* وضع سياسات وبيئة تشغيلية ملائمة للقطاع الخاص سيخفف العبء المالي على الحكومة * لمعالجة النقص في الأطباء وتقليل الاعتماد على الكوادر الأجنبية يجب تدريب المواهب المحلية الدوحة الراية : نشرت "ألبن كابيتال" تقريرها حول قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، والذي يتضمن تفاصيل حول توجهات السوق الحالية، والتحديات التي يواجهها قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، والمبادرات التي تقوم بها السلطات الخليجية لتجاوزها. ويسلط التقرير الضوء على سيناريو سوق الرعاية الصحية الحالي في كل دولة خليجية، كما يتطرق إلى كبرى الشركات المدرجة في السوق المالية، وكذلك الشركات الخاصة، ويتضمن تفاصيل أداء هذه الشركات ومكانتها في السوق . وكشف التقرير عن ان قطر هي الأسرع نموا في الرعاية الصحية بالمنطقة، كما ان هناك اهتماما من دول التعاون بالصحة بسبب النمو السكاني وارتفاع الدخل، وان الحكومات تضمن أن البنية التحتية مجهزة للتعامل مع الطلب المتزايد، حيث سيبلغ حجم سوق الرعاية الصحية الخليجية 69,4 مليار دولار بحلول عام 2018، واكد التقرير ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في كل من قطروالإمارات بسبب ظهور تقنيات طبية جديدة، فضلا عن ان دول التعاون تدرك تماما مزايا التكنولوجيا في تحسين جودة ونوعية الخدمات، وتضع سياسات وبيئة تشغيلية ملائمة للقطاع الخاص الذي سيخفف العبء المالي عنها .. الا انه لمعالجة النقص في الأطباء وتقليل الاعتماد على الكوادر الأجنبية يجب تدريب المواهب المحلية وزيادة كليات الطب في المنطقة وتشجيع الطلاب الموهوبين للالتحاق بها. وفي هذا الصدد، تقول سمينا أحمد، العضو المنتدب في ألبن كابيتال: ان دول مجلس التعاون الخليجي تستعد لزيادة غير مسبوقة في الطلب على الرعاية الصحية بسبب النمو السكاني السريع، وارتفاع مستويات الدخل. حيث أدى ارتفاع مستويات الدخل وأنماط الحياة الحضرية إلى ظروف صحية سيئة، تلك الظاهرة التي شهدتها معظم الاقتصاديات المتقدمة. وتلعب الحكومات دورا مهما في خدمات الرعاية الصحية، واتخاذ خطوات لضمان التطوير المستمر للبنية التحتية من خلال تنمية المهارات الإدارية، وزيادة حصة القطاع الخاص والاستفادة من مهارات تقنية المعلومات لنشر خدمات الرعاية الصحية وجعلها في متناول الجميع . ومن جهته، قال سانجاي فيغ، العضو المنتدب في ألبن كابيتال: نحن متفائلون بمستقبل قطاع الرعاية الصحية في المنطقة. وعلى صعيد الطلب، وزيادة القدرة على تحمل التكاليف، وما يتعلق بأعراض وأمراض أسلوب الحياة الحضرية، والعلاج منها على حد سواء أكثر تكلفة وأطول، وزيادة تغلغل التأمين يضمن ارتفاعا قويا في الإنفاق على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي. وأما على صعيد العرض، فإن الحكومة تتخذ تدابير لتضمن أن البنية التحتية مجهزة للتعامل مع الطلب المتزايد. وتدرس الحكومة نماذج PPP "مشاركة القطاع الخاص" لتحقيق الكفاءة التي تخفض عبء التمويل، إلى جانب غيرها من التدابير مثل أدواتe-health و m-health . وهناك ندرة في كادر الأطباء الممارسين المؤهلين في المنطقة، وبالتالي سوف يستمر تدفق الممارسين الأجانب في هذا الاتجاه. ويبقى للقطاع الخاص وجود محدود في الصناعة في الوقت الراهن، ولكن سوف يلعب دورا مهما في المستقبل. التوقعات هذا، ويتوقع تقرير ألبن كابيتال أن ينمو سوق الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل سنوي قدره 12% ليصل حجمه إلى 69,4 مليار دولار بحلول عام 2018 بعد أن بلغ 39,4 مليار دولار في عام 2013. ومن المتوقع أن تسهم خدمات الرعاية الصحية للمرضى الخارجيين والمرضى الداخليين بنسب 79 و21% على التوالي من حجم السوق المحلي. ومن المتوقع أن تستمر سوق المملكة العربية السعودية في كونها الأكبر، لتشكل 58.2% من الإجمالي في العام 2018. تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 18.1%. