د. أحمد الصاوي (القاهرة) لم يتح للشعوب والأقوام الجوابة في أواسط آسيا أن تتخلى عن هجماتها المباغتة على مناطق الحضارة إلا بعد دخول الإسلام إلى تلك الأصقاع، وكانت القبائل التركية صاحبة السبق في ذلك، ثم ما لبثت عناصر المغول والتتار أن لحقت بها. ويقدم السلاجقة في التاريخ أنصع الأدلة على دور الإسلام الحضاري في جوف آسيا، إذ تحولوا بعد اعتناقهم الإسلام على المذهب الحنفي في منتصف القرن الرابع الهجري من مجرد حراس لقوافل التجارة على طريق الحرير لقادة عسكريين تولوا مهام توحيد الشرق الإسلامي. وإذا كان السلاجقة خلال فترة حكمهم التي بدأت من الثلث الأول من القرن الخامس الهجري قد أعادوا الحيوية السياسية لدار الإسلام بفضل تنظيماتهم الإدارية، فإنهم أيضاً وضعوا الأسس الناضجة لحركة إنشاء المدارس السنية، بعد تشييد المدرستين النظامية والمستنصرية ببغداد، كما أنهم أول من وسع حدود ديار الإسلام على حساب أملاك الدولة البيزنطية بالأناضول، وخاصة بعد موقعة ملاذكرد. وللأسف أن الخلافات دبت بين أمراء السلاجقة بعد هذه المعركة التي هزم فيها البيزنطيون هزيمة ساحقة زعزعت مضاجع القوى المسيحية في أوروبا، ما دفعها لشن حرب طويلة ضد الإسلام بدأت بالحروب الصليبية، وتمخضت عن حركة الكشوف الجغرافية للعالم الجديد قبل أن تصل للحقبة الاستعمارية في القرن 19م. منتجات الفنون وتشهد مقتنيات المتاحف العالمية بأن فترة حكم السلاجقة للأراضي الواقعة بين الصين شرقاً وبلاد الشام غرباً قد عرفت تطوراً فنياً كبيراً في كافة منتجات الفنون التطبيقية بقدر ما اتسمت بطابع فني خاص ناجم عن التأثيرات الصينية والآسيوية التي أدمجت ببراعة في الفن الإسلامي. ... المزيد الاتحاد الاماراتية