعوة الشركات والمصانع لإستخدام الطاقة الشمسية كطاقة بديلة لكل أو جزء من إحتياجاتهم، دعما للإقتصاد المصري، بحسب طارق حاتم الأستاذ في الجامعة البريطانية في القاهرة، وأحد مؤسسي الحملة. وقال حاتم في تصريحات خاصة ‘الدعم الذي تقدمه الدولة للكهرباء يستفيد أصحاب الشركات الخاصة والمصانع من 80′ منه، بينما يعود 20′ فقط منه للأفراد'. ‘وأضاف ‘ما نهدف له هو أن يوفر أصحاب الشركات والمصانع جزءا من الطاقة التى يحصلون عليها مدعومة، في حدود 10 أو 15′، عبر إستخدام أنظمة الطاقة الشمسية'. وأوضح حاتم أن ‘تلك الشركات لو قامت بهذه الخطوة، ستحل مشكلة الطاقة في مصر،'لأن أزمة الطاقة تكمن في نسبة عجز تقدر بحوالي 15′، يمكن أن تسدها أنظمة الطاقة الشمسية حال إستخدمتها الشركات والمصانع′. ‘وكانت الجامعة البريطانية في القاهرة أنارت بعض مبانيها بالطاقة الشمسية في إطار هذه الحملة، التي تشارك فيها أيضا'وزارة السياحة المصرية، تأسيسا على أن الإنارة بالطاقة الشمسية تدعم جهودها نحو تنمية ما يعرف ب'السياحة الخضراء'.وأشار حاتم إلى أن ‘المسار الثاني للمبادرة هو دعم يقدم لغير القادرين لمساعدتهم على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية'.وإتفقت الجامعة البريطانية في إطار هذا المسار مع بعض الشركات على تخصيص جزء من أرباحها يقدر ب2′ لدعم تركيب أنظمة للطاقة الشمسية في بعض القرى الفقيرة التي لن تتمكن الدولة من توصيل الكهرباء لها، في ظل العجز الذي تعاني منه شبكة الكهرباء الوطنية، بحسب حاتم.أما المسار الثالث للمبادرة، كما يوضحه الأستاذ بالجامعة البريطانية، فهو تشجيع الأفراد القادرين على إستخدام أنظمة الطاقة الشمسية، خاصة أن أسعارها بدأت تنخفض في العالم كله. ولم تكن مبادرة ‘يلا شمس′ هي'الجهد الوحيد من نوعه في هذا الإطار، حيث أعلنت الحكومة المصرية عن سعيها الإستفادة من تطبيقات الطاقة الشمسية، عبر إنارة مبانيها بالطاقة الشمسية.وافتتحت وزارة الكهرباء في ديسمبر/كانون الأول الماضي'مشروعا لإنارة مبانيها بالطاقة الشمسية، وقالت في بيان ان هذه الخطوة تدشين لمشروع يستهدف إنارة كافة المباني الحكومية بالطاقة الشمسية، بهدف توفير 14"من إجمالي الطاقة المستهلكة.وقال أكثم أبو العلا،'المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء المصرية ‘إن التوجه للطاقة الشمسية لم يعد ترفا، بل إنه ضرورة تفرضها الظروف'. وليس أدل على ذلك من تغيير اسم الوزارة في حكومة المهندس إبراهيم محلب الحالية، ليصبح اسمها' ‘وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة'. وكشف أبو العلا في تصريحات خاصة عن السعي نحو إتخاذ خطوات سريعة لتنفيذ المبادرة الحكومية التي أعلن عنها مؤخرا لإنارة ألف مبنى حكومي بالطاقة الشمسية. وبالتزامن مع هذه الخطوة، أعلن أبو العلا عن خطة تهدف إلى إنارة عدد من القرى التي لا تصل لها شبكة الكهرباء الوطنية، وذلك بدعم من دولة الإمارات، وبتكلفة إجمالية تصل إلى 140 مليون دولار.وتعد مصر من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسة، كونها تقع جغرافياً بين خطي عرض 22 و31.5 شمالاً، وبهذا فإنها تعتبر في قلب ‘الحزام الشمسي العالمي'. تقول الدكتورة نجوى خطاب،'أستاذة الطاقة الشمسية في المركز القومي للبحوث ان الطاقة الشمسة توفر حلا سهلا وسريعا لأزمة الكهرباء في مصر. وتضيف أن ‘الخلايا الشمسية أسرع وسيلة لإستغلال الطاقة الشمسية، حيث تنتج الكهرباء منها فور تركيبها، ويجب المضي بسرعة في هذا الحل، لأن استغلال الطاقة الشمسية عبر انشاء ما يعرف ب (المحطات الحرارية) يحتاج لوقت من أجل انشاء هذه المحطات، لا يقل عن ثلاث سنوات.'وبالفعل بدأ بعض الأفراد القادرين في إستخدام الخلايا الشمسية لعلاج مشكلة الإنقطاع المتكرر للكهرباء. ويتكلف النظام المستخدم كبديل حال إنقطاع الكهرباء لساعتين أو ثلاثة يوميا قرابة 15 ألف جنيه (ألفي دولار تقريبا)، بينما يصل سعر النظام الذي يمكن إستخدامه طوال اليوم حوالي 50 ألف جنيه (7 آلاف دولار تقريبا)، بحسب خطاب. وتابعت أن ‘هذه الأسعار ورغم أنها تبدو للوهلة الأولى مرتفعة للغاية، لكنها تعد أوفر من الكهرباء التقليدية التي تنتجها الشبكة الوطنية على المدى البعيد، إذا وضعنا في الإعتبار أن صلاحية النظام تمتد لأكثر من 20 عاما، يتم خلالها توفير الأموال التي كانت تذهب لشراء الوقود المستخدم في إدارة مولدات الكهرباء'. واقترحت خطاب أن تقدم الحكومة المصرية للمواطنين قروضا من البنوك لدعم هذا التوجه، أو أن تقوم بتحميل قيمتها على ‘فاتورة' شهرية، أشبه بتلك التي تدفع نظير الحصول على خدمة الكهرباء الآن.وتحتاج مصر إلى 1.1 مليار دولار شهريا لشراء كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، ويؤدي أي خلل في توفير هذه الاعتمادات المادية إلى سوء الخدمة. ايلاف