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يتوقع أن تكون قطروالإمارات العربية المتحدة من أسرع الأسواق نموا في الخليج على مدى 2013-2018. ويتوقع أن يزداد الطلب على الأسرّة في المستشفيات بحلول عام 2018 إلى حوالي 115,544 سريراً وهو يزيد بمقدار 11,241 سريراً على الطلب على الأسرّة في عام 2013، وهذا يتماشى مع العرض المتوقع بالنظر إلى المشاريع قيد التنفيذ. المحركات الرئيسية للنمو ويتوقع صندوق النقد الدوليIMF أن يتجاوز عدد سكان المنطقة 50 مليون نسمة بحلول العام 2020، وبالتالي زيادة الإنفاق على خدمات الرعاية الصحية. وقد أدى ارتفاع مستويات الدخل وأنماط الحياة الحضرية إلى ارتفاع معدل انتشار السمنة ومرض السكري ما يزيد الطلب على خدمات الرعاية الصحية المتخصصة. ويتوقع أن يزداد أعداد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما من 1.2 مليون شخص في العام 2015 إلى 14.2 مليون شخص في العام 2050، وهذا بالتالي يزيد الطلب على خدمات الرعاية الصحية. في حين أن النمو في أقساط التأمين في المنطقة يفوق النمو في السوق العالمية، لا يزال تغلغل التأمين واحدا من أدنى المعدلات في العالم. وتشهد المنطقة نهضة عمرانية في المدن والمجمعات الطبية، باستثمارات بمليارات الدولارات والتي تترافق مع زيادة عرض البنية التحتية الطبية، وكذلك رفع جودة خدمات الرعاية الصحية في المنطقة. اتجاهات الصناعة معايير الرعاية الصحية المحسنة تساعد على زيادة طول العمر: مع تحسن وتطور نوعية الحياة بسبب الرعاية الصحية الأفضل، وارتفاع مستويات الدخل، وارتفاع متوسط العمر في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت المنطقة تحسنا في متوسط العمر المتوقع، إلى جانب أنه أصبح لديها واحد من أعلى معدلات طول العمر بالمقارنة مع أقرانهم العرب ومن دول "BRIC". وبلغ متوسط العمر المتوقع في منطقة الخليج خلال العام 2011 حوالي 76,4 سنة مقابل 69,8 سنة للمنطقة العربية ومنطقة BRIC. وحول ما اذا كانت فوائد الرعاية الصحية للموظف مكلفة أكثر في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن أرباب العمل في الشرق الأوسط ينفقون أكثر على الرعاية الصحية من نظرائهم في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا EMEA ( 6.1 ٪ مقابل 3.9٪ ) وهذا ناتج عن تغطية التأمين الشامل. اما اتجاهات التكلفة الطبية لدول مجلس التعاون الخليجي، فهي تشير إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدةوقطر : إن دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الإماراتوقطر، لديها واحد من أعلى معدلات النمو في تكاليف الرعاية الصحية بسبب ظهور تقنيات طبية جديدة، إلى جانب توافر أفضل مرافق الرعاية الصحية. نماذج الشراكة مع القطاع الخاص والى ذلك، يستمر اعتماد نماذج PPP في دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن هي في مرحلة مبكرة. فيما يمكن لنماذج PPP مساعدة الحكومة ليس فقط في تخفيف العبء المالي، بل وأيضا تحسين جودة ونطاق الخدمات وكذلك تحفيز الابتكار. وحول المناهج الجديدة لإدارة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فإن حكومات دول مجلس التعاون تدرك بشكل متزايد مزايا التكنولوجيا في الحد من تكلفة الرعاية الصحية وتحسين جودة ونوعية الخدمات. ومن بين الفوائد الأخرى للتكنولوجيا الرقمية الاستشارة الطبية على الانترنت والتشخيص الذاتي. علاوة على ذلك، الخدمات الصيدلانية على الإنترنت التي تقلل الوقت المستغرق لتوصيل الأدوية. وهناك اتجاه آخر في إدارة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وهو بداية ظهور نموذج accountable care الرعاية المسؤولة التي يجري اختبارها في دول مجلس التعاون الخليجي. في ظل هذا النظام، تقع المسؤولية المالية بشكل أكبر على عاتق مقدم الرعاية الصحية للحد من النفقات غير الضرورية وتوفير حرية أكبر للمرضى لتحديد الخدمات الطبية. وإذا كان الإنفاق على تقنية المعلومات الخاصة بالرعاية الصحية في ارتفاع، فإن هذا الارتفاع في الإنفاق يقدر على تقنية المعلومات الخاصة بالرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي من 444 مليون دولار أمريكي في عام 2011 إلى 551 مليون دولار بحلول عام 2015، مع اعتماد السجلات الصحية المتكاملة في شكل إلكتروني، من خلال مختلف الحكومات في المنطقة. نمو السياحة الطبية وعلى الرغم من بروز العديد من وجهات السياحة الطبية خاصة في آسيا، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان وهي الآن من بين المتنافسين في الاستفادة من الإمكانيات المتنامية للسياحة الطبية مع الحكومات التي تقدم تسهيلات خاصة لتشجيع هذا الاتجاه . هذا وقد تم التركيز على