سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وزير المالية، أحد أهم الشخصيات المهتمة بالتنمية البشرية المستدامة، ليس على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، إنما ينظر إلى التنمية على المستوى العالمي من خلال ما يطرحه سموه من مبادرات نوعية لقطاع التعليم، وبخاصة في مجال صناعة التميز التعليمي واكتشاف ورعاية الموهوبين، في ترجمة ملموسة لإيمانه بأهمية العلم ودوره كنبراس تهتدي به الأمم إلى طريقها القويم ونهجها السليم وحضارتها العريقة، وكمحرك لقوى المجتمع والحياة العصرية. ولقد أفردت فلسفة سموه مساحات من الانطلاق نحو آفاق أرحب لكل موهبة ولكل فكرة جديدة، فكانت جائزة حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، هي المحفز والدافع نحو تطوير المنظومة التعليمية نحو الجودة ومزيدٍ من الانضباط السلوكي، في توجيهٍ نوعي يهدف إلى الارتقاء بالفكر الإنساني في خدمة الوطن والأمة. التعليم والتنمية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم يؤكد، في تصريحات خص بها «البيان»، دور التعليم في تحقيق التنمية المستدامة، وتمكين المجتمع من العمل على تأمين المستقبل المستقر ورفاهية الحياة، ومن هذا المنطلق تضع دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما أصحاب السمو حكام الإمارات، على رأس أولوياتها دفع عجلة التعليم إلى الأمام، بما يواكب المعطيات والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والحاجة الوطنية إلى تحقيق المستقبل الأفضل لأفراده، في ظل علاقات متناغمة ومتوازنة بين الإنسان ومحيطه الاجتماعي والوظيفي، إن كان ذلك عبر البرامج المتطورة أو الميزانيات السخية، فضلاً عن الخطط الطموحة لتطوير العملية التعليمية، لتضاهي مثيلاتها في أكثر الدول تقدماً، والبناء على البنية التحتية المتطورة، وصولاً إلى اقتصاد المعرفة ومجتمع التكنولوجيا الذكي، وتالياً الإنجازات الوطنية التي تطال مختلف نواحي الحياة. قرية معرفية رؤية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بطيفها العالمي، تركز على المصير المتشابك في عالم غدا اليوم قريةً معرفية، إذ يلقي الضوء على أهمية دور التعلم في الاستقرار العالمي، قائلاً «التعليم بات في القرن الواحد والعشرين أساساً لأي نهضة أو تطور، أو حتى حجز مساحة فاعلة ومؤثرة على الخريطة الأرضية، ويقلقنا التفاوت الكبير في مستويات التعليم بين المجتمعات المتحضرة والنامية، فالأمية في الدول المتقدمة بات لها مفهوم استيعاب واستخدام الحواسيب ومختلف منجزات التكنولوجيا، بينما المجتمعات الفقيرة ما زال مفهوم الأمية فيها هو نفسه تعريف الأممالمتحدة للأمية بأنها عدم القدرة على كتابة جملة بأي لغة من اللغات». وواقع الأرقام والتقديرات التي تشير إلى أن خُمس سكان الكرة الأرضية يعانون الأمية بمفهومها التقليدي، يثير العديد من علامات الاستفهام والتوجس أيضاً، لجهة الانتباه إلى خطورة الجهل على استقرار مجتمعات البؤس ومعها الاستقرار العالمي، فالتحضر يفرض نمط تعايش سلمي بين الأمم، يقوم على الحوار والتبادل المعرفي الإيجابي، ومن دون مستوى لائق من التعليم يتعذر ذلك، وتحل معه العصبيات وظهور التناقضات والصراعات إلى السطح، فكما قيل «الجاهل عدو نفسه»، ومن ثم هو حُكماً عدو الآخرين. ويلفت سموه إلى أن اهتمام الدولة بالتعليم هو انعكاس لالتزامنا بجزء من رسالتنا الحضارية والإنسانية لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي، ووسيلتنا الأولى في ذلك هي العلم، وتحديداً الأجيال الجديدة، صانعة المستقبل، فهذه الأجيال هي التي ستحدد مآل العلاقات بين الأمم، وهو ما يدفعنا دوماً في كل المناسبات إلى قرع جرس الإنذار بأن نحو 75 مليون طفل في العالم محرومون من الذهاب إلى المدارس، بينما الجانب الآخر من الخطورة في المرأة التي هي مدرسة بحد ذاتها مسؤولة عن تربية النشء، فيكفي أن نعلم أن 68% من ال776 مليون أمي في العالم هن من النساء، وهي نسبة مروعة، ينبغي التنبه لها سريعاً، ومعالجتها بالخطط والتعاون على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. ويضيف سموه «أن اضطلاعنا في دولة الإمارات بدور نشر التعليم عبر مؤسساتنا المختلفة، هو مساهمة جليلة في توفير مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة، وتكريس لرسالتنا وسياستنا القائمة على نزع فتيل التوترات، وإحلال الاستقرار في ربوع العالم الذي نحن جزء حيوي وفاعل فيه». وفي ما يخص إيلاء الدولة قطاع التعليم أهمية بالغة، إيماناً من قيادتها الرشيدة بأن الاستثمار في الإنسان من المشروعات الاستراتيجية التي تحظى بالدعم الكبير، باعتباره أداة بناء نهضة المجتمع ككل، يشير سموه إلى أن قطاع التعليم يستحوذ على نسبة عالية من إجمالي الميزانية العامة للدولة، ووصل في مشروع الموازنة العامة للاتحاد عن السنة المالية 2014 إلى نسبة 21% بقيمة 9.7 مليارات درهم، وهي نسبة متقدمة إذا ما قورنت بكثير من الدول، إذ تسعى الدولة دائماً إلى الوصول إلى الأفضل، وتحقيق مراكز متقدمة في مشروعات التنمية البشرية، وفي قطاع التعليم بشكل خاص، هناك سعي حثيث لتطوير العملية التعليمية، ومن هذا المنطلق، فإن المؤسسة التعليمية، منذ بداية قيام الاتحاد، تعمل وفق خطط استراتيجية، تلبي احتياجات الدولة من الكوادر المتعلمة، وهي في نموٍّ مستمر. النهوض العلمي مسؤولية الجميع يرى سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ضرورة تغير ثقافة الفرد تجاه مسؤولياته التعليمية والتربوية، بحيث لا يتم التعويل على المدرسة أو الوزارة فقط، بل ينبغي على كل فرد أن يضطلع بدوره في تحمل هذه المسؤولية، من خلال مساندة المؤسسات التعليمية، من منطلق أنها شريك استراتيجي في بناء المجتمع المستنير المنتج، وكذلك الفرد المتسلح بالعلم والانفتاح الذهني الحضاري. الثقافة المقصودة من منظور سموه تتركز في إعادة صياغة المفاهيم، عبر التركيز على جوهر العملية التعليمية وقياس نتائجها الفعلية بعيداً عن المظهرية، وتوافر الثقة التي تستحقها مؤسسات الدولة التعليمية التي تمتلك أفضل الخبرات والعقول والأداء أيضاً، والإسهام الفاعل من قبل الطلبة وأولياء الأمور على حد سواء في تطوير التعليم عبر الحوار البناء، وتنظيم آليات التفاعل بشكل إيجابي، وتوجيه هذا التفاعل إلى جهة الاقتراحات واختبار جدواها، لتصب في النهاية في مصلحة التطوير. لهذا الغرض، كما يضيف سموه، نشأت مؤسسات عديدة، لترفد مؤسسات التعليم التقليدية، في إطار من تكامل الهدف والبرامج وتغطية كامل جوانب العملية التعليمية، ومدها بآخر منجزات الحضارة البشرية وثمرة تجارب الآخرين، ليكون للنموذج الإماراتي الخصوصي طابعه المنسجم مع روح العصر ومسيرته المتطورة. مشاطرة ثقافة التميز واتخذت الجائزة نهجاً توسعياً كمّاً وكيفاً، وانطلقت من دبي إلى الإمارات إلى دول مجلس التعاون الخليجي ثم الدول العربية، إيماناً من سموه وقناعة