أوصى المؤتمر الدولي للتحديات الأمنية، بضرورة إيجاد آلية لتحويل المبادرات الفردية إلى عمل مؤسسي تشترك فيه من أجل وضع آليات جديدة للتعامل مع التطرف، وبالتالي خلق بيئة آمنة، ومنظومة تعاون بين المؤسسات الأمنية في العالم لتبادل الخبرات وتعميم التجارب الأمنية الناجحة. كما أوصى المؤتمر، الذي نظمته وزارة الداخلية بالتعاون مع شركة ريد للمعارض، في نادي ضباط القوات المسلحة في أبوظبي أمس، بضروة الاهتمام بتطوير وسائل وأساليب العمل الأمني لمواكبة التحديات الأمنية، ومد جسور التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية لتوجيه البحث العلمي لخدمة منظومة الأمن الدولي، وضمان استمرارية الأعمال في حال الأزمات، ودعوة المؤسسات الإعلامية لمراجعة استراتيجياتها من أجل خلق إعلام مسؤول يسهم في الحيلولة دون وصول المعلومات التي تساعد على التطرف والإجرام. وتضمنت التوصيات أيضاً تحسين آليات تبادل المعلومات بين الدول من أجل الوصول إلى أحدث أساليب تخطيط وإدارة أمن الفعاليات والمرافق الحيوية، وتشجيع الباحثين على المساهمة الفاعلة في مجال الأمن ودرء المخاطر، عبر خلق حوافز محلية ودولية تمنح لأفضل الأبحاث الأمنية، وإنشاء لجنة استشارية عالمية تابعة للمؤتمر الدولي للتحديات الأمنية، تضم في عضويتها خبراء ومسؤولين أمنيين وعسكريين سابقين وحالبين، يمثلون العديد من دول العالم، ممن لهم خبرة طويلة في مجال العمل الأمني من أجل الارتقاء بالمؤتمر وإعطائه الصبغة العالمية. وانطلقت أعمال المؤتمر ضمن مناشط المعرض الدولي للأمن الوطني ودرء المخاطر «آيسنار أبوظبي 2014» الذي يعقد في الفترة من الأول إلى الثالث من أبريل الجاري في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك». وتناول وزير الدولة للشؤون الخارجية، وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي الدكتور أنور محمد قرقاش، في ورقة العمل التي قدمها في جلسة العمل الأولى في المؤتمر، التحديات الأمنية في ضوء المتغيرات الإقليمية. وأكد قرقاش أن الإمارات دائماً في بحث دؤوب عن السبل التي يمكن عن طريقها المساعدة في الحفاظ على الأمن والسلام في العالم، وقد كان للأمن الإقليمي أيضاً أولوية قصوى لدى القيادة الحكيمة في الدولة التي تدرك التزامها تجاه جيرانها والمجتمع الدولي في ما يتعلق بالسلام والاستقرار والأمن. وأضاف «نواجه محيطاً أمنياً متغيراً في الفترة الجارية، ووتيرة سريعة متغيرة، ونرى عدم استقرار سياسي وتطرفاً عنيفاً ناجمين عن ما يعرف بالربيع العربي، ما أضاف عوامل خطورة في المنطقة، فيما أن هناك العديد من الجهات في المنطقة وخارجها تسعى إلى استغلال حالة عدم الاستقرار لتحقيق أهداف استراتيجية لها، ما يشكل تحدياً أمام التوازن في المنطقة». وتابع «هناك تحول في موازين القوى أحياناً نتيجة قوى لا تريد ممارسة دورها التقليدي، مع وجود فراغات تسعى قوى أخرى إلى ملئها ولعب دور أكبر في ظل تقاعس قوى عن دورها التقليدي». وأشار قرقاش إلى أن العديد من الصراعات الدولية ناجمة عن حسابات خاطئة وليس عن قرارات دقيقة، كما أن هناك حالات تم عبرها التوقع بأن حل المسائل سيكون في فترة زمنية محددة، لكن سرعان ما يتضح أنها مسألة مستمرة وممتدة، ما يخلق انعكاسات أخرى. وسلط قرقاش الضوء على مبادئ دولة الإمارات في ما يتعلق بالأمن الإقليمي، والتي ترتكز على نقاط عدة من بينها القوى المحلية أو الذاتية، إذ لابد أن تكون هناك قدرات محلية وطنية إلى جانب تماسك الجبهة الداخلية، وأن تكون هناك قوات ذات كفاءة عالية سواء شرطية أو عسكرية؛ لأنه ليس كل تهديد تواجهه الدول هو تهديد عالمي بل توجد تهديدات إقليمية ومحدودة، ولابد من قدرة للتصدي لهذه التهديدات. ولفت قرقاش إلى أنه لابد من