الرعاية المتخصصة عندما تم إطلاق مستشفيات متخصصة، مثل مركز السدرة للطب والبحوث، ومستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، وغيرها.. وذلك للحد من التوجه للعلاج التخصصي في الخارج. أما مراكز اللياقة البدنية والرعاية التجميلية فقد أصبحت في ازدياد، وقد اختار مجلس التعاون الخليجي أيضا نهج الحياة الشمولية holistic living للتخفيف من المخاطر الصحية، وذلك استدعى افتتاح مراكز لياقة بدنية، والمنتجعات، وكذلك الجراحة التجميلية. وحول الاتجاهات الناشئة في مجال الرعاية الصحية، فان الاتجاهات القادمة في القطاع هي اعتماد نموذج asset light mode الذي يسهل إنشاء منشآت ومرافق طبية جديدة بتكلفة أقل، وتأسيس مستشفيات صغيرة، وتشجيع استخدام العلاج الطبي المحلي الذي يتمتع بجودة في المنطقة. التحديات وفي غضون ذلك، تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي في الغالب على الحكومات لتمويل نفقات الرعاية الصحية، وذلك مع ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، لذا يتوجب على الحكومة زيادة مشاركة القطاع الخاص. كما أن جودة الرعاية الصحية المقدمة لا تزال غير مواكبة لما هو مقدم في الدول المتقدمة التي تحفز المرضى للسبب إلى الخارج، خاصة بالنسبة للعلاجات المعقدة. ونظرا لعدم توافر أطباء ممارسين موجودين داخل بلدانهم، فإن المنطقة تعتمد على المهنيين الأجانب لتلبية الطلب المتزايد. وبسبب عدم وجود دليل توجيهي صارم، لم يتم الوفاء بالحد الأدنى من معايير الجودة. ونتيجة لذلك، فإن سلامة وراحة المرضى على المحك. كما ينتشر هذا التحدي أيضا بين مقدمي الرعاية الصحية العامة. وفي هذا السياق، بلغ تغلغل التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي مستوى وسطيا منخفضا في العام 2012 ليبلغ 1.1 %، مقارنة مع المتوسط العالمي البالغ 6.5٪، ومتراجعة عن غيرها من معايير التأمين الرئيسية كذلك. زيادة التركيز الوقائي إن زيادة التركيز في هذا المجال تساعد على تحسين معايير الصحة وتخفيف الضغوط الناجمة عن الازدياد في التكاليف.. وفي هذا الصدد، يمكن اعتماد نموذج الرعاية المسؤولة للمساعدة في توعية الأطباء بالتكاليف المترتبة على ذلك في كل علاج ودواء. وهذا يمكن أن يساهم في " الاستخدام المفرط " للرعاية الصحية في حالات معينة، وبالتالي، التقليل من تكاليف العلاج. كما ان لتشجيع زيادة مشاركة القطاع الخاص يجب على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وضع سياسات وبيئة تشغيلية أكثر ملاءمة لقطاع الرعاية الصحية الخاص الذي سيخفف من العبء المالي على الحكومة ومشاركتها في الإنفاق الوطني على الرعاية الصحية. ويمكن للشركات الخاصة أن تلعب دورا مهما في توفير الرعاية، بالإضافة إلى تقديم الدعم عن طريق التمويل، واللوازم والإمدادات، وتطوير قطاع التعليم الطبي. ويتطلب وضع إطار مؤسسي تنظيمي مستقل وقوي أيضا للحصول على مشاركة أوسع من القطاع الخاص، لأن مثل هذا الإطار يمكن أن يساعد في تحقيق التوازن المتكافئ بين مقدمي الرعاية الصحية العامة والخاصة وغيرها من خدمات الرعاية الصحية الأخرى. كما أن وجود نظام تنظيمي متوازن يمكن أن يحد من التنافس على العاملين في المجال الطبي بين شركات القطاع الخاص وكذلك الحكومة. وللاقتراب من النظام القائم على تعويض التأمين يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تبتعد تدريجا عن نظام الرعاية الصحية الاجتماعية socialistic healthcare system إلى نظام أكثر كفاءة وفاعلية قائم على السوق من خلال تغطية التأمين الذي سوف لن يخفض اعتماد الرعاية الصحية على الميزانيات الحكومية فحسب، بل ويخلق فرصا متكافئة. وبالتالي، ينبغي على التشريعات الحكومية للتأمين الإلزامي أن تبشر بالخير في رفع نسبة انتشار التأمين في المنطقة، علما بأنها أقل من الدول المتقدمة حاليا . وحول تأسيس بنية تحتية لتطوير التعليم الطبي والتدريب لمعالجة النقص في الأطباء وتقليل الاعتماد على الكوادر الطبية الأجنبية، تحتاج الحكومة إلى مضاعفة جهودها في تدريب المواهب والكوادر المحلية. وبناءً على ذلك، فإن توسيع شبكة كليات الطب يجب أن يأخذ أهمية أكبر في المنطقة. وكذلك يمكن تعزيز تخصص الطب كخيار مهنة مربحة للطلاب يساعد أيضا في جذب عقول أكثر لمعانا وذكاءً لهذا القطاع. جريدة الراية القطرية