بتكامل الأدوار بين دول مجلس التعاون الخليجي والرغبة في مشاطرة ثقافة التميز، تم التوسع في النطاق الجغرافي للجائزة، لتشمل دول الخليج، وقد تم ذلك تحت مظلة مكتب التربية العربي لدول الخليج، وتشمل المنافسات الخليجية ثلاث فئات رئيسة، هي الطالب المتميز، والمعلم المتميز، والإدارة المدرسية المتميزة. وفي هذا يقول سموه «نستطيع القول إن الجائزة، بحسب ما ألمسه شخصياً في لقاءاتي مع الفائزين أو المسؤولين التربويين، أحدثت تأثيراً ذا صبغةٍ نوعية في ثقافة الأداء التعليمي، من خلال إسهامها في إبراز مفهوم التميز التربوي والجودة التعليمية في المناهج، وأسهم ذلك في تعزيز تهيئة الميدان التعليمي لقبول التطوير والتفاعل مع خططه وبرامجه، كما نجحت الجائزة في استقطاب الاهتمام من بعض الدول الشقيقة، واستنساخ تجربتها ومعاييرها في مشروعات خاصة بالتميز التعليمي، إضافةً إلى قدرة الجائزة على تأهيل عدد كبير من الفائزين في نشر ثقافة التميز، والمشاركة في الجائزة من خلال عرض ممارساتهم وتجاربهم المتميزة في التعليم، وذلك خلال الملتقى السنوي لأفضل الممارسات الذي تنظمه الجائزة سنوياً». الجديد في الجائزة بفضل من الله، استطاعت الجائزة خلال ست عشرة سنة، أن تؤسس لفكرٍ جديدٍ في الميدان التعليمي، وأن تنشر ثقافة التميز في أروقة المدارس، وأن تحفز عناصر المنظومة التعليمية على تجويد أدائها، فتوالت أفواج المتميزين عاماً بعد عام، لتكون جزءاً مُهماً من النظام التسويقي والإرشادي للتميز، ما أسهم في استقطاب الاهتمام بالجائزة والتفاعل مع برامجها ومنافساتها، وقياساً على النجاح الذي تحقق محلياً، فإن حرصنا على ترجمة توجهات قيادتنا الرشيدة نحو إفادة الأشقاء في دول مجلس التعاون، يدفعنا إلى دعم الجهود التي بدأناها نحو مزيد من التحفيز، وخاصة أن أثر الجائزة بدأ يتضح في تطور الأداء المدرسي، ونظراً إلى الدور المهم الذي يقع على عاتق المعلمين في عملية تطوير أدوات وأساليب التعليم، رأينا أن نستحدث فئة المعلم فائق التميز على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي من الدورة المقبلة، بحيث تكون مجالاً للتنافس بين المعلمين الفائزين في فئة المعلم المتميز على لقب المعلم فائق التميز على مستوى دول المجلس، أملاً أن يسهم ذلك في مساندة جهود الأشقاء الموجهة نحو تطوير أداء المعلمين. للمحرومين نصيب وافر تنطلق فلسفة جائزة حمدان بن راشد التعليمية، كما يرى سموه، من النظرة الشمولية للتعليم، باعتباره محرك عملية التنمية من جهة، وكذلك يمثل الحل الأمثل لكثير من المشكلات التي تعوق تقدم الأمم من الجهة الأخرى، وترتكز الجائزة في عملها على خدمة التعليم حسب الأولويات، وقد تم التواصل مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو»، بهدف التعرف إلى مشروعاتها الموجهة إلى التعليم وأبرز المجالات التي تحتاج إلى الإسناد والدعم، وكان المعلم المحور الذي تم طرحه، باعتباره الأساس الذي تقوم عليه عملية التعليم، وإيصال المعلومة، ونقل القيم والإرث الحضاري، فتم، بموجب مذكرة تفاهم بين الجائزة و«يونسكو»، إطلاق جائزة مشتركة، تهدف إلى دعم وتشجيع وإفادة المعلمين في تعزيز أدائهم وتفعيله، في سبيل تحقيق أهداف التعليم للجميع، كما أعطت الأولوية للبلدان النامية، وكذلك الجماعات المهمشة والمحرومة على نطاق العالم . تعاون مثمر بين جائزة حمدان واليونسكو انطلقت جائزة حمدان بن راشد التعليمية في علاقتها مع منظمة «اليونسكو» من مبادئ التعاون والعلاقات المشتركة لمنفعة البشرية التي أرسى دعائمها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهم أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات. وعبّر سموه في هذا الإطار عن ارتياحه للعلاقة المميزة بين الجائزة و«اليونسكو»، وبخاصة أن مستوى التعاون الإيجابي ينطلق من أرضية مشتركة نحو تطوير التعليم، من خلال دعم الأهداف المعلنة ل«اليونسكو» تجاه نشر التعليم ودعم ممارساته الخلاقة، وبخاصة في الدول التي تعاني مشكلات في هذا المجال، موضحاً سموه أن جائزة حمدان لليونسكو تفتح أبوابها مرة كل سنتين، وذلك لثلاثة فائزين من مختلف أنحاء العالم، ممن يقدمون ممارسة تربوية متميزة تسهم في تحسين أداء وفعالية المعلمين في الدول النامية والمجتمعات المهمشة والأقل نمواً، وتبلغ قيمة الجائزة 270 ألف دولاراً أميركياً تقسَّم على ثلاثة فائزين، بحيث يحصل كل منهم على 90 ألف دولار أميركي. وتقدم الجائزة للجهات الفائزة على هيئة خدمات تربوية وأكاديمية مناسبة، وتمنح للمنظمات الحكومية وغير الحكومية الدولية والمحلية والهيئات والجمعيّات المحلية أو القومية أو الإقليمية التي تسهم في تحسين فعالية أداء المعلمين، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجائزة لا تمنح للأفراد. الجائزة التعليمية في ما يخص هذه الجائزة، يوضح سموه أنها ترصد أداءها وتطورها ونجاحاتها وإنجازاتها وأثرها في الميدان وحصاد التميز أيضاً عاماً تلو العام، وكذلك ما حققته من الغايات النبيلة التي انطلقنا منها منذ تأسيسها، لإرساء نظام تربوي عالي الجودة، متميز الأداء، قادر على تخريج كفاءات وطنية مزودة بالخبرة والمهارة، تقود المجتمع إلى مستقبل واعد ونهضة تنموية شاملة، وقد صاحب الجائزة تطور كبير بعد 16 دورة، وطرحت العديد من الأفكار والفئات، ومنحت الفرصة للتربويين والمختصين وأولياء الأمور للمشاركة في تغيير الواقع التعليمي. الموهوبون.. استثمار المستقبل يرى سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم أن رعاية الموهوبين، والاهتمام بهم، واستثمار قدراتهم الذهنية الطريق الأمثل لوضع قواعد راسخة لنهضة وتطور وتقدم المجتمع، ومن هذا المنطلق، وجه سموه بإنشاء مركز لرعاية الموهوبين والمتميزين، ويجرى حالياً التخطيط لإنشاء مركز للموهبة والإبداع، من خلال الخطة الاستراتيجية 2013-2017، هو أشبه بمختبر إبداعي، يتم فيه تنفيذ فعاليات وورش عمل وأنشطة للطلبة الموهوبين. واستهدفت هذه الجائزة منذ دورتها الأولى المبادرات العلمية للطلبة متمثلة في الابتكارات العلمية، إيماناً من سموه بأهمية الابتكار العلمي الذي يعتبره قمة الإبداع والتفوق والعقل المتميز الواعد الذي يرفد المجتمع بأفكار جديدة تدعم نهضته، ومن هذا المنطلق، يقول سموه «فقد قمنا بتخصيص جائزة لفئة أفضل ابتكار علمي، تستهدف طلاب المدارس والجامعات، وجائزة أفضل مشروع مطبق، ويخصص للإنجازات العلمية أو التربوية، ويستهدف إدارات المدارس والمناطق التعليمية والكليات والأقسام العلمية في الجامعات». يضيف سموه أن مثل هذه الجوائز التي تخصص للابتكار تهدف إلى تشجيع الطلاب والميدان التعليمي على تقديم مبادراتهم العلمية وإنجازاتهم، إيماناً منا بضرورة مواكبة التطورات التكنولوجية والعلمية، والتزاماً مع روح العصر التي تشهد نمواً متسارعاً ومتلاحقاً في مجال المعلوماتية، ومسايرة لاهتمام الجيل الحالي بالتقنيات الحديثة. البيان الاماراتية