توازن إقليمي لا يشجع طرفاً معيناً على الاستبداد برأيه أو فرض سياسته، إضافة إلى المشاركات والتحالفات الخارجية، لتبقى الشراكات الخليجية مهمة، إلى جانب الشراكات التاريخية التي تبقى لأمن المنطقة في المستقبل. وتطرق قرقاش إلى التحديات الراهنة للأمن الإقليمي، والتي يأتي في مقدمتها مسألة التطرف باعتباره أحد التحديات الرئيسة، واستغلال الدين من قبل بعض الجهات لتطبيق أجندات متطرفة في سعيها لتقسيم المجتمعات. وأضاف «كما يبرز التحدي الآخر في التنافس حول المنطقة العربية في السنوات العشر الأخيرة على يد لاعبين إقليميين غير عرب، إضافة إلى مسألة القضية الفلسطينية والتي تستغل من العديد من الأطراف التي تلجأ إلى هذا الصراع، والتلويح به للدفع بأجندات مختلفة ليس لها علاقة بالحقوق الفلسطينية». وذكر أن هناك تحدياً آخر يتعلق بالتحديات الأمنية غير التقليدية وعلى رأسها الانتشار النووي، مشيراً إلى تطلع دولة الإمارات إلى اتفاق محكم في مفاوضات 5+1 مع إيران، لأن هناك تخوفاً من أي اتفاق به ثغرات سيؤدي في نهاية المطاف إلى انتشار مروع للقدرات النووية في المنطقة. وزاد قرقاش أن هناك تحدياً آخر في بناء القدرات الصاروخية في المنطقة يثير تخوفاً أيضاً خصوصاً أنه أرخص وأسهل من جهة الحصول عليه، وبالتالي يجب أن يكون هناك كبح للقدرات الصاروخية في المنطقة، إضافة إلى تحدٍ آخر يرتبط بالإرهاب وقدرة تلك المنظمات على بناء قدرات عسكرية وتخطي الحواجز الحدودية. كما تطرق قرقاش إلى أهمية الشراكات التي يجب بناؤها في الفترة الجارية، ويجب أن يتجاوز مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأزمة الحالية، وهو ما يتطلب اتفاقاً حول هيكلة جوهرية للتوجهات السياسية في المنطقة، بحيث لا يكون هناك ضرر لأي من دول المنطقة. وأكد وكيل وزارة الداخلية الفريق سيف الشعفار أن الإمارات تبذل جهوداً كبيرة على المستويات كافة للحفاظ على الأمن والاستقرار، وتوفير الأمن والطمأنينة للمواطنين والمقيمين على أرضها، وذلك بفضل توجيهات القيادة العليا، ووفقاً لرؤيتها ورسالتها التي تخدم الأمن والسلم العالمي؛ ليس في ربوع منطقتنا وإنما في العالم أجمع. وأشار الشعفار إلى أن انعقاد هذا المؤتمر على أرض الإمارات يأتي تجسيداً لرؤية وطموحات وتطلعات قيادتنا العليا بأن تكون دولتنا من أفضل دول العالم أمناً وسلامة، كما أنه يعبّر عن ثقة العالم بالمستوى الذي وصلت إليه الإمارات في تنظيم المؤتمرات العلمية. وأوضح أن انعقاد المؤتمر يؤكد أيضاً مدى حرصنا على أن نكون شركاء فاعلين في التعاون والتنسيق والتواصل مع الدول الشقيقة والصديقة، لمواجهة التحديات، ومكافحة الجريمة والوقاية منها، انطلاقاً من إيماننا بأن مواجهة الجريمة ليست مسؤولية جهة بعينها، بل مسؤولية جماعية، تتطلب تضافر الجهود والإمكانات للتصدي لها ومكافحتها والوقاية منها بكل السبل والوسائل، بما يحقق الأمن والأمان، ويعزز من مسيرة الاستقرار في العالم. وبيّن الشعفار أن ما تقدمه الإمارات اليوم من خدمات أمنية، يعد نموذجاً فريداً يحتذى به، ويعتبر المؤتمر الدولي للتحديات الأمنية، امتداداً لاهتمام القيادة الشرطية بتحقيق المزيد من التفاعل والتواصل بين الخبراء والمعنيين بأمور الأمن والسلامة على المستويين المحلي والدولي، إذ يتناول المؤتمر محاور وموضوعات مهمة تتعلق بمواجهة التحديات والقضايا الأمنية الإقليمية والعالمية المعاصرة. وأعرب الشعفار عن أمله في أن يخرج المؤتمر بالنتائج والتوصيات المناسبة التي تخدم العمل الأمني والأهداف المرجوة منه، وأن يحقق التطلعات التي نصبو إليها. The post التوصية بآليات جديدة للتعامل مع التطرف وإعلام يحارب الإجرام appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية