يصادف الجمعة الأولى من شهر أبريل من كل عام «يوم اليتيم العربي»، وهو مناسبة ضرورية لكي نتذكر معاناة هذه الشريحة من الأطفال، الذين فقدوا معيلهم، وهم بأمس الحاجة إلى عطفه وحنانه ودعمه.. وأوجب الإسلام على المجتمع كفالة هؤلاء الأيتام، وتعني الكفالة ضم اليتيم والإنفاق عليه، والقيام بمصالحه وشؤونه، ورعايته تربويًا وصحيًا واجتماعيًا ومعيشيًا. ونتذكر في الوقت نفسه أن ديننا الإسلامي الحنيف أوصانا برعاية اليتيم وكفالته على مدار العام، بل وشجع المجتمع على ذلك، ليكون المجتمع الإسلامي والعربي متكافلاً ومتعاونًا، فيكون الكافل بمثابة الأب لليتيم. ويعتبر البعض اليتيم ابن المجتمع كله من بعد أن فارق المسكين أحد والديه أو كليهما وأصبح في حاجة لإنسان يكفله ويرعاه ليعوضه نقص الحرمان الذي تجرعه المسكين بسبب مصيبة الموت. معظم الناس حريصون على التسابق الشريف لكفالة يتيم مسكين فلعل الأخير يكون سببًا لعمل صالح يضمن لصاحبه رضا الله تعالى والفوز بجنانه. وقد شجع رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى). نعلم جميعًا أن النبي محمد عليه السلام ولد يتيم الأب، ثم توفيت أمه وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم بعد، وفي القرآن الكريم يخاطب الله تعالى النبي محمد عليه السلام مذكرًا إياه بيتمه وكيف أن الرحمة الإلهية وسعت الغلام اليتيم وكيف وفق الله تعالى من يكفل محمدًا عليه الصلاة والسلام ويرعاه كما يعرف قدره وكيف يحسن إليه وهو ما ورد في سورة الضحى في الآية الكريمة (ألم يجدك يتيمًا فأوى). وقد جعل الإسلام مسؤولية كفالة اليتيم فرض كفاية على الأمة يقوم به البعض، قال تعالى في سورة البقرة: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم). ومن الأسباب التي تقي من جهنم وحرّها يوم القيامة كفالة اليتيم، قال تعالى في سورة الإنسان: (ويطعمون الطعام على حبّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا، إنا نخاف من ربنا يومً عبوسًا قمطريرًا، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورًا) ولذلك كان الصحابة يتنافسون على كفالة اليتامى وإسعادهم، فعن جابر- رضي الله عنه - كان يقول: (لأن أتصدق بدرهم على يتيم أو مسكين أحب إلى من أن أحج حجة بعد حجة الإسلام). فليتحد المسلمون جميعًا ليجعلوا الطفولة ترسم بسمة بريشة البراءة على شفاه من أحبت قلوبهم الإحسان لليتامى والصدق في تأدية أمانتهم كما يقول تعالى في سورة النساء: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا). صحيفة المدينة